15 مليار جنيه تكلفة طلاق المصريين
الطلاق هو أبغض الحلال عند الله تعالى، لكنه أحياناً يكون الحل الأخير الذي يلجأ اليه زوجان استحالت الحياة بينهما. وفي زمننا الحاضر قد نرى أن الزوج يتملص من الطلاق ليس لأنه يحب زوجته ولكن لتكلفته الباهظة التي تراوح ما بين 20 ألفا ومليون جنيه، وأحيانا أكثر من ذلك على حسب الطبقة الاجتماعية، وهذا ما أكدته الدراسة الصادرة عن مركز قضايا المرأة المصرية أن تكاليف الطلاق الرسمية في مصر تبلغ 15 مليار جنيه.
وأكدت الدراسة أن الدولة تتحمل سبعة مليارات و750 مليون جنيه تقريبا من خلال مصروفات التقاضي ومرتبات القضاة والنيابة العامة والخبراء والمستشارين والعاملين في النيابة العامة من سكرتارية وموظفين وإداريين، هذا فضلا عن تكلفة الحراسات الأمنية الضرورية للمحاكم أثناء نظر هذه القضايا وأثناء تنفيذ الأحكام المتعلقة بالأحوال الشخصية، خاصة في قضايا قائمة المنقولات والنفقة ومصروفات المحاكم وأتعاب المحامين، هذا فضلا عن أن السكن الجديد يستلزم شراء الأدوات اللازمة للحد الأدنى من المعيشة مثل الأساس والأدوات الكهربائية والمنزلية وبالتالي يستلزم ذلك استهلاك إضافي للمياه والكهرباء والغاز الطبيعي والنقل والمواصلات وجميع هذه الخدمات مدعومة من الدولة بمبلغ يصل إلى 40 مليار جنيه وهو ما يعني اقتطاع جزء جديد من السلع والخدمات المدعومة من الدولة.
وتشير الدراسة إلى أن للطلاق تبعات مادية كبيرة وضغوطا حياتية شبه يومية، فإن كانت الزوجة في وضع مالي مريح وميسور، أو لديها ما يمكن أن تزاول به عملا مهنيا أو حرفيا، كان ذلك سندا لها في مقابلة تلك الالتزامات، أما إن كانت في وضع مادي ضعيف، وليس لديها خبرات أو شهادة تتكسب بها فإن الضغوط تزداد عليها؛ وهو ما يؤثر سلبيا في نظرتها لذاتها ويقلل من دورها الإيجابي في الحياة نتيجة قلة الموارد الموجودة لديها.
يجمع علماء النفس والاجتماع على تفهم أن يدفع شخص مبالغ طائلة للتخلص من شخص لا يرغب في البقاء تحت سيطرته أو لمجرد استعادة الحرية التي سلبت منه، غير أنهم يبدون تعجبهم من الرجل الذى يمتنع عن الطلاق لارتفاع تكاليفه ويبررون ذلك بأن الرجل لا يريد أن يخسر ما أنفقه وأهمه الشقة التي قد يقضي شبابه في تدبير ثمنها.
ويتفقون مع ما قاله عالم الاجتماع الشهير الراحل الدكتور أحمد المجدوب من أن بعض الحالات التي تقرر لجوءها إلى مثل هذا الحل بأنه رغبة منها فى الحفاظ على استقرار الأبناء وسعادتهم وحمايتهم من التشرد والضياع بأنها رغبة مزيفة. ويتساءل: هل يمكن لمثل هؤلاء الأبناء الذين ينشأون فى مثل هذه الظروف وهذه البيوت أن ينشأوا نشأة سوية، كيف يمكن أن يشعروا بالسعادة فى بيت مليء بالحقد والكراهية والجفاء وعدم المودة أو الرحمة، هل يمكن لفاقد الشيء أن يعطيه؟
وقالت الدكتورة مهجة غالب أستاذة الشريعة الإسلامية في جامعة الأزهر: إن الزواج علاقة سماوية وشرعية يسهم فيها شخصان الرجل والمرأة، فكلاهما يتعاونان معاً وعلى ذلك يجب على كل منهما إسعاد الآخر قدر ما يستطيع حتى يتحقق الهدف السامي والأساسي في العلاقة الزوجية، كما وضحها لنا عز وجل. وبالنسبة للحلول المقترحة لتلاشي وقوع الطلاق المبكر خاصة، والطلاق بصفة عامة، يقول د. أحمد مسرور: لا بد أن تتكاتف جميع الجهات والمؤسسات الإعلامية ببث البرامج الهادفة والواقعية التي تمس نبض الجمهور ومشكلات الناس، ثم دور الإعلام في إيقاف الأفلام والمسلسلات التي تشجع وتسهل على مشاهد طلب الطلاق، وللمؤسسات الدينية دور من خلال المساجد والخطباء، حيث ينبغي أن يكون الخطاب الديني مرتبطاً بمشكلات الأسرة بكل واقعية، وأيضاً توعية الناس بأهمية الميثاق الغليظ وهو الزواج وبناء الأسرة، وتخصيص محاضرات ودروس وبرامج تعلم الناس حقوق الزوج والزوجة.