هل اقتراح فنزويلا على "أوبك" يدعم تأمين بوليفيا على النفط؟

هل اقتراح فنزويلا على "أوبك" يدعم تأمين بوليفيا على النفط؟

على الأرجح لن يلقى مثل هذا الاقتراح موافقة باقي الدول "
هذا ما ورد على لسان ممثلي إيران، الإمارات خلال الأيام القليلة الماضية حول أنباء عن نية فنزويلا حث دول "أوبك" على تقليص حجم إنتاجها من النفط خلال اجتماعها المقبل الذي تستضيفه كاراكاس. وأعلن رفائيل راميرز وزير الطاقة الفنزويلي أن مخزون النفط العالمي مرتفع للغاية وأن الحاجة باتت تستلزم تقليص حجم الإنتاج . وتجاوز سعر برميل النفط خلال الأشهر القليلة الماضية حاجز الـ 70 دولارا .
وعلى غرار دول الأوبك الأخرى فبالكاد ستتأثر فنزويلا جرّاء تقليص حجم الإنتاج من النفط ولاسيما وأن فنزويلا تُعتبر أكبر دولة مصدرة للنفط في أمريكا الجنوبية. وسجّل حجم الإنتاج اليومي لفنزويلا حسب بيانات منظمة الطاقة العالمية أخيرا نحو 2.6 مليون برميل من النفط الخام، وبالتالي أقل من الهدف الإنتاجي المخطط له بنحو 18 في المائة بما يعادل 3.2 مليون برميل. وبناءً على المعطيات الرسمية عن فنزويلا، يسجّل حجم الإنتاج نحو 3.3 مليون برميل. ووفقاً لمعطيات منظمة الطاقة الدولية – IEA بالكاد ممكن أن تكون فنزويلا في وضع رفع إنتاجها على المدى القصير. ولهذا على ما يبدو أن ثالث أكبر دولة في إنتاج النفط ترى مصلحة لها في الأسعار المرتفعة.

