دبلوم المعاهد الصحية الأهلية .. القضية المتفجرة!

دبلوم المعاهد الصحية الأهلية .. القضية المتفجرة!
دبلوم المعاهد الصحية الأهلية .. القضية المتفجرة!
دبلوم المعاهد الصحية الأهلية .. القضية المتفجرة!
دبلوم المعاهد الصحية الأهلية .. القضية المتفجرة!

فجأة دون مقدمات برزت القضية .. البداية قرار من وزارة الصحة قالت فيه إنها لن تقبل خلال ثلاث سنوات خريجي المعاهد الصحية من حملة الدبلوم. الحجة التي ساقتها الوزارة منذ البداية كانت الحرص على صحة المريض وسلامته, الذي هو همها الأول والأخير, وهو هم لا يلومها أحد في الحرص عليه وتطبيق أعلى المعايير لتنفيذه. هي تقول – أي الوزارة – إن تكاثر الأخطاء الطبية نتيجة طبيعية لتدني مستويات مخرجات هذه المعاهد، لدرجة أن كثيرا من دول العالم ألغتها وبدأت أو هي انتهت بالفعل من اشتراط حصول الخريجين على شهادات البكالوريوس للعمل في قطاعاتها. قول لا يمكن أيضا لأحد الاعتراض عليه .. وهل عايشنا أصعب من الأخطاء والطبية وفداحتها .. أليس من حق وزارة الصحة حماية المرضى، ورفع كفاءة الجهاز الطبي بكل تخصصاته، ألا نلوم وزارة الصحة لو كنا ضحية لخطأ ما من فني لا يستحق (مهنيا) مكانه.
لكن في المقابل أليس من حقنا أن نعرف كيف أثبتت وزارة الصحة أن المعاهد هي المتورطة في تدني مستوى الخدمات المقدمة للمرضى؟ ثم ألا يمكن تطوير مستويات الخريجين من خلال رفع كفاءة المعاهد وقدراتها بحيث تساعد على تغطية العجز المتراكم في الممرضين الذين نستقدمهم من شتى بقاع الأرض؟ والسؤال الأكثر إلحاحا ألا يوجد في أروقة مستشفيات وزارة الصحة ممن هم خريجو هذه المعاهد وممن أثبتوا كفاءة عالية في العمل بشهادة الوزارة نفسها؟

#2#

#3#

على الطرف الآخر, ما ذنب ملاك المعاهد الذين دفعوا الملايين لفتحها، وسهروا الليالي لتدشينها، أو ليست تحت إشراف هيئة تخصصية تضع المناهج وتراقب التطبيق. هكذا خلال يوم واحد يتحول كل شيء ويخرجون من السوق دون موافقة أو مناقشة أو حل. في المقابل لماذا هذا التعلل من الملاك في تعديل أوضاعهم؟ ما الذي يمنع من التوافق مع متطلبات وزارة الصحة إذا كانت هي الوجهة الأولى لخريجيهم.
على الطرف الثالث – ونقصد هنا الطلاب – ما ذنبهم إذا كانت الجهات الحكومية والأهلية على خلاف حول أمر المعاهد .. ألا تعلق هذه المعاهد على لوحاتها ما يشير إلى اعتمادها من الحكومة وتشرف عليها جهات رسمية؟ ماعلاقة الطلاب بهذا الخلاف؟
أسئلة كثيرة يعجز المكان عن الإحاطة بها, لكن المهم لدينا هو البحث عن أجوبة وحلول ومصلحة وطن ومواطن. في ملفنا الذي طرقنا فيه كل الأبواب، حاولنا الوصول إلى الحقيقة من كل الأطراف المعنية. أعطينا الجميع حرية إبداء الرأي وتبرير وجهة النظر.. دون أن يكون لنا رأي نفرضه على أحد .. رأينا أن يكون لقارئنا الحكم .. إلى التفاصيل:

القرار سيؤثر في الرعاية الصحية

في البداية، يستهل الدكتور زهير بن أحمد السباعي أستاذ طب الأسرة والمجتمع، الحديث مقدما شكره لوزارة الصحة على اهتمامها بتطوير القوى البشرية الصحية، معلقا على القرار بأنه على الرغم من حرص الوزارة على التطوير إلا أنه كان يتمنى أن يدرس القرار قبل أن يصدر، وقال «إن القرار سيكون له تأثير سلبي في مستوى الرعاية الصحية وسندرك آثاره بعد سنوات من الآن عندما نجد أن نسبة الفنيين الصحيين تدنت وأصبحنا في حاجة إلى الوافدين أكثر من الآن».

