زيارة خادم الحرمين للعواصم الأربع تنزع فتيل الأزمة

زيارة خادم الحرمين للعواصم الأربع تنزع فتيل الأزمة

تأتي زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى الأردن في إطار جولة شملت كل من: مصر, سورية, ولبنان، وكانت الأردن المحطة الأخيرة في إطار الجولة التي قام بها العاهل السعودي للمنطقة، وكان الرئيس المصري حسني مبارك قد بحث الأربعاء الماضي في شرم الشيخ مع الملك عبد الله بن عبد العزيز التطورات الأخيرة في المنطقة، ولا سيما سبل دفعِ عملية السلام والوضع في لبنان.
وبحث الزعيمان الأردني والسعودي سبل تعزيز علاقات التعاون بين البلدين في مختلف المجالات, إضافة إلى بحث تطورات الأوضاع المتوترة في المنطقة، والسعي إلى تنقية الأجواء وتعزيز العلاقات العربية. ويشير مراقبون ومحللون سياسيون إلى أهمية القمة الأردنية ـــ السعودية، نظرا للظروف غير العادية التي تمر بها المنطقة, خصوصا ما يتعلق بالقضية الفلسطينية والتوترات الكلامية التي تشهدها الساحة اللبنانية, إضافة إلى الوضع العراقي الذي يعيش مأزق تشكيل حكومة وطنية.
ويشير المحللون إلى أن زيارة خادم الحرمين تعكس مدى التنسيق والتشاور المستمر بين قيادتي البلدين، ومن شأنها أن تجسد وتعزز مسيرة العمل العربي المشترك الذي يمثل الشيء الكثير للبلدين بصفتهما الداعمين الكبيرين لقضاياه المصيرية, وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
إلى جانب أن نتائج القمة ستنعكس إيجابا على العلاقات الثنائية بين البلدين، اللذين تربطهما علاقات ودية أخوية جمعتهما الاهتمامات المشتركة والمصالح المتبادلة والجوار الجغرافي. وتعكس زيارة خادم الحرمين الشريفين, وهي الثانية له للأردن، حجم التعاون والتنسيق بين البلدين حيال القضايا العربية المشتركة، وتؤكد الزيارة أهمية التواصل والتشاور المستمرين، إذ إن هذه القمة تأتي في وقت تشهد فيه المنطقة تطورات تقتضي توحيد المواقف العربية وتكثيف الجهود، بما يخدم العملية السلمية واستئناف المفاوضات، وهو ما تسعى إليه قيادتا البلدين، اللتان تدركان أهمية عامل الوقت في التوصل إلى نتائج إيجابية بما يخدم القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني, وعلى رأسها إقامة دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني.
كما ينظر إلى زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى الأردن والمنطقة، من زاوية توطيد العلاقات بين البلدين، وتأتي في إطار تعزيز التعاون بين البلدين في جميع المجالات، وتعزيز العلاقات بينهما, التي شهدت تطورا كبيرا ونقلة نوعية مميزة في السنوات الأخيرة, حسبما يرى المحللون.
وعلى صعيد متصل, فإن جولة خادم الحرمين الشريفين في كل من: مصر, سورية, لبنان, والأردن, تأتي في سياق تفعيل العمل العربي المشترك والخروج برؤية موحدة حيال عملية السلام ومحاولة تجنيب المنطقة مزيدا من التوترات, خصوصا في الملفين الفلسطيني واللبناني, وهي الزيارة الثانية التي يقوم بها العاهل السعودي إلى سورية في غضون تسعة أشهر. وكانت وسائل الإعلام السورية الرسمية قد ذكرت أن الرئيس السوري والعاهل السعودي أجريا محادثات حول العلاقات الثنائية وآخر التطورات على الساحتين العربية والدولية.
كما أشارت تقارير إعلامية إلى أن الزعيمين ركزا على الملف اللبناني، وملف المصالحة الفلسطينية والوضع في العراق، وتأتي زيارة العاهل السعودي إلى سورية في إطار جولة عربية استهلها الأربعاء بزيارة مصر، وتقوده كذلك برفقة الرئيس السوري إلى بيروت في إطار الجهود التي تبذلها السعودية لتهدئة الوضع في لبنان.
وقد أعرب الملك عبد الله والرئيس الأسد عن حرصهما على دعم استقرار لبنان ووحدته، ودعم مسيرة التوافق التي شهدها منذ تشكيل حكومة الوحدة الوطنية خلال مباحثاتهما الخميس في دمشق.
وأجرى الجانبان السعودي والسوري محادثات اتفقا خلالها على "دعم كل ما يسهم في تثبيت استقرار لبنان ووحدته وتعزيز الثقة بين أبنائه". كما أكد الزعيمان أن "الوضع العربي الراهن والتحديات التي تواجه العرب، ولا سيما في فلسطين المحتلة، يتطلب من الجميع مضاعفة الجهود للارتقاء بالعلاقات العربية ـــ العربية، والبحث عن آليات عمل تعزز التضامن وتدعم العمل العربي المشترك".