وتعاني شركة بيتروليوس دي فنزويلا الحكومية للنفط باستمرار بسبب سلسلة إضرابات مستمرة وخسرت الشركة نحو مليون برميل من سعاتها الإنتاجية، حسب ما ورد عن الخبير في شؤون النفط، كويريس كورادي. والارتفاع الهائل في أسعار النفط منح فنزويلا دخلاً قياسيا من النفط برغم الإنتاج المتقلّص. فعندما تسلّم شافيز سلطاته في عام 1998، بلغ سعر النفط أقل من عشرة دولارات، واليوم يزيد على 70 دولارا للبرميل الواحد.
وعقب إحباط إضرابات العاملين في النفط، عزز شافيز قبضته على الشركة التي طالما كانت في السابق بمعزل عن الحكومة، واليوم وزير النفط راميرز هو مدير المجموعة الحكومية في الوقت نفسه. وعلى ما يبدو أن شافيز يضع مجموعات النفط الخاصة تحت رقابة وسيطرة حكومية أشدّ، حيث أملت الحكومة في نيسان (أبريل) الماضي شروطاً تعاقدية جديدة على نحو 30 شركة نفطية، وتضمن هذه الشروط حصة الأغلبية للحكومة من المشاريع كافة. وبالإضافة إلى هذا اتخذ أتباع شافيز المسيطرين على البرلمان قرارات رفع صارخة في الضرائب و المستحقات المالية على الإنتاج النفطي.
ويريد شافيز من خلال استضافته لمؤتمر "أوبك" أن يظهر نفسه في صورة النسخة الحديثة لسيمون بوليفار كمحرّر لأمريكا الجنوبية في مواجهة سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية على ثروات القارة.ويروج شافيز لهذه الصورة خلال جولاته المتكررة بين دول القارة وخارجها مقدما بدائل أخرى مناهضة لمنطقة التجارة الحرة المقترحة من قبل الولايات المتحدة ً. ويمكن الدخل الوفير لفنزويلا بسبب النفط شافيز من توزيع هدايا ترويجية (لنموذج الثورة البوليفية) على دول أمريكا اللاتينية كافة ومنها تقديم النفط بأسعار تمييزية لدول مثل كوبا وغيرها من دول الكاريبي إضافة إلى تقديم معونات مالية للأرجنتين، والإكوادور، ومنتجات صناعية لبوليفيا، ولا أحد يعلم بالضبط، حجم المال الذي ضخّه شافيز إلى الحكومات الأخرى. ولكن بناءً على التقديرات، من الممكن أن يصل حجم المبالغ نحو 20 مليار دولار.
وتتبنى السياسة التجارية الفنزويلية أهدافاً ثورية. ولهذا أعلن شافيز في نيسان (أبريل) الماضي، عن الانسحاب من تجمع دول الإنديز لأن كولومبيا وبيرو المنتميتين للتجمع وقعتا اتفاقية للتجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأمريكية. ورغم كل هذا فلا توجد دولة من دول تجمع الإنديز لها تعاملات تجارية مع الجارة الشمالية مثل فنزويلا نفسها ، فنحو ثلثي إيرادات تصدير النفط الفنزويلي تأتي من الولايات المتحدة الأمريكية نفسها التي تقوم بتزويد فنزويلا بنحو ثلث وارداتها. وفي هذا يقول ألفارو أوريبي الرئيس الكولومبي أن الدول التي لا تملك مخزون نفط ضخم مثل فنزويلا، عليها أن تؤسس أسواقاً ترويجية جديدة لها. ويفضل شافيز الانتماء إلى تجمع دول الميركوسور الذي يضم الأرجنتين و البرازيل، وباراجواي، وأورجواي، برغم أن هذا التجمع لا يحقق لفنزويلا الفوائد نفسها التي تجنيها من تجمع دول الإنديز.
ومن أحبّ برامج شافيز للتوحّد ما بين أقطار أمريكا الجنوبية تحت قيادته البناء المُخطط له لقناة توصيل الغاز العملاقة بامتداد يبلغ نحو سبعة آلاف كيلومتر من ساحل الكاريبي الفنزويلي مروراً بغابة الأمازون البرازيلية حتى سهول البامبا العشبية في الأرجنتين .وتمتلك فنزويلا أعلى احتياطي للغاز في أمريكا اللاتينية وفي المقابل يُعتبر حجم احتياطي الغاز في البرازيل، والأرجنتين شحيحاً للغاية. ويشك أغلب الخبراء، بأن المشروع الذي قد تبلغ تكلفته ما بين 15 إلى 25 مليار دولار، كأغلى مشروع، سيكون بالفعل مجدا اقتصادياً. ولكن على ما يبدو أن حسبة شافيز على نحوٍ آخر: إلى جانب التكاليف، والإيرادات، فإن الاعتبارات الجغرافية الاستراتيجية ذات أهمية بالغة، فعندما ترتبط البرازيل والأرجنتين لأول مرة بالقناة، سيصبح تزويد الطاقة في أكبر اقتصادين في أمريكا الجنوبية متعلّقاً بفنزويلا.
أضف إلى هذا بزوغ تحالف آخر بين شافيز ورئيس بوليفيا الجديد أيفو موراليس الذي تولى الحكم في كانون الثاني (يناير) الماضي وأمن على الفور على قطاع المحروقات في بلاده مما قد يجبر شركات النفط الأجنبية، مثل ريبسول الإسبانية و بيتروبراس البرازيلية، و شركة بريتيش بيتروليوم البريطانية على الانسحاب باستثماراتها بالكامل، ولكن على ما يبدو أن موراليس غير مكترث لهذا بل على العكس فقد أعلن أخيرا عن استثمارات في قطاع صناعة الغاز تبلغ تكلفتها نحو 1.5 مليار دولار في بوليفيا.

الأكثر قراءة