البنوك الإسلامية تواجه تحديات المخاطر التشغيلية

البنوك الإسلامية تواجه تحديات المخاطر التشغيلية
البنوك الإسلامية تواجه تحديات المخاطر التشغيلية
البنوك الإسلامية تواجه تحديات المخاطر التشغيلية

تواجه البنوك الإسلامية تحديات مشابهة لتلك التي تواجهها البنوك التقليدية فيما يتعلق بالمخاطرالتشغيلية. إلا أن البنوك التي تعمل وفقاً للشريعة تواجه تحديات أكثر تعقيداً نظراً لاختلاف الأنشطة المالية ومعالم العقود التي تبرمها. وتتعرض البنوك الإسلامية إلى عديد من المخاطر التي يمكن أن تؤثر بشكل كبير في عملياتها ــ كما يؤكد تحليل لهيلمون إزهار Hylmun Izhar المحاضر في الاقتصاد الإسلامي في معهد ماركفيلد ببريطانيا.

ويشير إلى أن اتفاقية بازل II تعرّف المخاطر التشغيلية بأنها خطر الخسارة الناتجة عن عدم دقة أو فشل العمليات الداخلية، أو العاملين، أو الأنظمة، أو من أحداث خارجية. وينطبق هذا التعريف على المخاطر التشغيلية في البنوك الإسلامية، ويضاف إليها الخسائر الناجمة عن عدم توافق المنتجات المالية مع الشريعة، أو الإخلال بمسؤوليات الاستئمان وذلك طبقاً لمعايير مجلس الخدمات المالية الإسلامية.

وينتج عدم توافق المنتجات المالية مع الشريعة عن فشل البنك الإسلامي في الامتثال لقواعد الشريعة التي توضحها الهيئة الشرعية في البنك. وفي هذه الحالة فإن تلك الصفقات يتم إلغاؤها وهو ما يؤدي بدوره إلى خسائر محققة.

كما أن الإخلال بمسؤوليات الاستئمان يؤدي إلى تدهور سمعة البنوك الإسلامية. وتعمل الأضرار المتعلقة بالسمعة على انسحاب العملاء مما يهدد بأزمة سيولة. كما قد تؤدي إلى توقف المستهلكين عن طلب تمويل من البنوك الإسلامية؛ وهو ما ينتج عنه انحسار في أرباح تلك البنوك. وللحفاظ على سمعة البنك فإنه يحتاج إلى التيقن من مطابقة منتجاته للشريعة، وأن يبقي على دوره الاستئماني فاعلاً.

وتحتاج إدارة المخاطر التشغيلية في البنوك الإسلامية إلى مزيد من الفهم لمصادر تلك المخاطر التي يمكن أن تحدث من خلالها الخسائر. وإضافة إلى مخاطر غياب التوافق مع الشريعة وتأثر الاستئمان فإن هناك عديدا من المخاطر التي قد تتعرض لها البنوك الإسلامية مثل المخاطر البشرية، والتكنولوجية، والقانونية.

المخاطرالبشرية(مخاطرالعاملين)

على الرغم من عدم وجود دراسات تهتم بهذا النوع من المخاطر؛ إلا أن هذا لا يمنع كونه من التحديات الكبيرة.

ويرى المحللون أن التطور الذي تشهده صناعة التمويل الإسلامي لا يواكب أعداد الأشخاص الذين يديرون هذا النوع من الأعمال. وقد نالت تلك المسألة اهتماماً واضحاً خلال السنوات السبع الماضية حيث اهتم الخبراء بإثارتها مراراً كما فعل وارين إدواردز وإليزابيتث جاكسون مور. ويلاحظ أن أبعاد المخاطر البشرية في البنوك الإسلامية أكبر منها في البنوك التقليدية نظراً لأن المسؤولين في البنوك الإسلامية مطالبون بالإلمام بكل من المنتجات المصرفية التقليدية ومتطلبات التمويل الإسلامي في آن واحد. وتبدو الحاجة ملحة في قطاع المصرفية الإسلامية إلى كوادر مؤهلة في مجال تطوير وابتكار المنتجات، وإدارة المخاطر، والتنظيم، والإشراف. ويجب على هؤلاء أن يكونوا ملمين بكل من العمل المصرفي والشريعة الإسلامية.

وفي الوضع الحالي يمكن للكوادر البشرية أن تسهم في المخاطر التشغيلية، حيث إن أحد أهم الأسباب هو غياب الأشخاص المدربين على عمليات التمويل الحديثة وفقه المعاملات. وفي أغلبية الأحيان تقوم البنوك الإسلامية بتوظيف علماء شريعة، الذين يجدون بدورهم صعوبة في فهم آليات التعاملات المصرفية الحديثة. وفي الوقت نفسه يكون من الصعوبة بمكان إيجاد خبراء اقتصاديين ملمين بفقه المعاملات بصورة كاملة.

مخاطر تكنولوجية

في الوقت الراهن تعتمد العمليات المصرفية في البنوك الإسلامية على التكتولوجيا بشكل شبه كامل. ويعتمد نجاحها بصورة كبيرة على قدرتها على توفير قاعدة بيانات ضخمة، واتخاذ قرارات في الوقت المناسب لتلبي احتياجات العملاء وتكون مواكبة لتغيرات الصناعة. كما أن الاستخدام المتقدم لتكنولوجيا المعلومات يعد مظهراً جديداً للمنافسات المحمومة حالياً في مجال المصرفية الإسلامية. وقد أصبح نجاح بنك إسلامي مرهوناً بمدى قدرته على الاستفادة من استخدام التقنيات المتوافرة لديه في مجالات العمل كافة. بينما يؤدي العجز عن مواكبة تلك التطورات إلى سقوط تلك البنوك أمام منافسيها في السوق المصرفية. ولهذا فإن كل بنك إسلامي يجب أن يقوم بعملية تطوير مستمرة يتم فيها تحسين واختبار التقنيات المتوافرة لديه؛ وذلك كي يكون قادراً على تلبية متطلبات العملاء، وللتعامل بفاعلية مع متغيرات السوق.

