العملاق الهندي بين اجتذاب رؤوس الأموال و تحذيرات من صدمات السوق

العملاق الهندي بين اجتذاب رؤوس الأموال و تحذيرات من صدمات السوق

تشهد سوق الأسهم الهندي تصاعدا مستمرا فيوما بعد يوم يرتفع مؤشر البورصة سنسكس - إندكس في بومبـاي مسجلاً أرقاماً قياسية. ولا عجب، حيث أنّ رؤوس الأموال الضخمة المتدفقة في البلاد بصورة متواصلة تجد طريقها أيضا في الأسهم الهندية. تلك الأموال مع رؤوس الأموال المحلية تدفع سوية منذ أزمنة ليست بقريبة ليس فقط بأسعار الأوراق المالية العالمية إلى الأعلى، بل تشمل أيضا ارتفاع الكثير من الأسهم والسندات الثانوية Second-Line Stocks.
ويشبه الاقتصاد الهندي العملة ذات الوجهين .. الوجه الأول يمثله تواصل توسع الازدهار في السوق الهندية، ولكن الوجه الثاني تمثله 3500 شركة مساهمة فقط مقيّدة في بورصة بومبـاي. ومن الناحية الفنية يعتبر التوسع المتزايد في أرباح الأسهم عاملا إيجابيـا، لكن من الناحية الأساسيـة ، وكما يرى الكثير من المحللين، فإن السؤال الذي يطرح نفسـه هو: هل رؤوس الأموال المتدفقة تنصب دائمـا في أسهم ذات قيمة وجودة عالية. لهذا يُنصح المستثمر الخاص دائما وأبدا بعدم التعامل على عاتقه مع الأسهم الهندية، بل اللجوء إلى خدمات صناديق الاستثمار المتخصصة في هذا المجال. فالأوضاع المالية في الهند معقدة جدا، لهذا فمن الأفضل تحويل ترتيبات رؤوس الأموال لذوي الخبرة الاستثمارية العريقة.
بدأت سلسلة التطور الحالـية في مؤشر سوق الأسهم الهندية Sensex-Index عـند نحو 2800 نقطة، ارتفع بعدها بقفزة واحدة ضمن نطاق الفترة الأولى حتى مطلع 2004 إلى ما يزيد عن الضعف محققا ستة آلاف نقطـة، تلاها بعد ذلك توحيـدا داعما (Consolidation) منتهيا بتصحيح إلى نحو 4700 نقطـة، وذلك قبل أن تقدم فيما بعد القفزة التالـية مسجلا رقما قياسيا بلغت قيمته 12102 نقطة. ومنذ أمد طويل ينظر إلى الهند بين أوساط المستثمرين علي أنها الصين الثانية، أو ذلك العملاق الاقتصادي النـائم، لكن َوضْع أوجه للمقارنة بين البلدين يعتبر أمرا جائزا وإن كان ضيقَ النطاق.
والهند جمهورية جذورها ديمقراطية لكن لهذه النقطة مساوئ من الناحية الاقتصادية. فالقرارات السياسية الاقتصادية تخضع لمفاوضات ومناقشات طويلة المـدى، أضف إلى ذلك أن التعدد الكبير في الأحزاب السياسية هنالك يحتم بصورة قريبة إلى التقليدية تكوين حكومة ائتلافية. إضافة إلى ذلك يعمل تعدد التيارات الدينية، والثقافية والأيديولوجية والتي لها الطابع المؤثر القوي في الهند، على وضع الصعوبات والعراقيل أمام عملية اتخاذ القرارات الاقتصادية. بينمـا تبقى الصين تحت ظل سياستها القيادية التي تتوارث عن أجيال منهاج الاشتراكية، متمتعة بأفضلية اقتصادية من نواح كثيرة.
ومن كان على دراية بالأوضاع في الهند يلمس بصورة خاصة العزيمة السياسية القوية لدي الهند في التحرك شيئا فشيئا، وبإصرار، على تحديث البنية التحتية للدولة. هنا تعد الاستثمارات الضخمة على مدى قرون طويلة أول الخطوات لتحقيق الهدف نحو دفع النمو الاقتصادي إلى الأمام. كما يميز الهند أيضا إيجابيا تقدم مستوى التعليم نسبيا في مختلف طبقات المجتمع الهندي المتعددة.
فضلا عن ذلك، يشير الخبراء أيضا إلى أن الهند تتمتع بقدرة إنتاجية متصاعدة في القطاع الزراعي. فبخلاف الصين تستطيع الهند ليس فقط تغطية احتياجات شعبها بمنتجاتها من الحبوب الزيتية و الغلال الزراعية، بل تصدر أيضا بعضا من الفائض لا يستهان به إلى الخارج. وفي آخر المقام يجب أن يذكر أن الهند تستطيع الاستناد إلى سوق رأسمالية متطورة جيدا مازالت تحمل طابع المراقبة الحكومية عليها. والجدير بالذكر أن بورصة بومباي تأسست عام 1875، وتعتبر بذلك أقدم بورصة في القارة الآسيوية على الإطلاق.
من ناحية السياسة الاقتصادية تلوح في الأفق كبادرة مهمة أن يتم في الهند اتباع نظام مبني على خطة "تزايد الطلب والإقبال"، بينما من الأفضل للصين اتباع نظام مبني بالدرجة الأولى على الاستثمار. فالسياسة الهندية مبشرة على المدى البعيد وفق ما تقول مؤسسة ميريل لونش الاستثمارية ومن هذا المنطلق يتم التنويه بأن الأسواق المالية في الدول النامية تتأثر -بعد الارتفاع المُحقّق - بصورة حساسة جدا تجاه أية تذبذبات أو صدمـات سلبية. ومن بين الأسباب المتعددة تبدو الهند بسبب عجز ميزان الإنتاج لديها، أنها أكثر عرضة لمثل تلك الصدمات من الصين حيث الفائض الاقتصادي متوفر بشـدة ورؤوس الأموال متدفقـة بكثرة.

الأكثر قراءة