تطبيق مفاهيم الحكومة الالكترونية سيغير من طريقة حياة السعوديين
تطبيق مفاهيم الحكومة الالكترونية سيغير من طريقة حياة السعوديين
لم أكن أعلم أن السعودية تعيش تحولات كبيرة على صعيد تكنولوجيا وتقنية المعلومات، متزامنة بذلك مع النهضة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، إلا بعد أن التقيت في حوار خاص مع عبد المحسن بن إبراهيم الحبيب الرئيس التنفيذي للشركة السعودية لتكنولوجيا المعلومات المحدودة، وهي من الشركات الوطنية المتخصصة في مجال تقديم وتنفيذ الخدمات المتعلقة بالتكنولوجيا والمعلومات للقطاع الحكومي والخاص، منذ 16 عاما مضت.
الحبيب دعا من خلال "الاقتصادية" الجهات الحكومية المعنية في الدولة والشركات المحلية والشركات الصناعية، لبذل مزيد من الجهود المتعلقة بالتعاون في تطبيق مفاهيم الحكومية الإلكترونية، مقترحا عقد لقاءات واجتماعات مشتركة بين الأطرف المذكورة بغية تنفيذ توجهات الدولة الرامية إلى جعل السعودية واحدة من أنجح دول المنطقة في الاستفادة من التقنية وتكنولوجيا المعلومات، في خدمة المواطنين والمقيمين إلى جانب دعم الاقتصاد السعودية بالأدوات الحديثة في هذا المجال.
وكشف الحبيب عن أن تطور قطاع تقنية المعلومات في السنوات الأخيرة داخل السعودية، وتنفيذ الشركات الوطنية للعديد من المشاريع في بعض القطاعات الحكومية المهمة، ومنها الأجهزة الأمنية، أسهم بشكل كبير في تعزيز الأمن العام داخل المملكة، وساعد على محاربة الإرهاب ومواجهة الأحداث الأمنية الأخرى، وهو ما رفع من كفاءة أداء قطاع الأمن العام، وقال إن "السوق السعودية من أفضل أنجح الأسواق في قطاع المعلومات وهي تمثل 60 في المائة من حجم القطاع على مستوى العالم العربي، إلى جانب أنها تنمو بمعدلات عالية بلغت وفق بعض التقارير المتخصصة نحو 30 في المائة سنويا، والمقدرة بنحو 2 إلى ثلاثة مليارات دولار سنويا".
وأكد الحبيب أن الجهود التي تبذلها الحكومة في مجال نشر ثقافة استخدام الحاسب الآلي وتقنية المعلومات في كافة مجالات التعليم والعمل، بالإضافة إلى الخطط الجدية المتعلقة بتطبيق برامج الحكومة الإلكترونية في غضون السنوات القليلة المقبلة، ستغير الكثير من طرق العمل والتعلم والعيش التي نعيشها الآن.. فإلى تفاصيل الحوار:
في البداية نود أن نعرف كيف تقيمون حجم قطاع تقنية المعلومات في السوق السعودية؟
قطاع تقنية المعلومات في السعودية متقدم جدا على الكثير من الأسواق المجاورة، والحقيقة أن السبب يعود في ذلك إلى الدعم المتواصل من حكومة خادم الحرمين الشريفين، لنشر وتعزيز دور تقنية المعلومات داخل المجتمع السعودي، كان منها حث المؤسسات الحكومية بكافة تخصصاتها لاعتماد تكنولوجيا المعلومات كوسيلة لتسيير أعمالها، وهو ينمو بنسب ممتازة تصل إلى 30 في المائة، ومنها مبادرة الحاسب الآلي (مليون جهاز)، والمبادرة الجيدة المتعلقة بدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
وأنا أعتقد أن المستقبل واعد جدا في هذا المجال.
نعلم أن القطاع الخاص سبق القطاع الحكومي نوعا ما في تطبيق مفاهيم تقنية وتكنولوجيا المعلومات، هل مازال الأمر كذلك؟
الواقع أن ظروف القطاع الخاص وارتباطها بمفاهيم الربح والخسارة جعل منه الأكثر حاجة إلى تقنية المعلومات في البداية، إلا أن هذا لا يعني أن القطاع الحكومي مازال ضعيفا في هذا الاتجاه، لا بل على العكس بدأنا نشعر بمنافسة حقيقية بين القطاع الحكومي والخاص في تنفيذ مشاريع تقنية عالية وضخمة، كما أن انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية واتساع دائرة المنافسة بالنسبة للقطاع الخاص السعودي، دفع بالكثير منها إلى تطوير تقنياته، ليتمكن من المنافسة بصورة ناجحة ومستمرة بالاعتماد على التقنيات الحديثة، وهو ما شرعت الكثير من مؤسسات القطاع الخاص في تنفيذه في الفترة الأخيرة.
