تنافس الصين والهند يصب في مصلحة نيودلهي

تنافس الصين والهند يصب في مصلحة نيودلهي

1.الإدارة
تعمل الحكومة الهندية من أجل ازدهار وحماية الشركات الخاصة لديها. ولهذا السبب تعتبر الشركات الخاصة الكبرى لديها أكبر بنحو عشر مرات من نظيراتها في الصين. حيث تواجه الشركات الخاصة الصعوبات في الحصول على القروض الائتمانية من البنوك العامة. وتخشى الطبقة السياسية من المقاولين الواثقين بأنفسهم ضمن الطبقة المتوسطة. وهذا ما يؤدي بالصين إلى التأقلم أكثر مع المستثمرين الأجانب.
وحسب ما ورد عن خبراء هارفارد "ياشينج هوانج، وتارون كانا" :"خلال الأعوام العشرين الماضية ازدهر الاقتصاد الصيني، ولكن لم تلحق بهذا الازدهار سوى قلّة قليلة من الشركات المحلية، حيث لا يوجد في القطاع الخاص في الصين مجموعة شركات على مستوى العالم، يمكنها أن تضمّ مجموعات شركات متعددة الجنسيات". في المقابل، يتم إبقاء المجموعات الأجنبية في الهند ضمن فجوة بعيدة كأسلوب من أساليب حماية المجموعات المحلية. ولكن بدأ هذا السلوك يشهد شيئاً من التغيّر التدريجي، منذ أن أشار الكثير والكثير من الشركات الهندية، مثل أنفوسيز - Infosys، إلى أنها ليست قادرة على المشاركة في السوق العالمية فحسب، ولكن الاستفادة منها أيضاً.

2. الظروف المالية
تجد أغلب البنوك الهندية نفسها في أيدي القطاع الخاص. وتتوجّه قروضها الائتمانية، وإدارة المخاطر لديها بالتكيّف مع مظاهر ومعالم الاقتصاد التشغيلي للمقترض. وتتسم نحو 15 في المائة من القروض المُقدّمة في الهند بمعاناتها، حسب ما يُقدّر الخبراء. وتبلغ حصة الرسم الضريبي على القروض في الصين رسمياً نحو 25 في المائة، بينما فعلياً تبلغ نحو 30 إلى 40 في المائة، حسب ما أكّد الخبراء في المقابل. ولو عانت أنظمة البنوك من الإفلاس، فلن تؤمّن الحكومة لها أية مبالغ تعويضية.

3.الكثافة السكانية
تُعد الهند دولة فتية، حيث أكثر من نحو 40 في المائة من السكان أصغر من 30 عاماً، وهذا يتضمّن نحو 450 مليون نسمة بالمقارنة مع نحو 400 مليون نسمة في الصين، ولا يرتفع معدل الأعمار في الهند مثل الصين حيث تشير تقديرات إلى أن نحو ثلث الكثافة السكانية في الصين يتجاوز 60 عاما حتى عام 2050 بينما لا تتجاوز نسبة كبار السن في الهند الخُمس فقط. وهناك تحظى السياسة الترويجية في الهند "بزواج الطفل الواحد" بانطباع سيئ للغاية. ويعمل تزويد وعناية كبار السن والفقراء بالأخص على إنقاذ الانفجار الاجتماعي الحاد في الصين. وفي الهند يمكن للعائلات التخفيف من فقر كبار السن على نحوٍ أفضل بصورة طفيفة.

4.الوضع القانوني
تحظى حماية الملكية الفكرية بالنسبة إلى مجموعات شركات التكنولوجيا بأهمية بالغة الحجم، حيث تحترم الهند "براعة- Know How" الشركات الأجنبية أكثر من الصين بوضوح، حسب ما جاء عن مجلة "فار إيسترن ريفيو- Far Eastern Review"، كونها المركز الرئيسي لبراءات الاختراع للمنتجات الدولية. والنتيجة لهذه الحقيقة، بأن الكثير المجموعات الشركات الغربية في الوقت الراهن، مثل جنرال إلكتريك، ترتحل بأجزاء من دراساتها البحثية والتطويرية إلى الهند دون الخوف من أن تتم سرقة الابتكار التحديثي على الفور. ويرتكز النظام القانوني في الهند على النظام البريطاني، ولهذا فهو أسهل في اتّباعه بالنسبة إلى المستثمرين الأوروبيين، والأمريكيين، أكثر من القانون السياسي الصيني.

