المكسيك تستغل إيراداتها النفطية لتمرير خطط إعادة الهيكلة

المكسيك تستغل إيراداتها النفطية لتمرير خطط إعادة الهيكلة

توصّلت حكومة المكسيك إلى أن الدخل الإجمالي المرتفع في تصدير النفط سيعمل على التخفيف من وطأة خطط الحكومة بالمضي قدما خطط إعادة الهيكلة الشاملة في البلاد. تُعتبر المكسيك خامس أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم. أكثر من نحو ثلث الدخل الحكومي، ونحو 9 في المائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي، مرتبط بصناعة المواد الخام العامة، من بينها المجموعة الحكومية، بيميكس - Pemex . لكن وزير المالية المكسيكي فرانسيسكو جيل دياز ذكر بضرورة خطط إعادة الهيكلة للضريبة الشاملة، والطاقة، والتأمين التقاعدي بهدف تأمين القدرة التنافسية للدولة في الأوقات الصعبة أيضاً.
وعلى سبيل المزاح يشاع في الأوساط المالية المكسيكية أنه نظراً لدخل النفط الكبير و السياسة المالية المنتظمة لبنك المكسيك المركزي فإنه يمكن للمكسيك الآن الإيفاء بشروط اتفاقية ماستريخت للانضمام إلى منطقة اليورو. و تُعتبر ميزانية الحكومة معتدلة، ولا تسجّل المديونية بنحو 22 في المائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي. والتضخّم، والذي سجّل عام 2000 نحو 9 في المائة، بنسبة 3 في المائة، ووصل احتياطي الأرباح إلى ارتفاع قياسي، بنحو 70 مليار دولار، ويرتفع لأول مرة منذ إيفاء الديون، وإعادة تجميع المديونية الخارجية الخالصة المنخفضة إلى حدٍ كبير. ويعادل عجز الميزان الإنتاجي نحو 0.7 في المائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي، وستتم تغطيته عن طريق الاستثمارات المباشرة المرتفعة. وأصبحت الفوائد لقروض البنك المركزي قصيرة المدى بنحو ما يزيد على 7 في المائة من منزلة واحدة بوضوح، حيث تقلّص معدل الفائدة في الولايات المتحدة الأمريكية (مخاطرة إضافية) إلى 117 نقطة أساسية. بينما تمتّع دائنو المكسيك لدى منظمات التقييم بدرجة الإيفاء (درجة الاستثمار). كما أصبح البيزو ( العملة المكسيكية ) يتمتع بالثبات، وتشير البورصة إلى معدلات قياسية، ويُعتبر الدخل الإجمالي للفرد الواحد بنحو 7500 دولار سنوياً الأعلى في أمريكا اللاتينية.
ويشير هذا العامل الإيجابي، من وجهة نظر جيل إلى ضرورة النظرة إلى التنظيم الجديد ، على سبيل المثال في التزامات التأمين التقاعدي. وفي مقابل نفقات الحكومة الحالية، حيث لم يتم تطويرها بصورة كافية عقب انهيار المالية العامة في أزمة البيزو خلال عامي 1994 و 1995. وحذّر جيل قائلاً: "هذه المساهمات الضخمة جداً نمت أكثر خلال فترة حكمنا، وستنمو بصورة دراماتيكية أكثر". وحتى نهاية الفترة التشريعية المقبلة عام 2012 من الممكن أن يتقلّص النمو في حجم الناتج المحلي الإجمالي بنحو نقطة في المائة على الأقل. ويقول جيل: "أنا أضع وزير المالية المقبل في مكاني، ليتمكن من إيجاد حل لهذه المشكلة".