المخاطر القانونية

أصبح إدراج المخاطر القانونية ضمن مخاطر التشغيل موضوعاً للجدل بين الأكاديميين والمصرفيين. ويرجع هذا إلى الصعوبات التي تواجه تعريف تلك المخاطر. وثمة سبب آخر؛ وهو أن المخاطر القانونية لها تاثيرات لا يمكن توقعها على الرغم من أنها يمكن أن تحدد الخسائر التي قد يتحملها البنك. ويوجه انتقاد لاعتبار المخاطر القانونية من مخاطر التشغيل؛ وذلك لأنها ليست واضحة كما أنها ليست مقبولة عالمياً.
#2#
إن تأثير المخاطر القانونية على البنوك الإسلامية حيوي لا يمكن تجاهله. وقد تظهر هذه المخاطر من خلال حالة التشكك في القوانين، أو عدم وجود نظام قانوني موثوق به لتنفيذ العقود المالية، أو عدم اليقين القانوني من تفسيرات تلك العقود، وعدم توافر خبراء قانونيين، وأخيراً التعرض لتغيرات غير متوقعة في القوانين أو التنظيمات.

كما أن بعض المراقبين يشيرون إلى أن هناك عديدا من الجوانب التشغيلية في أنشطة المصرفية الإسلامية لا تغطيها قوانين خاصة بها؛ وهو ما يؤدي إلى مخاطر قانونية لتلك البنوك. ويرجع هذا إلى حقيقة أن معظم البنوك الإسلامية حالياً تعمل من خلال بيئة قانونية وعملية متشابهة. إضافة إلى هذا فإن بعض عقود المنتجات المطابقة للشريعة يمكن أن تزيد من المخاطر القانونية. وعلى سبيل المثال؛ في حالة صفقات المرابحة يكون على البنك أن يشتري منتجا ما لبيعه على مراحل متعددة. وتستغرق كل خطوة منها وقتاً وتتضمن اتفاقيات تعاقدية جديدة؛ مما يفتح الباب أمام مزيد من الخلافات والتعقيدات.

الأخطار:الأحداث والنتائج

إن تعقيد مقاييس المخاطر التشغيلية يتعلق ببعدين لتلك المخاطر. الأول: "التذبذب العالي ــ الخطورة المنخفضة" HF-LS والآخر: "تذبذب منخفض ــ خطورة عالية" LF-HS.

إن ما يجعل تحليل المخاطر التشغيلية تحدياً كبيراً هو اتساع الأخطاء التشغيلية بما في ذلك الأخطار، والأحداث، والنتيجة. ويعتمد تحليل إدارة مخاطرالتشغيل الحديث على إطار عمل متعدد الأبعاد يركز على بُعد الحدث كنقطة بداية للتحليل ــ بحسب ما يطرحه على صمد خان رئيس شركة أوبريسك لاستشارات إدارة مخاطر التشغيل.
#3#
وقد يحدث نوع من الفوضى بالنسبة لمخاطر التشغيل؛ وذلك بسبب التفرقة بين نوع الخطر، ونوع الحدث، ونوع الخسارة (النتيجة). وعندما تقوم البنوك بتسجيل بيانات الخسارة التشغيلية فإنها تسجلها بمفردها تبعاً لنوع الحدث ونوع الخسارة.

ويرى بعض الخبراء أن التمييز بين الأنواع الثلاثة يخضع لعلاقة السبب/التأثير. فالخطر يشكل عاملا أو أكثر يزيد من احتمالية وقوع حدث ما. أما الحدث فيؤدي مباشرة إلى تأثير ما أو أكثر (خسائر). بينما الخسارة تشكل حجم الأضرار المالية التي نتجت عن الحدث. وهذا يعني أن كل خسارة يجب أن تكون مرتبطة بحدث تسبب فيها، وكل حدث يرتبط بضرر أو أكثر تسبب في وقوعه.

وترتبط تلك العوامل الثلاثة بضعف في التحكم الداخلي أو عدم وجود التزام بالإجراءات الداخلية ولا بمبادئ الشريعة الإسلامية.

وتركز البنوك الإسلامية على أصل الأسباب، فعندما تتم صياغة حدث خطر يمكن تعريف الأسباب ومن ثم يمكن تعريف النتائج التي يمكن أن تحدث. وهذه النتائج يجب أن تكون مفهومة سواء أكانت مقبولة أم يمكن تجنبها أو غير ذلك.

ويجب ألا يعد تحليل إدارة مخاطر التشغيل كمهام غير مترابطة، بل يجب أن ينظر إليه كعملية منظمة تندمج فيها المخاطر ذات الصلة ومعلومات التحكم. وهذا التوجه يسهم في تطوير إدارة البنوك الإسلامية لتصنيف يعتمد على تحليل أصل الأسباب، وبربط السبب بأنشطة الأعمال ذات الصلة من خلال تحليل الارتباط على سبيل المثال. وبهذا يمكن استخدام هذا النموذج لمعيار لإدارة مخاطر تشغيل فاعلة.

الأكثر قراءة