استخدام الرموز الإغريقية في الأسواق المالية

استخدام الرموز الإغريقية في الأسواق المالية

من بين أحد أبرز الأشياء المفضلة لدى كثير من العاملين في قطاع الاستثمار هو استخدام الحروف الإغريقية في التعامل حيث وضع المحترفون الماليون نصف هذه الحروف في خدمتهم وذلك لتطعيم حساباتهم الرقمية في أحرف لها وقع مميز وخاص. فالحرف الأول من هذه الأحرف وهو حرف ألفا هو الأقرب إلى قلوبهم لأنه يرمز إلى أحد الأهداف الرئيسية التي يسعى إليها القطاع المالي: حيث كان حرف ألفا يرمز في الحسابات المالية للإغريق لذلك الجزء من العوائد التي تتحقق بمعزل عن تطور السوق، أي ذلك الجزء من تطور القيمة الذي يعود في الأصل لشخص مدير صندوق الاستثمار نفسه. فمثلاً عندما يتمكن مدير أحد صناديق الاستثمار من إضافة 5 في المائة زيادة على نسبة 10 في المائة التي حققها المؤشر، يكون بذلك قد حصل على ألفا قيمتها 5 في المائة. و يأتي حرف بيتا بعد حرف ألفا وهو يرمز لتطور قيمة منتج ما تحقق بفضل حركة السوق بكامله.
ولا نقاش في أن ألفا في النهاية هو أكثر جاذبية من بيتا التي يستطيع أي شخص الحصول عليها من خلال متابعة لتطورات مؤشر السوق. ومن المدهش أن يصرف القطاع المالي جلّ وقته في ملاحقة ألفا لاصطيادها. وهنا تبرز إشكالية صغيرة: إذ إن من يعثر على صندوق استثمار ألفا مرتفعة سيكون ملزماً أن يتكفل بـصندوق بيتا أيضاً ضمن رزمة واحدة. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: ما الذي يجنيه مستثمر يريد أن يستثمر في الأسهم إذا كان يعرف مديراً لأحد صناديق الاستثمار من أولئك الذين يدفعون المؤشر دائماً إلى الأعلى، أي ينتجون ألفا مرتفعة؟! طبعاً سيتجه لاستثمار الكفاءات العالية لمدير الصندوق من أجل تحقيق أرباح تزيد على ما هو محقق في المؤشر، ولكن ليس في سوق صناديق التقاعد- حيث سيكون ذلك تصرفاً يتسم بدرجة عالية من المحافظة بالنسبة للمستثمر في الأسهم.
ولكن من الممكن التغلب على هذه الثغرة في المدى المتوسط، حيث طور هذا القطاع مفهوماً استثمارياً جديداً تحت مسمى "الألفا المحمولة"، التي أصبحت أخر صيحة في عالم قطاع الاستثمار. إن فكرة هذه " الألفا المحمولة" تكمن في أن فائض أرباح المدير الاستثماري، أي "ألفا" العائدة له هي فقط التي يجري شراؤها دون التزام بشراء ما يجيء معها بالضرورة من "بيتا". وفي حالة مدير أي صندوق تقاعدي تجري الأمور على الشاكلة التالية: يتم شراء أموال المدير بما فيها من "ألفا" و"بيتا". وللتخلص من "البيتا" يتم بيع المؤشر المقارن العائد لمدير الصندوق، على أن يتم الالتزام بالتنازل عن الزيادة اللاحقة في المؤشر المقارن لمصلحة شخص آخر. أي، بتعبير آخر، يتم بيع "البيتا" التي يتم الحصول عليها مع الصندوق مباشرة فلا يبقى سوى "الألفا" المرغوب فيها. وفي هذه الحالة يصبح ممكناً تأبط هذه "البيتا" لإعادة استثمارها في صندوق استثماري آخر، وهكذا تكون "بيتا" قد تحولت إلى "بيتا محمولة".
قد يبدو الأمر في غاية السهولة من الناحية النظرية، ولكنه في الواقع غاية في الصعوبة من حيث التطبيق . وفي هذا يقول توماس فوكينج من مؤسسة إدارة الأصول الألمانية، وهي إحدى المؤسسات التابعة لدوتشه بنك (البنك الألماني):" من الصعب العثور على "ألفا" حقيقية، لأن ألفا هذه يجب أن تكون مستقلة قدر الإمكان، عما يجري في السوق من تحركات، حيث إن عائداً إضافياً، لا علاقة له بأية أسواق، هو وحده القادر على تقديم مساهمة حقيقية في استقرار الحقائب الاستثمارية. كما ينبغي لهذه "الألفا" أيضاً أن تكون مستدامة، لأنه عندها فقط يمكن تحقيق عائد إضافي فوق ما تحققه بيتا ويقول مايكل جرانيتو من شركة (فيدريتد) الاستثمارية الإيرانية: "إن من الأسهل الحصول على "ألفا" من أسواق صناديق التقاعد بدلاً من أسواق الأسهم، فهي بشكل عام أكثر استقراراً وأقل حساسية".

إن أول منتجات ألفا قد دخل السوق الألمانية أيضاً غير أن هذه التقنية اليونانية المحمولة لا تزال في بداياتها. ولكن مع تزايد تحسن الإمكانات للاستثمار في العقود الآجلة سيتم في المستقبل نقل المزيد ألفا و يعتقد جرانيتو أن منتجات أخرى من مطبخ الاستثمارات المالية الأمريكي هي في طريقها إلى أوروبا. إن المضي في التفكير في مفهوم "الألفا المحمولة" إلى نهاياته، يقود بالاستنتاج بأنه سيكون من الممكن، خلال بضع سنوات، شراء منجزات أي مدير استثماري ناجح فقط، دون الحاجة إلى الاستثمار في السوق التي يعمل فيها هذا المدير. وهكذا يمكن أن تكون "ألفا" مجرد حرف صغير بالنسبة إلى القطاع الاستثماري، ولكنها في الواقع خطوة كبيرة بالنسبة إلى المستثمرين.

الأكثر قراءة