رفع كفاءة الخريجين

بررت وزارة الصحة قرارها ذلك بأنه يستهدف رفع جودة الخدمات المقدمة للمرضى والمراجعين، إضافة إلى رفع كفاءة الخريجين والتقليل من الأخطاء الطبية ـ وحول ذلك أكد الدكتور زهير السباعي أن رفع كفاءة الرعاية الصحية وتقليل الأخطاء الطبية يأتي بمجموعة من الإجراءات منها تحسين الإدارة وبخاصة تطبيق اللامركزية, ورفع مستوى الأطباء وبقية أعضاء الفريق الصحي بالتدريب المستمر, وتطوير المستشفيات والمراكز الصحية. وقال «أما تطوير خريجي المعاهد فهو أمر مطلوب ونرحب به بل نؤكد أهميته, ويأتي أساسا بالتدريب المستمر على رأس العمل, وتطبيق نظام التجسير.

المعاهد والكليات
تكمل بعضها

وحول نظام التجسير الذي تدعو إليه الوزارة, وتحث حملة الدبلوم على الاتجاه إليه, وأنه متبع في مختلف دول العالم، قال السباعي «إننا نرحب بالتجسير ونتطلع إليه، ونشكر الوزارة على هذه الخطوة الرائدة التي تبنتها، مبينا أن التجسير هو أن يدرس حامل الدبلوم للحصول على البكالوريوس، بيد أن الوزارة تشترط أن يترك الدارس عمله ويتفرغ للدراسة الجامعية، ونحن نقول إن التجسير في كل أنحاء العالم يتم والدارس على رأس العمل، وإلا فمن الذي سيصرف عليه وعلى أسرته؟»
وعن المهلة الممنوحة للمعاهد الصحية الأهلية وهل كانت كافية، أطلق السباعي عدة تساؤلات، كيف يتسنى للمعاهد أن تتحول إلى كليات؟ ولماذا تتحول إلى كليات إذا كان كل منهما يؤدي دورا مكملا للآخر؟ وإذا كان في أمريكا حملة الدبلوم من العاملين الصحيين أكثر من حملة البكالوريوس؟ فهل نحن سنكون أفضل من أمريكا؟
#4#

الاستغناء عن المعاهد
غير منطقي

على الطرف الآخر، ترى الدكتورة عائشة محمد المانع المدير التنفيذي لكلية ومعهد المانع ونائبة رئيس لجنة المعاهد الصحية في الغرفة التجارية الصناعية، أن القرار غير مدروس، حيث تقول إنه لم يراع حاجة القطاع الصحي وبخاصة المستشفيات لعمل هؤلاء الخريجين، كما أن هذا القرار من شأنه أن يحدث خللا في نظام وبنية التعليم الفني والمهني في المملكة، وقد يترتب عليه نتائج سلبية كثيرة في المستقبل، فمن غير المنطق الاستغناء عن المعاهد الصحية كمرحلة تعليمية، ومن غير المعقول توجيه جميع خريجي الثانوية العامة للالتحاق بالجامعات والكليات دون المعاهد وذلك لاختلاف قدرة الطلبة على التحصيل من جهة، ولعدم استيعاب الجامعات والكليات جميع أعداد الطلبة المتخرجين، وعليه فلا يمكن إلغاء أو شطب المعاهد الصحية الأهلية من خريطة المؤسسات التعليمية, لأن ذلك سيقود كما أسلفنا إلى اختلال في بنية النظام التعليمي في المملكة.
التشديد على المعاهد التجارية

وعن تبريرات «الصحة» لقرارها المنتظر تطبيقه مطلع 2013، ترى الدكتورة عائشة المانع، أن تبرير الوزارة لقرارها بحجة أنه يستهدف رفع كفاءة الخريجين تبرير في غير محله، وهي بذلك تحاول حل المشكلة بمشكلة أكبر، فرفع كفاءة خريجي المعاهد الصحية لا تكون من خلال اتخاذ القرار بعدم الاعتراف بمؤهلهم الدراسي كخريجي معاهد، وإنما بالوقوف على الأسباب الحقيقية وراء تدني مستوى تحصيل الطلبة والسعي لرفع مستوى البرامج والمخرجات العلمية للمعاهد الصحية والتشديد على بعض المعاهد (تجارية الطابع) والتي تقف وراء تلك المشكلة، وربط منح أو تجديد الترخيص للمعاهد بتحقيقها لمعايير جيدة لمخرجاتها التعليمية، إلى جانب عدم التساهل في منح تراخيص وتفعيل دور الهيئة السعودية للتخصصات الصحية الإشرافي والرقابي.
وأضافت المانع «أن احتمال وقوع الأخطاء الطبية لا يشكل مبررا لإلغاء مرحلة تعليمية مهمة وأساسية في جسد القطاع التعليمي، حيث لا علاقة البتة لها بذلك، فالأخطاء الطبية تحدث عندما يكلف الشخص غير المؤهل بأداء وظيفة غير مؤهل لها وهذه تتحملها إدارة المؤسسة الصحية التي سمحت له بذلك».

