السعوديون يتزودون باليورو «نقدا» في رحلاتهم السياحية إلى أوروبا
نشطت خلال الأيام الماضية عمليات شراء مكثفة لعملة اليورو بواسطة أسر سعودية وخليجية تخطط لقضاء إجازتها الصيفية في بلدان أوروبية، مستفيدة من انخفاض سعر صرف اليورو أمام العملات الأجنبية الأخرى نتيجة الأزمة المالية التي تعصف باقتصاد بعض من الدول الأوروبية.
وأدركت أسر سعودية أهمية التزود بكميات كبيرة من اليورو في شكل مبالغ نقدية خلال رحلاتها السياحية خلال الصيف مستفيدة من نزول اليورو أمام العملات الأجنبية والتقليل من استخدام بطاقات الائتمان والصراف الآلي الدولي التي يكون سعر الصرف فيها مرتفعا إلى جانب رسوم إضافية يتم احتسابها عن كل عملية سحب تتم من خلال صرافات الصرف الآلي في هذه الدول.
وأبلغت ''الاقتصادية'' مصادر مصرفية موثوقة أن سعوديين وخليجيين قاموا بشراء كميات من ''اليورو'' خلال الأيام الماضية مستفيدين من نزول سعر صرف اليورو أمام عملات أجنبية أخرى، حيث وصل سعر صرف اليورو إلى 1.23 دولار. وكشفت المصادر ذاتها أن رب أسرة سعودية راغبة في السفر إلى دول أوروبية، قام بشراء ما يقارب 60 ألف يورو دفعة واحدة من أجل حملها كنقود خلال رحلاتها السياحية، والاستغناء لو بشكل مؤقت عن استخدام بطاقات الائتمان أوالصرف الآلي الدولي.
ويؤكد لـ ''الاقتصادية'' حمد العنزي ـ مصرفي سعودي ـ أن مجموعة من المستثمرين ترى أن سعر صرف اليورو أمام العملات الأجنبية وصل إلى مستويات مشجعة على الشراء، وخاصة أن بعض المستثمرين لديهم أنشطة تجارية وتعاملات تجارية مرتبطة باليورو، إلى جانب وجود مضاربين يعتقدون أن الوقت يعتبر مناسبا للقيام بذلك، لذا فقد نشطت عملية الشراء. ويضيف: يوجد عملاء سعوديون وخليجيون قاموا بفتح حسابات جارية بعملة اليورو بدلا من الدولار، وخاصة أن أنظمة المملكة تمنع فتح أكثر من حساب جار للعميل بالعملة الأجنبية. وأشار إلى أن أغلب الذين قاموا بفتح هذه الحسابات لديهم رغبة في المضاربة أو بغرض الاستفادة منها خلال إجازاتهم الصيفية.
من جانبه، قال لـ ''الاقتصادية'' الدكتور توفيق السويلم مدير دار الخليج للبحوث والاستثمار إن السواح السعوديين والخليجيون سيفضلون قضاء إجازتهم الصيفية في عدد من الدول الأوروبية نتيجة انخفاض اليورو، خاصة أن السياحة في الدول الآسيوية تعتبر مكلفة لارتباط أنشطتها التجارية والسياحية سواء في الفنادق والمطاعم بالدولار.
وبيّن أن انخفاض اليورو أسهم بشكل مباشر وغير مباشر في التوجه للسياحة الغربية من قبل شريحة معينة، وهذه الشريحة تزودت بمبالغ نقدية من اليورو رغم أن كثيرين يفضلون استخدام بطاقات الائتمان خلال رحلاتهم السياحية.
على الرغم مما ذهب إليه العنزي، إلا أن اقتصاديين سعوديين تحدثوا لـ '' الاقتصادية '' يرون أن على الأسر السعودية استخدام بطاقات الائتمان والصراف الآلي الدولي خلال قضاء إجازتها الصيفية، حتى لا تكون عرضة لمشكلات أمنية قد تواجهها في تلك الدول، حيث يتم إخضاع القادمين إليها والذين يحملون مبالغ نقدية كبيرة إلى تحقيق وتدقيق مكثفين من قبل سلطات الجمارك، كما أن تعرض البعض منهم للسرقة يعد أمرا واردا في كثير من الأحيان.
وتقول ريم أسعد المحاضرة في الاستثمار والتمويل في كلية دار الحكمة وعضو لجنة الأوراق المالية في غرفة جدة إن أية عملة أجنبية خاصة بالدول التي تهتم بقطاع السياحة عادة ما ترتفع عملتها مقابل العملات الأخرى، ولكن أزمة اليونان تزامنت مع فترة بداية الإجازة الصيفية للأسر الخليجية والسعودية بشكل خاص.