بما تفسر افتتاح الشركات العالمية لفروعها في السعودية، من مثل سيسكو سيستيمز، ومايكروسوفت، وغيرها، وأثر ذلك في الشركات الوطنية؟
وجود الشركات العالمية المصنعة والمتخصصة في تكنولوجيا المعلومات، هو دليل على أهمية السوق السعودية، فهي شركات تنظر بصورة استراتيجية لأعمالها، وتعلم أن السوق السعودية واعدة جدا، ووجودها وهي لا تؤثر في أداء الشركات الوطنية بل تعمل في شركات مميزة معها على تطوير هذا القطاع، وهدفها الرئيسي هو التسويق ودعم الشركات التي نفذ المشاريع ودعم عملائها أيضا، ومثال على ذلك شركة سيسكو سيستميز، فلديها الآن تعاون كبير مع المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني لتأهيل الشباب السعودية على استخدام تقنيات ومناهج سيسكو العالمية، ومثال آخر شركة أنتل، إلى جانب أننا نحن في الشركة السعودية نعمل وبالتعاون مع بعض الشركات على تأهيل وتدريب كوادر سعودية من الذكور والإناث، للعمل لدينا أو في أي مكان آخر.
هل وصلت السعودية إلى مراحل جيدة في استخدام تقنية المعلومات على صعيد المؤسسات الحكومية والخاصة وعلى صعيد الأفراد؟
تقنية المعلومات تتطور بشكل مستمر، ومازلنا نحتاج إلى جهود اكبر لمواكبة التطور، ولا أستطيع القول إننا وصلنا إلى مبتغانا في هذا المجال، إلا أننا لا ننكر أنه بات من الصعب أن تجد منزلا سعوديا يخلو من جهاز حاسب آلي، أو أن تجد مؤسسة خاصة أو حكومية تحترم المرحلة وتحترم نفسها تعمل بدون تقنية معلومات وتكنولوجيا شبكات.
هل تملك الشركات الوطنية القدرة على تطبيق توجه الدولة نحو حكومة الإلكترونية؟
قطاع تقنية المعلومات في المملكة يتمتع بقدرات عالية، والشركات الوطنية لديها من الإمكانيات اللازمة ما هو جيد لتنفيذ الشبكات والمشاريع المتعلقة، بالحكومة الإلكترونية، إلا أننا نحتاج إلى مزيد من التعاون مع الأطراف الأخرى ذات العلاقة ومنها، وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، والشركات المصنعة والعملاء، من خلال عقد اجتماعات محددة يمكن عبرها وضع الاستراتيجيات المرسومة بصورة واضحة أمام الجميع، ولتفعيل كل الأدوار بصورة تكاملية.
دعنا ننتقل بالحوار إلى الشركة السعودية لتقنية المعلومات .. كيف بدأت وما رسالتها وأهدافها؟
تأسست الشركة السعودية لتكنولوجيا المعلومات المحدودة SIT عام 1990 بواسطة مجموعة من رجال الأعمال والمختصين في تقنية المعلومات، وذلك بهدف أساسي وهو مواكبة المملكة للتقدم العالمي المذهل في مجال تكنولوجيا المعلومات، ومواكبة الخطى المتسارعة لدخول عصر المعلومات، وتعمل الشركة وفق رؤية محددة تسعى لتحقيق الريادة في مجال تقنية الاتصالات والمعلومات في السعودية، وذلك بتقديم أفضل الحلول المتكاملة لعملائها من خلال تحقيق احتياجاتهم وخدمتهم بما يفوق توقعاتهم، وتطوير المجتمع الذي تعمل فيه الشركة، وتحقيق الأرباح التي تعين الشركة على تأدية رسالتها.
وما مجالات عملها الرئيسية؟
تشمل مجالات العمل التي تتخصص فيها الشركة، إدارة المشاريع، والاستشارات الفنية، وتقديم الحلول المتكاملة للشبكات، وتطوير التطبيقات الحكومية والتجارية، وتنفيذ المشاريع المتكاملة للحاسب الآلي، والدعم الفني والتدريب، والتشغيل والصيانة.
كما تقوم الشركة السعودية لتكنولوجيا المعلومات بتنفيذ برامج التشغيل والصيانة لعملائها بدرجة عالية من الكفاءة والدقة، بما يفي بمتطلبات العميل ويحقق طموحاته، وقد شاركت الشركة على مدار السنوات القليلة الماضية في تنفيذ العديد من المشاريع الاستراتيجية الضخمة، وذلك على مستوى القطاعين العام والخاص، وتمتاز الشركة بفريق عمل يتكون من نخبة من المهندسين والمستشارين ذوي الخبرات والمهارات العالية، بالإضافة إلى نجاحها الكبير في تدريب وتأهيل عدد من الكوادر السعودية وتزويدهم بأفضل الخبرات في مجال تقنية المعلومات.
