«المدينة»: 300 مليون ريال في سوق الخضار بين يدي العمالة الآسيوية
على ناصية الشارع المؤدي إلى حلقة الخضار في السوق المركزية في المدينة المنورة, تجمع عشرات "العمال "، والتجار في حقيقة الأمر على سيارة مزارع سعودي عليها علامات السفر مع علامات أوضح لصاحبها الذي بدا متضجرا من الأسعار المعروضة ومتعبا من المساومة مع مجموعة من "هوامير السوق" ليعلن في النهاية موافقته على العرض السعري الذي بدا أنه لا يجد منافسا.
بدأ المزارع السعودي في تفريغ حمولة سيارته من صناديق الخيار ـ 30 صندوقا, على السعر الذي وقفت عنده عملية المساومة (أربعة ريالات) لكل صندوق كبير يسع نحو 15 كيلو جراما من الخيار فيما العمال (التجار) يشرعون منذ اللحظة في تقاسم الكعكة وتوزيع الصناديق إلى صناديق صغيرة تشبه صناديق الفواكه الموسمية وبطريقة عرض جذابة يتبعها سعر مضاعف لمرات عدة .
تمر هذه العملية السريعة بدورة كاملة للرابحين في هذه السوق، الذي يؤكد مسؤول بارز في الغرفة التجارية الصناعية في المدينة المنورة، أنها تدر نحو 300 مليون ريال سنويا تمر من أمام السعوديين ومن خلفهم دون أن يتنبهوا إلى حجم السوق الحقيقي للخضار في مدينة تلعب التمور والنعناع وباقي أنواع الخضار فيها دورا حيويا لاقتصاد أبنائها.
يؤكد محمود رشوان رئيس اللجنة التجارية لغرفة المدينة المنورة، أن الأموال المهدرة من إهمال السعوديين لتسويق محاصيلهم الزراعية ربما يرتفع في الأعوام المقبلة ليشكل نصف مليار سنويا، إذا لم يتم تدارك الأمر وخلق منافسة عادلة مع التجار المسيطرين على السوق وجلهم من جنسيات آسيوية جاءت بداية للعمل بأجور ضئيلة لكن رشوان الذي تدارك تعليقاته بالقول "بالعافية على الجميع لكن الأمر يتعلق بثروة وطنية تتعلق بالمنتوجات الزراعية التي تبذل الدولة من أجلها كثيرا من الأموال لدعمها وخلق فائدة مضافة للمواطنين من وراء العمل في هذا المجال, كما أن الأمر يتعلق بثروة مائية تهدر ولا يمكن تعويضها في مقابل منتوجات يذهب ربحها لغير السعوديين".
يقترح رئيس اللجنة التجارية لتخفيف وطأة هذه الخسائر على المواطنين إقامة تحالف من مؤسسات سعودية وطنية تقوم بدور التسويق. وتعطي المزارعين حقوقهم بشكل أكبر مما هو حاصل حاليا, على أن تبيع للمواطنين بشكل لا يؤثر في الأسعار بشكل سلبي على المستهلك الأخير, ما يؤدي لعموم الفائدة.
و في الجانب الآخر, يرى المزارع سليمان الجهيري أن الفكرة ربما تكون قد تأخرت كثيرا بالنظر إلى الخسائر الكبيرة التي مني بها المزارعون في الأعوام الماضية نتيجة اضطرارهم للبيع بأسعار بالكاد تغطي نفقاتهم, لكنه في الوقت ذاته متحمس لفكرة أن يدفع باتجاه تأسيس جمعية تخدم المزارعين.
وفي السياق ذاته, كانت الجمعية التعاونية الزراعية في المدينة المنورة قد أعلنت أخيرا إقامة مشروع للأسر المنتجة، عبر مجمع صناعي متكامل الخدمات يهدف لرفع مستوى إنتاجية الأسر السعودية، إضافة إلى تسويق منتجاتها، ويضم المشروع عديدا من الأقسام من بينها مصنع لتعبئة التمور وإنتاج المعمول والأكلات الشعبية المرتبطة بالتمور، ومصنع لاستخلاص الزيوت العطرية من نعناع المدينة المنورة، الذي تتعدد استخداماته الغذائية والطبية، حيث يزداد الطلب عليه من أنحـاء العالم كافة.