وجدد الزعيمان التأكيد على ضرورة تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية كونها "ضامنا أساسيا لحقوق الشعب الفلسطيني"، وأشادا بالمواقف "المشرفة" التي اتخذتها تركيا "لنصرة الفلسطينيين وكسر الحصار اللا إنساني المفروض على قطاع غزة". وفي الملف العراقي أكد الزعيمان السعودي والسوري حرصهما على ضرورة تشكيل حكومة وطنية عراقية في أسرع وقت ممكن، تضمن مشاركة جميع الأطياف السياسية وتحفظ عروبة العراق وأمنه واستقراره.
ووصل ظهر أمس إلى لبنان العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس السوري بشار الأسد في زيارة تاريخية، لاحتواء التوتر بسبب القرار الظني بشأن المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري. وكان في استقبال الزعيمين العربيين فور وصولهما مطار رفيق الحريري الدولي الرئيس اللبناني ميشيل سليمان ورئيس الوزراء رفيق الحريري ورئيس مجلس النواب نبيه بري, إضافة إلى أركان الدولة وأعضاء السلك الدبلوماسي العربي المعتمدين لدى لبنان.
وشددت القمة الثلاثية على دعم لبنان واستقراره وأسس التوافق الوطني المستند إلى اتفاق الطائف واتفاق الدوحة, وتبرز أيضا غيرة ومحبة وحرص على لبنان".
كما أكدت القمة على دور وأهمية العمل العربي المشترك والتضامن العربي والحل العادل والشامل والدائم استنادا إلى مبادرة السلام العربية, التي أقرت في قمة بيروت العربية عام 2002 كمرجعية ضمن شروط ومهل.
ويشير المحللون إلى الأهمية البالغة التي تكتسبها القمة الثلاثية التي جمعت بين خادم الحرمين الشريفين والرئيس السوري والرئيس اللبناني, التي تكتسب دلالات خاصة, وهي تاريخية بكل المقاييس, والأهم هو ما بعد هذه القمة وانعكاساتها على الوضع العربي والأجواء في لبنان.
وتجمع مصادر دبلوماسية على أن نتائج زيارتي الملك السعودي إلى القاهرة ودمشق انعكست مباشرة على القمة التي عقدت في قصر بعبدا اللبناني، واعتبرت أوساط عربية ولبنانية حضور الرئيس الأسد في طائرة واحدة مع الملك عبد الله من دمشق إلى بيروت خطوة مهمة لم تكن لتتم لو لم يكن هناك أمل في تحقيق نتائج تتعدى التهدئة التي أنتجتها اتصالات دمشق والدوحة مع حزب الله ونصائح الرياض لاحتواء التوتر الذي نجم عن التراشق الإعلامي حول المحكمة خلال الأسبوعين الماضيين.
وبحسب المحللين, فقد كان هناك تباين داخل لبنان, إذ تعتقد قوى "8 آذار", أن القمة التي عقدت أمس في بيروت ربما تسعى إلى تأخير صدور القرار الظني عن المحكمة الدولية الموكلة بالتحقيق في جريمة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، فيما ترفض أوساط رئيس الحكومة سعد الحريري ما يشاع، واضعة الزيارات العربية في إطار التعبير عن الدعم العربي الدائم للبنان؛ ويخشى المراقبون أن يعيد مثل هذا الاتهام لبنان إلى أجواء التوتر السياسي والطائفي الذي كان سائدا قبل تشكيل حكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها سعد، نجل رفيق الحريري، ويشارك فيها حزب الله.
وبحسب تصريحات صحافية لرئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري: "فإن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس السوري بشار الأسد لبنان، تضفي استقرارا كبيرا في البلد بعد التشنجات الإقليمية". وقال الحريري: "إن هذه الزيارة تأتي في إطار تقوية المبادرة التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين في قمة الكويت الاقتصادية، لافتا إلى أنها تهدف أيضا إلى العمل من أجل المصالحات العربية في وقت تمر فيه المنطقة بتشنجات إقليمية"، والقمة التي عقدت في لبنان تأتي في إطار "التنسيق العربي على جميع الأصعدة لعدم استخدام لبنان حلبة صراع, أو استغلال القرار الظني للمحكمة الدولية أو تسييسه، ما يؤكد أن هناك حرصا عربيا تقوده السعودية لتجنب وقوع أي فتنة في لبنان, والمضي قدما بعملية السلام بما يضمن الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني.

الأكثر قراءة