التجسير ليس حلا

إلى ذلك، أكدت المانع أنه لا يمكن الخلط بين نظام التجسير وهو النظام الذي يسمح لخريجي المعاهد بمتابعة تحصيلهم العلمي للحصول على درجة البكالوريوس، وبين قرار الوزارة القاضي بإيقاف تعيين خريجي المعاهد الصحية الأهلية، حيث إن اعتماد الوزارة لنظام التجسير هو مطلب عام يخص العديد من الطلبة الطامحين إلى استكمال تحصيلهم العلمي العالي وتطوير أنفسهم وهو يصب في مصلحة هؤلاء الطلبة، ولكنه لا يشكل حلاً عادلاً ومناسبا لقرار الوزارة بوقف تعيين خريجي المعاهد الصحية الأهلية، إذ لا يمكن وضع هذه الشريحة العريضة من الطلبة من خريجي المعاهد الصحية أمام خيار إلزامي إما باستكمال دراستهم بنظام التجسير للحصول على درجة البكالوريوس، أو البقاء على قارعة الطريق باسم عاطل عن العمل. ونعود لنذِّكر بأن المؤسسات الصحية هي في حاجة ماسة إلى فنيي المعاهد الصحية للقيام بالوظائف والأعمال التي لا تحتاج لمتخصصين يحملون درجة البكالوريوس، بل إن الطلب عليهم في تزايد خاصة مع وجود قطاع واسع من العمالة الوافدة يعمل بتلك التخصصات.

الحاجة ماسة للدبلوم

وحول المهلة التي منحت للمعاهد، قالت المانع، إن الانتقاد موجه إلى مضمون قرار الوزارة القاضي بحرمان خريجي المعاهد الصحية الأهلية من العمل في القطاع العام والذي يعتبر غير مقبول من قبل جميع المعاهد الصحية الأهلية، ولهذا فإن الحديث عن أي مهل غير ذي جدوى، فأيا كانت المهلة الممنوحة لتطبيق القرار فهي مرفوضة لأن القرار بحد ذاته مرفوض ونتمنى من صنَّاع القرار العودة عنه، مكررين ومؤكدين حاجة القطاع الصحي الماسة إلى حاملي هذا المؤهل الذين كان بالإمكان معالجة مستواهم التعليمي وأدائهم الوظيفي من خلال إعادة تقييم المخرجات التعليمية لجميع المعاهد والتركيز على التدريب العملي للطلبة، وأخذ الهيئة السعودية للتخصصات الصحية المبادرة بتحمل المسؤولية لتقوم بواجب الإشراف الحقيقي وليس الشكلي على تلك المعاهد، ويا حبذا لو أعطي الإشراف على تلك المعاهد لإدارة التعليم العالي, واقتصر دور الهيئة السعودية للتخصصات الصحية على منح التراخيص المهنية.

القرار يحتاج إلى مراجعة

من جهته، يرى الدكتور يحيى بن حمزة الوزنة رئيس مجموعة معاهد إعداد الكوادر الصحية، أن قرار وزارة الصحة عدم قبول وتوظيف حملة الدبلوم من خريجي المعاهد الصحية الأهلية قرار يحتاج للمراجعة ولمزيد من البحث والتدقيق, وتكاتف الجميع للوصول إلى قرار مناسب فيه مصلحة الوطن والمواطن، وقال «على الرغم من موافقتنا الكاملة على توظيف حملة البكالوريوس على أن يكون جنبا إلى جنب مع حملة الدبلوم الأكفاء».

الاهتمام بالمعاهد مطلوب

وحول ما أشارت إليه وزارة الصحة في دواعي اتخاذ قرارها، رفض الدكتور يحيى الوزنة قصر تدني مستوى الخدمات المقدمة للمرضى، وارتكاب الأخطاء الطبية على خريجي المعاهد الصحية الأهلية دون غيرهم، وقال «نرى ونسمع عن تلك الأخطاء تحدث وبالنسبة نفسها تقريبا من الجميع سواء كانوا سعوديين أو غير سعوديين وفي مختلف دول العالم، لكن علينا جميعا أن نهتم بمخرجات المعاهد وأن تستمع الوزارة لمشكلاتهم وتحاول حلها، كذلك نتمنى من الوزارة مشاركة المعاهد في القرار لا أن نفاجأ بمثل هذه القرارات».

الاعتماد على الدبلوم أكبر

وعن نظام التجسير الذي تنادي به وزارة الصحة، قال الوزنة «نظام التجسير متبع في مختلف دول العالم، لكن لا توجد دولة في العالم تعتمد اعتمادا كليا على خريجي البكالوريوس دون خريجي الدبلوم, بل إن نسبة اعتماد المستشفيات على خريجي المعاهد تصل إلى 80 في المائة في معظم دول العالم؟
وحول المهلة الممنوحة للمعاهد الصحية، أوضح أن المهلة ليست هي فقط المشكلة، بل الأهم هو مشاركة ومناقشة المعاهد في هذا القرار، حيث قمنا بإرسال عدة دراسات تثبت احتياجات المملكة لهؤلاء الخريجين وأن معظم الدول تعتمد على خريجي الدبلوم جنبا إلى جنب مع خريجي البكالوريوس لكن لم يستمع أحد إلينا».

الأكثر قراءة