الجويسر: الأحداث التي مر بها الاقتصاد العالمي تبشر بمستقبل واعد للتأمين التكافلي الإسلامي

الجويسر: الأحداث التي مر بها الاقتصاد العالمي تبشر بمستقبل واعد للتأمين التكافلي الإسلامي

يعد التأمين إحدى أهم الطرق المتبعة لتقليل الخسائر الناتجة عن المخاطر التي يمكن أن تواجه البعض. ويسهم مبدأ التأمين التكافلي في تحقيق هذا الهدف بما يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية. فهو يتضمن قيام كفالة متبادلة بين مجموعة من الأفراد أو المؤسسات والشركات في العسر واليسر على تحقيق مصلحة أو دفع مضرة، والمبدأ التكافلي في التأمين لا يقوم على مبدأ الربح كأساس، بل على مواجهة المخاطر والتخفيف من آثارها.

ونظرا لأهمية هذا الموضوع وازدياد أعداد شركات التأمين التكافلي واتساع نشاطها إداريا وماليا، عقد مصرف الراجحي ندوة داخلية عن التأمين التكافلي أخيرا تحت عنوان "التكافل من منظور إسلامي" في مقر الإدارة العامة للمصرف في مدينة الرياض، تضمنت محاضرة شاملة عن الموضوع ألقاها الشيخ سليمان محمد سليمان الجويسر، المستشار الشرعي في إدارة الرقابة الشرعية بمصرف الراجحي، وكان قد حضرها مجموعة كبيرة من المختصين من الهيئة الشرعية لمصرف الراجحي. وهذا ملخص ما طرح في هذه المحاضرة، حيث بدأ الشيخ سليمان بتعريف مفهوم التكافل في الإسلام قائلا: إن التّعاون بين أعضاء المجتمع الإسلامي هو مبدأ أصيل وذو رسوخ في جذور الدين الإسلامي، يُؤكد ذلك جملة من الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة. إن هذا المبدأ يعكس في أفقه الاجتماعي مفهوم التعاضد والتضامن الذي يشمل بعباءته الفضفاضة الفرد ضمن الكل، حيث يصوّر مؤازرة المجتمع الذي يهب لمساعدة مكوّناته الفردية طارداً عنها الأخطار التي تحدق بها لتنهض من كبوتها لتواصل معه المسير إلى مستقبل مشرق.

إن جوهر التّكافل الذي نعنيه مبيَّن كأفضل ما يكون في قوله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} «سورة المائدة ــ من الآية: 2»، وقوله: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض} «التوبة ــ الآية:71»، وقول الرسول الكريم: (مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى). «رواه البخاري ومسلم».

ثم انتقل إلى الحديث عن أسس هذا التّكافل فقال: يرى عديد من فقهاء الشّريعة الغراء أن التّأمين التقليدي لا يتوافق بطبيعته التي صممّ وفقها مع الأحكام الشّرعية، لاشتماله على جملة من المفسدات التي منها (الربا، والغرر، والقمار)، ويرجع توافرها إلى قيامه على مبدأ المعاوضة بين أطرافه (الشّركة والعميل)؛ بينما يتأسس التّأمين الإسلامي على علاقة التّكافل بين المشتركين التي تقوم على عدد من المبادئ؛ من أهمها:

الفصل بين حساب المشتركين وحساب المساهمين:

يدفع المشتركون الاشتراكات على سبيل التكافل والتعاون وذلك لتغطية الأخطار التي تقع لأي منهم.

تدير الشركة أعمال التكافل لمصلحة محفظة التكافل بصفتها جهة مستقلّة على أساس الوكالة نظير نسبة مئوية.

تستثمر الشركة اشتراكات التأمين التعاوني لمصلحة محفظة التكافل على أساس المضاربة الشرعية نظير نسبة مئوية من الأرباح المتحققة.

توزيع الفائض أو جزء منه على جميع المُشتركين بحسب نسب اشتراكهم، بغضّ النّظر عمّن تمّت تغطيته عن أضرار وقعت عليه، أو لم تتم تغطيته لعدم وقوع حادث أو أضرار عليه‏.

إذا حدث عجز في محفظة التكافل فإنها تدعم من حساب احتياطي محفظة التكافل ــ إن وجد؛ فإن لم يف به فيكون سداد العجز بمديونية شرعية، على أساس أن تسدد من فائض الاشتراكات في السنوات المقبلة.

واستعرض الجويسر نماذج إدارة التّكافل، حيث ذكر ثلاثة نماذج وقال: تتوافر ثلاثة أساليب مطبقّة حالياً لإدارة (التّكافل) وفقاً لنظام أسرة المشتركين؛ هي كالآتي:

نموذج الوكالة دون أجر مع المضاربة؛ وفيه تعمل مؤسسة التّأمين التكافلي بصفتها مضارباً والمشتركون في التّكافل بصفتهم أرباب المال، وبصفتها مضارباً فإن المؤسسة تدير مخاطر كل من أنشطة الاستثمار وأعمال التّأمين نيابة عن المشتركين في التّكافل، وفي المقابل فإنها تتقاضى نصيباً على شكل نسبة مئوية من أرباح الاستثمار.

نموذج الوكالة دون المضاربة؛ وفيه تُشكّل مؤسسة التّأمين التكافلي مع المشتركين في التّكافل علاقة الوكيل بالموكّل؛ حيث تعمل مؤسسة التّأمين التكافلي بصفتها وكيلاً نيابةً عن المشتركين في التّكافل الذين يمثّلون الموكّل، وتتصرّف في كلّ من أنشطة الاستثمار وأعمال التّأمين، ومقابل الخدمة التي تقدّمها بصفتها وكيلاً، فإنها تتقاضى مبلغاً يُسمى رسوم وكالة، وهو عادة ما يكون نسبة من الاشتراكات المدفوعة.

نموذج الوكالة بأجر مع المضاربة؛ وطبقاً لهذا النموذج فإنه يتم اعتماد عقد الوكالة بأجر لأنشطة التّأمين التكافلي، بينما يستخدم عقد المضاربة لأنشطة الاستثمار، وقد لقي هذا النموذج إقبالاً متزايداً من قبل مؤسسات التّأمين التكافلي.

أما عن مستقبل التّكافل فأكد أن الأحداث العالمية التي مرّ بها الاقتصاد العالمي تبشر بمستقبل يرود فيه التّكافل عالم التّأمين؛ حيث كانت تجربةّ اختبر فيها المجتمع الدّولي الفوائد الثابتة لمبادئ الاقتصاد الإسلامي، وكيف صمدت أمام الكارثة الاقتصاديّة التي ضربت العالم، وهزّت أنظمته المالية التي ظلّ يشيّد بنياتها لعقود زمنية طويلة.

الأكثر قراءة