لا للخوف من الإرهاب والسياح يؤكدون عودتهم مرة أخرى
إذا نظرنا إلى قائمة الهجمات الإرهابية لوجدناها تزداد اتساعا و بسرعة فمن الأقصر إلى جزيرة جربة ثم جزيرة بالي بعدها مدينة شرم الشيخ، وأخيرا قرية دهب السياحية. إنها هجمات تحول ليالي الرحلات السياحية الحالمة إلي كوابيس مزعجة. وبرغم هذا لا تكاد مثل هذه الصور للتدمير و التخريب و القتلى و الجرحى تفقد الألمان حماسهم للرغبة في السياحة والتنقل وزيارة الأماكن و البلاد الجديدة والبعيدة.
ويقول ماريو كوبيرز من شركة توماس كووك للسياحة إن الشركة لم تشهد عمليات تحويل أو إلغاء للحجوزات بشكل كبير كما كان يحدث من قبل فالناس لم يعودوا .. يخشون أو يخافون بشكل مبالغ فيه كما كان الحال سابقا بل إنهم يحاولون التأقلم مع الظروف الجديدة . وكذلك يقول روبين تسيمرمان من شركة توي للسياحة حيث لم ترتفع أعداد إلغاء الحجوزات بعد تفجيرات دهب ويقول: "على ما يبدو أن الناس أعّدوا أنفسهم سلفاً، على أن يكونوا ضحية إحدى الهجمات الإرهابية، بعد أن ازدادت حدة ذلك الخطر". ومن الطبيعي، أن تظهر إلغاء الحجوزات لفترة وجيزة، والتراجع عن الحجوزات الجديدة للأماكن التي تلقّت ضربات إرهابية. ولكن لا يدوم هذا حتى فترة طويلة. ويقول تسيمرمان: "غالبا ما تنجح مصر في تجاوز الأمر بسرعة". وهذا ما أشار إليه ممثلو شركات السياحة التي تعتبر مصر ذات الكنوز الأثرية وفي مقدمتها الأهرامات ونهر النيل واحدة من أهم الأسواق السياحية لديهم حيث تحتل مصر على سبيل المثال المرتبة السابعة في قائمة مجموعة توي السياحية للبلاد الأكثر جذبا للسياح بينما تتقدم للمرتبة الخامسة في قائمة مجموعة توماس كووك. وسافر نحو 1.8 مليون ألماني في عام 2005 في رحلة سياحية مدتها خمسة أيام على الأقل إلى القارة الإفريقية، وأغلبهم حطّ في مصر.
ولكن لا أحد يضمن أن تبقى الحال على حالها. ويقول بيتر أديرهولد مدير عام مجموعة أبحاث السفر والسياحة أن نحو 30 في المائة من الألمان يشعرون أنهم مهددون باحتمال وقوع هجوم إرهابي أثناء الرحلات السياحية بغض النظر عن المكان الذي سيتوجهون إليه ولكن هذا لم يؤدِ حتى الآن إلى تغييرات في مخططات الرحلات السياحية على المدى البعيد. ويقول أديرهولد: "يتغيّر شكل الضغط السياحي على المدى القصير نظراً للهجمات الإرهابية، ولكن خلال فترة أقصاها ثلاثة أعوام عقب الهجمات الإرهابية تعود الحجوزات إلى وضعها الطبيعي للأماكن المقصودة".
ولكن لا يمكن أن يعتبر هذا على أنه تشريع طبيعي، حيث يلعب الأمن في التخطيط للرحلات السياحية دوراً بارزاً وجوهرياً. وفي حالة حدوث هجمات في المكان نفسه على نحوٍ متكرر، من الممكن أن يؤدي هذا إلى تغيّرات طويلة المدى والتحوّل إلى محطات سياحية أخرى. ويختفي هذا الموقع المقصود كمحطة سياحية من الأذهان. ويقول أديرهولد: "هذا يحدث بالفعل دون وعي، ودون الشعور بالتغييرات الحقيقية". يضع المرء بالمعدل أربع محطات سياحية في رأسه. وعندما تسقط واحدة منها، لا يشعر المرء بالتغيير، ولكن المنطقة نفسها تشهد عواقب مؤلمة.
وبرغم وقوع عدة هجمات إرهابية قوية في مصر خلال العشرين عاما الماضية إلا أن اسم مصر لم يختفِ من قائمة المحطات السياحية حتى الآن ويقول روبين تسيمرمان من شركة توي: "يمتلك المصريون إدارة مخاطر جيدة جداًً. ويتعاملون بسرعة مع مثل هذه الهجمات بحملاتهم الترويجية التي يقومون بها". ويقول ماريو كوبيرس: "ومن الأمور التي عملت على التأثير بصورة جيدة، توجّه وحدة إضافية لمكافحة الإرهاب إلى مصر على التليفزيونات الألمانية عقب الهجمات. ويعمل هذا على تأمين الثقة لدى الناس".
ولكن يجدر القول بأن تكرار بث صور القتلى والجرحى يدمر هذه الثقة ويجعل الناس تخشى التوجه لزيارة مصر حتى برغم تلك الشواطئ الساحرة على البحر الأحمر والرحلات النيلية الخلابة والمعابد الأثرية والأهرامات التي يعود تاريخها إلى آلاف السنين .