5.التعليم
تتعهدّ كلتا الدولتين حمل الكثير من الجهود الصارمة، بهدف تأمين التعليم للمواطنين. وبينما بادرت الصين منذ فترة مبكرة في محو الأمية لدى مواطني شعبها، عززت الهند التعليم الأكاديمي. ويوجد في الهند، حسب تقديرات الشركة الاستشارية "مكينزي- McKinsey"، نحو 14 مليون شاب حاصل على الشهادة الجامعية. وهذه النسبة أكثر من الصين بنحو مرة ونصف، وبنحو الضعف مقارنة مع الولايات المتحدة الأمريكية. ويوجد نحو 80 ألف هندي في الوقت الراهن في الجامعات الأمريكية، في مقابل نحو 62 ألف صيني. ويُعد مبدأ "البراعة" المكثّف أمراً جذاباً للاقتصاد هناك. وفي الوقت ذاته، على غرار الصين، يوجد الكثير من المواطنين في الهند لا يزالون أميين.

6. التكنولوجيا
ينوي مؤسس شركة مايكروسوفت "بيل جيتس" تخصيص نحو 1.7 مليار دولار في قطاع الكمبيوترات في الهند. ويعمل نحو أربعة آلاف هندي مباشرةً في مجموعات شركات البرمجيات والأنظمة الحاسوبية. وتستثمر الشركة المنتجة لرقاقات الذاكرة الصغيرة "إنتل- Intel"، وشركة تجهيز الشبكات "سيسكو- Cisco" كل منها نحو مليار دولار، وتؤكدان صورة الهند كمنطقة تجارية جيدة لتكنولوجيا المعلومات. وتحظى شركات التكنولوجيا الهندية، مثل أنفوسيز- Infosys، وويبرو- Wipro، بصيت ذائع وبشهرة منذ فترة طويلة في الغرب. والهندي، الذي تمكّن من تعزيز مكانته في وادي السيلكون في كاليفورنيا، يعود اليوم إلى الوطن. ولم تتمكن الصين حتى هذه اللحظة من إثبات قصة نجاح مماثلة في مجال التكنولوجيا، حتى مع العلم، بأن الدولة استثمرت المليارات في قطاع تطوير التكنولوجيا المتقدّمة.

7.اللغة
تتحدث طبقة النخبة في الهند اللغة الانجليزية وهي أهم لغة في العالم على النطاق التجاري وهو ما يمنح الدولة بالطبع قفزة واضحة عن الصين، ويعتمد عليها المواطن الهندي المتعلّم في أمريكا وبريطانيا للتعبير عن نفسه دولياً.

8. الأوضاع السياسية
يُعتبر رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينج وكأنه خبير اقتصادي، حيث عملت خططه لإعادة الهيكلة خلال التسعينيات على فتح البورصات الهندية للأجانب. ولاحقاً، تم فتح قطاع تلو قطاع أمام المستثمرين، والمنافسين الأجانب. وترتكز سياسة إعادة الهيكلة على إجماع سياسي كبير واحد تتقاسم به فروع الأحزاب كلها. ولكن لا يزال على الهند أن ترصد مبالغ ضخمة في إعادة البنية التحتية للمواصلات، على الأقل لتتمكن من الوصول إلى ما وصلت إليه الصين بسهولة أكثر. لا تزال الصين تحظى بوثبة كبيرة متقدّمة على الهند في محاربة الفقر، وتأمين الضمان الاجتماعي، والتأمين الصحي، حيث بدأت مملكة الوسط منذ فترة مبكرة بخطط إعادة الهيكلة الرئيسية، وبانفتاحها على السوق العالمية.
وعلى كل الأحوال، يعلّق الخبراء الاقتصاديون بعض الشكوك، فيما إذا كانت سياسة إعادة الهيكلة ستكون دائمة في الصين أم لا. وتتزايد الأصوات، التي تقيّم الصين على أنها اقتصاد تجاري اشتراكي، أكثر من محاولة المصطلحات السياسية لضبط المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، دون تعريض مركزها الخاص للخطر، وإن لم ينجح ذلك، تُجرى المحاولات في البحث عن شيء آخر.

الأكثر قراءة