تزايد شكوك الألمان في جدوى خطط ميركل لإصلاح أكبر اقتصاد أوروبي
تزايد شكوك الألمان في جدوى خطط ميركل لإصلاح أكبر اقتصاد أوروبي
رغم أنه لم يمر سوى أشهر معدودة على تولى أنجيلا ميركل زعيمة الحزب المسيحي الديموقراطي منصب المستشارية في ألمانيا على رأس حكومة ائتلافية، فإن استطلاعات الرأي تشير إلى تراجع شعبية أول سيدة تتولى منصب المستشارية في ألمانيا بعد تزايد الشكوك في جدوى خطط الحكومة
لإصلاح أكبر اقتصاد في أوروبا. فلم تزد نسبة الألمان الذين يؤمنون بقدرة الحكومة الائتلافية برئاسة ميركل على حل مشكلات البلاد على 32 في المائة، وفقا لاستطلاع أجرته وكالة "إنفراتيست ديماب" ونشرت نتائجه
أمس الأول.
أما الاستطلاع الذي أجراه مركز بوليتباروميتر التابع لقناة "زد.دي.إف" التلفزيونية الألمانية، فإنه يشير إلى تراجع شعبية ميركل باطراد رغم أنها مازالت أكثر السياسيين في ألمانيا شعبية. وتضاعفت نسبة الألمان الذين يرون أن ميركل تؤدي وظيفتها "بشكل سيئ" منذ كانون الأول (ديسمبر) الماضي لتصل إلى 33 في المائة.
المعروف أن ميركل كانت قد هزمت المستشار الألماني السابق جيرهارد شرودر متعهدة بإجراء إصلاحات اقتصادية واجتماعية جذرية بهدف الحد من معدل البطالة المرتفع في ألمانيا الذي يصل حاليا إلى 11 في المائة تقريبا،
وإنهاء خمس سنوات من الركود الاقتصادي. لكن ميركل لم تقدم أي شيء حتى الآن في هذا الاتجاه حتى أن صحيفة "فيلت آم زونتاج" الألمانية راهنت على أنه "لم يعد أحد ينتظر خطة كبيرة".
ولم تتجاوز تحركات ميركل على الصعيد الاقتصادي قرار زيادة حجم ضريبة القيمة المضافة "المبيعات" من 16 في المائة حاليا إلى 19 في المائة مع بدء العام المقبل. والحقيقة أن هذه الزيادة يمكن أن تساعد على الحد من عجز
الموازنة الألمانية الذي بات صداعا لألمانيا في مواجهة الاتحاد الأوروبي الذي يطالب برلين بالتحرك من أجل تقليص هذا العجز إلى الحدود المقبولة وفقا لميثاق الاستقرار النقدي والنمو الأوروبي وهي 3 في المائة من إجمالي الناتج المحلي. في الوقت نفسه يحذر خبراء الاقتصاد من أن هذه الزيادة الجديدة
في الضرائب يمكن أن تمثل ضربة مؤلمة للانتعاش المحدود الذي سجله الاقتصاد الألماني خلال العام الحالي.
فزيادة ضريبة القيمة المضافة يمكن أن تقود إلى تراجع الإنفاق الاستهلاكي للألمان وهو يشكل نحو نصف إجمالي الناتج المحلي لألمانيا ليظل الاقتصاد معتمدا على آلة التصدير كقاطرة للنمو وهي آلة غير كافية لإخراج الاقتصاد الألماني من دائرة الركود. وفي ظل السياسات الاقتصادية الراهنة لحكومة ميركل تراجعت ثقة المستثمرين بالاقتصاد الألماني على مدى الأشهر الخمسة
الماضية وفقا لمؤشر زد.إي.دبليو الذي صدر للأسبوع الماضي. كما تخلت الحكومة عن خطط إدخال المزيد من الإصلاحات على قوانين العمل بما يشجع الشركات الصغيرة على توظيف المزيد من العمال، وهو ما كانت تراهن عليه الحكومة. ورحبت النقابات العمالية بهذا الموقف الحكومي، في حين انتقده قادة
الأعمال.
فالتعديلات الجديدة كانت تهدف إلى زيادة حرية الشركات في الاستغناء عن العمال وتقليص المزايا التي تقدمها لهؤلاء العمال بما يشجع الشركات على تعيين موظفين جدد. كما تواجه الحكومة الألمانية أيضا انقساما حادا بين الحزب المسيحي الديموقراطي والاشتراكي الديموقراطي بشأن إصلاح
نظام التأمين الصحي بما يضمن تفعيل دور القطاع الخاص والحد
من الأعباء التي تتكلفها الخزانة العامة للدولة.
وتزايدت الاتهامات والانتقادات للحكومة الائتلافية في وسائل الإعلام الألمانية حيث نشرت صحيفة "فرانكفورتر الجماينة آم زونتاج" عن أعضاء الحكومة تقول "إنهم لا يملكون أي اتجاه، فهم حتى لن يستطيعوا إجراء الإصلاحات الصغيرة دون أن يقرروا ما هو موقفهم".
ورغم أن المفترض استمرار الحكومة الائتلافية التي انتخبت في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي لمدة أربع سنوات فإن شكوكا كثيرة بدأت تلوح في الأفق بشأن قدرة هذه الحكومة على إكمال فترتها الدستورية.