وتضيف ريم: إنه من حسن حظ السعوديين أن الريال مرتبط بالدولار وليس بسلة عملات أجنبية أخرى، لذلك نجد أنهم ـ أي السعوديين ـ استفادوا من فرق سعر صرف اليورو مما يتيح لهم فرصا للسياحة بشكل أفضل في الدول الأوروبية، ولكنها استدركت وقالت : إن تلك الدول عادة ما يكون لديها ضوابط مشددة فيما يتعلق بحمل المبالغ نقدا، فهنالك مبالغ محددة يستطيع السائح حملها في حال رغب في السفر لواحدة من تلك الدول، وإلا أصبح السائح عرضة للمساءلة والتحقيق والتدقيق من قبل سلطات الجمارك. عملية حمل النقود ليست بالبساطة التي يتوقعها الكثيرون.
وتعتقد ريم أن بطاقات الصراف الدولي تعد آمنة بنسبة كبيرة، خاصة أن المبالغ النقدية دائما ما تكون عرضة للسرقة والفقدان والإنفاق الزائد. وترى أن بطاقات الائتمان لابد من حملها أثناء السفر وفي حال سرقتها أو ضياعها يمكن لصحابها الإبلاغ عنها وإيقافها فورا، على عكس ذلك، نجد أن من الصعب استرجاع المبالغ النقدية المسروقة أو المفقودة.
في المقابل، فإن مصرفيين آخرين يرون أن فترة الصيف عادة ما يرتفع فيها الطلب على العملات الأجنبية، وهو أمر طبيعي في أوقات الإجازات الصيفية، ولكن في الفترة الأخيرة ونتيجة ارتفاع الوعي الثقافي الخاص باستخدام المعاملات الإلكترونية، دفع شريحة كبيرة من المسافرين إلى الاعتماد على البطاقات الائتمانية وبطاقات الصراف الآلي الدولي، وأن هذه التعاملات قد قللت من عملية حمل المسافرين للعملات الأجنبية كنقود، خاصة في ظل تحذيرات مستمرة في أمريكا والاتحاد الأوروبي من حمل مبالغ نقدية بكميات كبيرة وألا سيتعرض القادمين الذين يحملون مبالغ نقدية إلى تحقيق وتدقيق مكثفين، خاصة إذا ارتبط النقد الذي يحمل المسافر ببعض الأخطاء الجمركية أوكتغيير مسار تأشيرة الدخول من مطار إلى آخر.
وأشاروا إلى أن هذا الأمر ربما يكون مؤشرا لوجود ''خلل ما'' يمكن أن يضر بالمسافرين، لا سيما أن حمل النقود بكميات كبيرة يستدعي السلطات الجمركية لإجراء مزيد من عمليات التحقيق والتدقيق.
ويعتقد عدد من المصرفين أن الطلب على العملات الأجنبية وإن كان مرتفعا خلال هذه الأيام بسبب الإجازة الصيفية مقارنة بالفترة الماضية، إلا أنه أقل بكثير عما كان عليه في السنوات الماضية، نتيجة توافر وسائل تقنية وإلكترونية كبطاقات الصراف الآلي الدولي وبطاقات الائتمان التي تتيح للمسافر التعامل بها في جميع رحلاته السياحية، رغم أنهم ـ أي المصرفيون ـ يشيرون إلى الرسوم التي تخصم من مستخدميها في كل عملية سحب، غير أنهم يرون أن هذه الرسوم لا تقارن بالفائدة الكبيرة التي توفرها هذه البطاقات،خاصة أنها تغني عن طلب حوالات بنكية وتأخرها من قبل المسافرين في حدوث نقص في حجم السيولة المتوافرة لديهم أثناء قضاء إجازتهم خارج المملكة، في حين أنه من السهل،وخلال ساعات معدودة، القيام بعمليات إيداع نقدي في الحساب الشخصي للمسافر عن طريق أحد أقاربه داخل المملكة وخارجها، فضلا عن أن عمليات الشراء من نقاط البيع تغني عن حمل النقود.
ولكن العنزي يعود ليؤكد أن أغلب الذين يرغبون في السفر إلى الدول الأوروبية يفضلون حمل اليورو نقدا لتحاشي الرسوم المفروضة عليهم في حال استخدامهم بطاقات الصراف الدولي، إضافة إلى أن سعر صرف اليورو عادة ما يكون عاليا. وأشار إلى أن هنالك بعض المسافرين يأخذون نحو خمسة آلاف يورو، إلى جانب بطاقة الصراف الدولي بحيث يتم استخدامها متى ما دعت الضرورة، حيث إن كثير من المسافرين لا يميلون إلى استخدام بطاقات الصراف الدولي إلا عند الضرورة القصوى. يقول العنزي : إن العملة المطلوبة من قبل السعوديين في الوقت الحالي هي '' اليورو '' خاصة الراغبين في السفر إلى دول أوروبية تتعامل باليورو.