ولا يمكن للمكسيك من وجهة نظره، أن تنجح مقابل هذه الأعباء، حيث إنها فعلياً تعاني من ضعف ملحوظ في النمو. وبينما نما حجم الناتج المحلي الإجمالي ما بين عامي 1997 و 2000 فعلياً نحو 5.6 في المائة بالمعدل، نما في فترة الكساد الأمريكية ما بين عامي 2001 و 2003 نحو 0.7 في المائة فقط. ومنذ ذلك الحين، تحقق نمو مهم بنحو 3.8 في المائة سنوياً، ولكنه يبقى أقل من بعض الدول النامية الأخرى بوضوح. ويقول جيل: "فقط عندما ننمو بقوة من جديد، يمكننا أن نحقق فرص العمل، وتحسين الدخل الإجمالي، ومحاربة الفقر، وتصحيح شؤون مهام التعليم والأحوال الاجتماعية". وبهدف ضمان نمو اقتصادي قوي، ودخل حكومي إجمالي بصورة موثوقة، على الحكومة المقبلة دفع تلك الجهود، والتقدّم بخطط إعادة الهيكلة الفعلية، حسب ما جاء عن وزير المالية.

المكسيك على مقتبل انتخابات رئاسية و برلمانية في شهر حزيران (يونيو) الحالي. وفي المجلس البرلماني الجديد، الذي سيتسلم مهامه في شهر كانون الأول (ديسمبر) المقبل، لا يمكن لجيل دياز المشاركة مرة أخرى. وهو يبلغ 62 عاماً من العمر، حصل على درجة الدكتوراه في مجال الاقتصاد في شيكاجو، وينتمي إلى حكومة الرئيس الشعبي، فيسينت فوكس، كواحد من أعضاء المجلس البرلماني منذ عام 2000. وهو ليس عضوا في حزب العمل الوطني لفوكس- PAN ، ولكن في الحزب الدستوري الثوري PRI المسيطر منذ عقود من الزمان، وهو اليوم من أهم قوى المعارضة. وعلى غرار ما تمنّى فوكس، لم يتفّهم جيل كسب الحزب الدستوري الثوري في الكونجرس لصالح خطط إعادة الهيكلة. وبما أن حزب فوكس للعمل الوطني، لم يحظ في كلا المجلسين البرلمانيين على أية أغلبية، فشلت العديد من مشاريعه.

وإلى جانب إنقاذ صناديق التقاعد، ينتمي إلى خطط إعادة الهيكلة خطة إعادة هيكلة المالية، التي يشير إليها جيل على أنها لا مفرّ منها. وبالفعل بدا من الناجح رفع حصة الضرائب و الرسوم في حجم الناتج المحلي الإجمالي، ولكن هذه الحصة الضريبية هي الأقل فيما بين دول منظمة التعاون الاقتصادي والتطوير- OECD بعد اليابان. الأسس الضريبية، والطلب، ومبدأ الدفع، من وجهة نظر جيل، هي بالكاد استثنائية في المكسيك، وكذلك لأن رفع ضريبة القيمة المضافة، والذي بالكاد يعمل على فصل الدخل الحكومي الإجمالي من أسعار النفط المتقلّبة، فشل جرّاء مقاومة الكونجرس. ومن المهم مساهمة خطط إعادة الهيكلة في الطاقة، ورأس المال الخاص في الاستغلال الحكومي للمواد الخام، والأرباح، والتجهيز، وللتخفيف من العبء على الشركات الحكومية المثقلة بالضرائب. ويقول جيل محذراً: "لدينا ما يكفي من النفط، وللاستفادة منه في المستقبل أيضاً، ولكن بيميكس ينقصها المال، والبراعة، لتتمكن من الاستفادة من الحقول على المدى البعيد".
ومن وجهة نظره، قد لا تطول فترة هدم البيروقراطية، وتطهير قانون العمل، حيث يستغرق فتح شركة في المكسيك نحو 58 يوماً، وفي تشيلي 27، وفي سنغافورة ستة أيام. ومن الواضح أن تقليص حجم طاقم العمل أصعب بوضوح وأغلى من باقي الدول النامية حيث تبلغ تكلفة هذا بالمعدل نحو 75 أجرا أسبوعيا، لتسريح أحد الموظفين، وفي شيلي نحو 51 أجرا أسبوعيا، وأربعة فقط في سنغافورة. وتُعد النفقات العامة على التعليم و البنية التحتية قليلة للغاية، وتبلغ حصة النفقات الحكومية من حجم الناتج المحلي الإجمالي أقل من القيم في الهند، أو الفلبين، ولا تصل حتى النصف من المعدل الأوروبي. ومنح القروض الضئيلة، التي تشهد الكثير من الانتقاد غالباً للشركات الصغيرة والمتوسطة.

الأكثر قراءة