أمريكا تتخلى عن الديموقراطية مقابل إيجاد مصادر جديدة للطاقة
تتخلى الإدارة الأمريكية تدريجيا عن استراتيجيتها الرسمية لنشر الديموقراطية، انطلاقا من رغبتها في إيجاد مصادر جديدة للطاقة في عز فورة أسعار النفط.
وقال فرانك فيراسترو من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية المستقل في واشنطن إن الإدارة الأمريكية أظهرت مزيدا من الأداء المتناقض حيال لاعبين أساسيين في سوق النفط، ما أثار "التباسا" حول أهدافها الأساسية.
وأضاف فيراسترو المتخصص في سياسة الطاقة إنه إذا كانت
الديموقراطية وحقوق الإنسان المحركين الأوليين للدبلوماسية الأمريكية، فمن حقنا أن نتساءل لماذا أصبحنا أقل حزما مع روسيا، كازاخستان، وليبيا؟
وتابع إنه في الوقت نفسه نستخدم الديموقراطية حين نتحدث عن فنزويلا أو الشرق الأوسط، معتبرا أن هذا الأمر "يشبه أكثر فأكثر سياسة المصالح الآنية".
وأعلنت الولايات المتحدة الإثنين تطبيع علاقاتها مع ليبيا التي تملك احتياطيا نفطيا كبيرا، وفي اليوم نفسه، فرض الأمريكيون عقوبات على فنزويلا رغم أنها تؤمن 15 في المائة من حاجاتهم النفطية، وذلك بذريعة عدم تعاون الرئيس هوجو شافيز في مكافحة الإرهاب، علما بأن واشنطن تأخذ على شافيز افتقاره إلى الديموقراطية.
وفي اليوم التالي، أوقفت الحكومة الأمريكية مفاوضاتها لتوقيع اتفاق للتبادل
الحر مع الإكوادور التي تمول بدورها الولايات المتحدة بالنفط، وذلك بعدما ألغت الأولى عقدا كانت وقعته مع شركة أمريكية للتنقيب عن النفط.
واتهم نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني أخيرا موسكو باستخدام مواردها من النفط والغاز كأدوات تلاعب واستفزاز حيال الجمهوريات السوفياتية السابقة.
ولم تمض ساعات حتى هنأ تشيني نفسه كازاخستان بما حققته من تقدم ديموقراطي، في حين اغتيل أخيرا أحد قادة المعارضة في هذا البلد الواقع في القوقاز ويملك احتياطيا من النفط يبلغ 24 مليار برميل.
وتؤكد الإدارة الأمريكية أنها تتبنى سياسة متجانسة في مسائل الطاقة، لكنها تقر بأن الدول النفطية تجني فائدة سياسية من ارتفاع أسعار النفط الخام.
وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية إن "القسم الأكبر من
موارد المحروقات في العالم تملكه شركات عامة".
لكن هذا الدبلوماسي تدارك أن واشنطن لا تتخلى عن دفاعها عن الديموقراطية. وقال "لدينا مبادئ"، متوقفا خصوصا عند ليبيا التي اضطرت إلى الاستجابة إلى سلسلة من المعايير الواضحة لتستحق أن تسحب من قائمة الدول الداعمة للإرهاب.
وتابع "يبدو على العكس أن الولايات المتحدة أعطت الأولوية لقيمها على حساب مصالحها التجارية في موضوع الطاقة".
لكن ريتشارد هاس رئيس مجلس العلاقات الخارجية، وهو مركز أبحاث في واشنطن، أدلى برأي مغاير ودعا في العدد الأخير من مجلة "نيوزويك" إلى "عدم ممارسة لعبة النفط".
وأكد هذا الخبير أن "السياسة الحالية للولايات المتحدة على صعيد الطاقة -
أو بالا حرى غيابها- تعزز موقع بعض الأنظمة الأكثر قمعا والأقل ترددا في العالم، وتضاعف إفقار مئات ملايين الفقراء وتسهم في التغير المناخي".