ماذا عن التعاون والشراكات مع الشركات العالمية ؟
سعت الشركة إلى تكوين عدد من الشراكات القوية مع مجموعة من الشركات التي تعمل في مجال التخصص نفسه، ومنها "مايكروسوفت"، و"أوراكل"، و"سيسكو سيستمز"، و"آي بي إم"، لينوفو، و"هيوليت باكارد"، وتم اختيار الشركة السعودية لتكنولوجيا المعلومات "الشريك صاحب المبيعات الأعلى" من قبل شركة أوراكل السعودية، وذلك في الأعوام 1998، و2000، و2003. كما نالت الشركة جائزة "رضا العميل" من سيسكو سيستمز للعامين 2005 و2006 على مستوى المملكة، بعد أن قدمت الشركة خبراتها وخدماتها المتخصصة لقرابة 26 في المائة من أكبر مائة شركة في السعودية، والعدد في ازدياد.
كيف تقيمون أداء الكوادر الوطنية في مجال تقنية المعلومات من خلال تجربتكم الخاصة ؟
الحقيقة أن الشباب السعودي شباب طموح وذكي ويمكن أن يتعلم ويبرز متى وجد البيئة التعليمية المناسبة والدعم اللازم، ونحن في الشركة من منطلق المسؤولية الاجتماعية وتماشيا مع توجهات الدولة، بالإضافة إلى الفئات الخاصة التي لمسناها، قمنا باستقطاب المئات من الكوادر السعودية من كلية الاتصالات ومن جهات أخرى مختلفة، وعملنا على تدريبهم وتأهيلهم بصورة ممتازة، حصلوا بعدها على شهادات معتمدة عالميا، عمل بعدها بعضهم لدينا، فيما استفادت سوق العمل من بعضهم الآخر، ومن تجربتي الخاصة اكتشفت أن لدينا شبابا يمكن الاعتماد عليهم بشكل كامل،وتوفقوا في حالات كثيرة على أقرانهم من الجنسيات الأخرى.
كيف تسيرون طريقة عملك في ظل المنافسة الداخلية؟
لدينا طريقة عمل مختلفة، فنحن لا نعرف أنفسنا على أننا شركة تقنية معلومات فقط، بل ندخل في الحقيقة في شراكة طويلة الأمد مع العميل بمعنى أننا نتشارك الأهداف والخطط المستقبلية مع عملائنا سواء كانت حكومية أو خاصة، وهي مؤسسات كبيرة مرتبطة بحياة المواطنين اليومية بحيث نقدم لهم كل ما يحتاجون إليه من دعم فني وتقني واستشاري وخدمات ما بعد البيع، لذلك تجد علاقتنا استراتيجية، تصل في كثير من الأحيان إلى تغيير بعض خطط العملاء، وهو ما حدث في بعض مشاريعنا.
ماذا عن النهضة الاقتصادية التي تعيشها المملكة، ومن ملامحها مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، ومركز الملك عبد الله المالي، هل تعتقدون أنها عوامل محفزة لقطاع تقنية المعلومات؟
بدون شك ستكون تلك المشاريع محل اهتمامنا وقد بدأنا بالفعل اتصالاتنا في هذا الإطار، وكلما تحسن الظروف الاقتصادية نمت معها المشاريع والتي بدورها تعزز من أعمالنا ومن مستوى وحجم القطاع، إلى جانب رفع مستوى المنافسة بين الشركات العاملة في قطاع تقنية المعلومات.
ما رأيكم فيمن يقول إنه على شركات تقنية المعلومات الدخول في عمليات اندماج لتتمكن من المنافسة، أو الطرح في أسواق المال؟
الواقع أنه من الجميل أن يكون هناك تكتلات أو اندماجات بين بعض الشركات الوطنية العاملة في قطاع تقنية المعلومات، وهي متنوعة في أعمال مختلفة، ويمكن لاندماجها أن يصنع شركات متكاملة تقدم جميع الخدمات للعميل، كما سيكون من الرائع والمفيد أن نرى شركات وطنية متخصصة في مجال التكنولوجيا والمعلومات مدرجة في أسواق المال السعودية، خصوصا إذا ما علمنا أن أشهر المؤشرات والبورصات العالمية تقودها قطاعات تقنية المعلومات، وهو غير المتوفر حتى الآن في سوق الأسهم السعودية.