تباين أداء دول الخليج على مؤشر التنافسية

حققت دول مجلس التعاون الخليجي نتائج متباينة على مؤشر التنافسية الاقتصادية لعام 2010 ـ 2011 ومصدره المنتدى الاقتصادي العالمي. من جملة الأمور المثيرة نجحت قطر في تعزيز ترتيبها بواقع خمس مراتب وصولا للمرتبة رقم 17 ما يعد أفضل نتيجة لأي بلد عربي وإسلامي. كما تمكنت السعودية من التقدم سبع مراتب, حيث حلت في المرتبة 21 عالميا ما يعد ثاني أفضل ترتيب بين الدول العربية والإسلامية. تقليديا، كان الترتيب الثاني من نصيب الإمارات لكنها تراجعت مرتبتين للمرتبة رقم 25 دوليا.
إضافة إلى ذلك، تقدمت عمان بمستوى السعودية نفسه للمرتبة 41 دوليا, وبالتالي أصبحت في المرتبة الرابعة خليجيا بعد أن كانت في قاع الترتيب في السنة الماضية. كما تقدمت الكويت أربع مراتب للمرتبة 31 عالميا. بدورها تقدمت البحرين مرتبة واحدة فقط للمرتبة 37 ما يعد أسوأ ترتيب على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي.

منهجية علمية

حقيقة القول، يتميز تقرير التنافسية الاقتصادية باعتماده منهجية علمية معتبرة بكل المقاييس. تتمثل المنهجية المستخدمة في صياغة مؤشر التنافسية العالمية في جمع المعلومات العامة المتوافرة, إضافة إلى استطلاعات رجال الأعمال، يتم ترتيب الاقتصادات على أساس النتائج التي تحصل عليها في المؤشر المكون من سبع نقاط. بمعنى آخر، يتميز هذا التقرير باعتماده على 12 متغيرا مختلفا, إضافة إلى الاستفادة من المعلومات العامة من جهة, واستقصاء آراء الخبراء من جهة أخرى. كما تشكل الاقتصادات المشمولة في التقرير وعددها 139 بلدا نحو 98 في المائة من قيمة الناتج المحلي الإجمالي في العالم, ما يعني جميع الاقتصادات المهمة.
وبشكل أكثر تحديدا، يعتمد المؤشر على 12 متغيرا موزعا على ثلاثة محاور رئيسة وهي أولا الركائز الأساسية, ثانيا محفزات الكفاءة, وثالثا التطور والابتكار. وتتمثل هذه المتغيرات في المؤسسات، البنية التحتية، الاستقرار الاقتصاد الكلي، والصحة والتعليم فيما يخص محور الركائز الأساسية. في المقابل، يتكون محور محفزات الكفاءة من التعليم العالي والتدريب، كفاءة سوق السلع، كفاءة سوق العمل، تطور سوق المال، الجاهزية التقنية, وحجم السوق. كما يتكون محور التطور والابتكار من ركيزتي تطور الأعمال والابتكار.

أداء نوعي لقطر

عودة لنتائج دول مجلس التعاون الخليجي، جاء ترتيب كل من قطر والسعودية والإمارات أفضل من بعض الاقتصادات العالمية المميزة مثل الصين وماليزيا وكوريا الجنوبية ما يعد إنجازا لبعض الدول الخليجية. في التفاصيل، تمكنت قطر من تحقيق المرتبة 17 دوليا على خلفية نمو الأسواق المحلية، وزيادة كفاءة مجتمع الأعمال الوطني مدعوماً بمبادرات القطاع التجاري لتنفيذ مشاريع حيوية مثل المجمعات التجارية، وتنمية القدرة على الإبداع من خلال نظام التعليم الجامعي ذي المستوى العالمي الذي تدعمه الدولة، وزيادة مراكز الأبحاث المتخصصة. تحتضن المدينة الجامعية فروعا لعدد من الجامعات الأمريكية مثل كورنل في مجال الطب, إضافة إلى كارناجي ميلون وجورج تاون. كما نجحت قطر في الآونة الأخيرة في استقطاب مؤسسات بحثية مرموقة لتنفيذ الأبحاث من قبيل معهد بروكينز الأمريكي.
كما تمكنت قطر من تطوير أدائها على بعض متغيرات المؤشر بشكل غير مباشر من قبيل الصحة على خلفية استثمار السلطة أموالا ضخمة في القطاع في الفترة التي سبقت استضافة العاصمة القطرية النسخة الـ 15 للألعاب الآسيوية في 2006. يشار إلى أن قطر تقدمت بشكل رسمي لاستضافة مسابقة كأس العالم في 2022 وهو ما يعني استعداد الدولة لتوظيف إمكاناتها لتطوير مختلف جوانب البنية التحتية.

تقدم السعودية

بدورها نجحت السعودية في التقدم سبع مراتب ما يعد تقديرا دوليا لأداء الاقتصاد السعودي. يستند التقدم السعودي إلى أسس صحيحة مثل تخصيص 25 في المائة من النفقات العامة للسنة المالية 2010 وقدرها 144 مليار دولار لقطاع التعليم. كما يتوقع أن تعزز السعودية ترتيبها بالنظر لتطورات مثيرة مثل تخصيص 51 في المائة من القيمة المالية لخطة التنمية التاسعة التي تغطي الفترة ما بين 2010 حتى 2014 للأمور المرتبطة بتطوير الموارد البشرية. تبلغ القيمة المالية للخطة 385 مليار دولار بزيادة 67 في المائة عن الخطة السابقة, الأمر الذي يكشف رغبة السلطات السعودية في تحقيق الكثير في فترة قياسية.
من جهة أخرى، تأخر الإمارات مرده التباطؤ في تحديث القوانين المرتبطة بممارسة الأعمال, خصوصا الإعسار والإفلاس وجذب الاستثمارات بالمستوى الذي يناسب تداعيات الأزمة المالية العالمية, فضلا عن معضلة مديونية دبي. عموما، حققت الإمارات نتائج متميزة على بعض متغيرات المؤشر مثل المرتبة الثالثة عالميا بالنسبة لجودة البنية التحتية والنتيجة نفسها فيما يخص تقديم الحكومة لمنتجات التقنية المتقدمة. ويمكن ربط هذا الإنجاز بالافتتاح الجزئي لمترو دبي, الأمر الذي شكل نقلة نوعية في المستوى المعيشي في الإمارة.

ختاما، بمقدور دول مجلس التعاون الخليجي تعزيز قدراتها التنافسية عبر الاستثمار في مجال البنية التحتية مثل الكهرباء وشبكة الطرق وتخصيص أموال كافية للتعليم والصحة وتسهيل وتحديث الإجراءات الإدارية وتشجيع التطوير والبحث العلمي والابتكار.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي