هل هذا حقهم أم لا؟ !
لا شك أن الإنفاق والبذل من شيم الكرام الذين يجاهدون أنفسهم ويحاربون البخل والتقتير، قال تعالى: "ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون" (الحشر من الآية 9). وقال جل وعلا: "مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم" (البقرة الآية 261). وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ...، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ...".
والآيات والأحاديث في هذا الباب كثيرة.
في حياتنا نجد كثيرا من المحتاجين؛ منهم من يتعفف ولا يسأل الناس شيئا، ومنهم من يذل نفسه ويريق ماء جبينه ويسأل الناس حتى يسد حاجته أو جزءا منها، نواجه هؤلاء السائلين في: المساجد بعد انقضاء الصلوات، في الأسواق، وعند إشارات المرور، وفي أماكن أخرى كثيرة.
في المقابل نرى الناس منقسمين تجاه هؤلاء السائلين، بعضهم يعطيهم من ماله دون تردد، ومعظم المنفقين من هذا الصنف من البسطاء أو محدودي الدخل، سواء من أبناء الوطن أو المقيمين، يجود كل منهم بما يستطيع عن طيب نفس منه رحمة بهذا السائل أو ذاك، وطمعا في الثواب العظيم من رب العالمين؛ وبعضهم الآخر ينفر من السائلين ويمتعض من سلوكهم وهيئتهم التي هم عليها، ويرفض أن يعطيهم شيئا، ظنا منه أنهم مدّعون أو مجرد متسولين لا يستحقون المساعدة، رغم بسط الله لهم في الرزق، فهم ضد مساعدتهم شكلا ومضمونا.. ألم يعلم هؤلاء المعرضون عن مساعدة المحتاجين أو السائلين أنهم هم المحتاجون للأجر والمثوبة من ربهم؟! ألم يعلموا أن هؤلاء السائلين قد دعتهم ظروفهم إلى الوقوف بين أيدي الناس كي يسألوهم؟!
نحن لنا الظاهر والله أعلم بالسرائر، وليعلم كل منا أننا حريصون على الأجر ومضاعفة المال أضعافا كثيرة من رب العالمين، وأن الله جعل هؤلاء الفقراء سببا لنا لنيل ذلك، ولنا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسوة حسنة، فقد كان لا يرد سائلا ولا يخيب رجاء طالب، وفي قصة الأعرابي خير دليل على ذلك، حيث طلب من الرسول أن يعطيه مالا فأعطاه عطاء كثيرا فرجع إلى قومه وقال قولته: إن محمدا يعطي عطاء من لا يخشى الفقر.
مما سبق يجدر بكل واحد منا أن ينفق من ماله الذي هو مال الله سرا وجهرا؛ حتى يلقى الله وهو راضٍ عنه، قال تعالى: "ما عندكم ينفد وما عند الله باق" (النحل من الآية 96). فليساعد الأغنياء الفقراء ويقضوا حوائجهم حتى تنتشر المحبة بين أبناء المجتمع كافة ويعيشوا في أمن وأمان ولا يدعوا فرجة لشياطين الإنس والجن بعيدا عن التطرف والأفكار الهدامة التي لا تسمن ولا تغني من جوع ولا تأتي بخير.
ختاما .. أدعو الله أن يغني الجميع من فضله، وأن ينعم على المسلمين بنعمة السلام والرخاء، وأن ينشر المودة والمحبة والوئام بين عباده.
عدد القراءات:1396