المملكة تحددّ 6 محاور لمستقبل الصناعة النفطية

المملكة تحددّ 6 محاور لمستقبل الصناعة النفطية

أكد المهندس علي بن إبراهيم النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية أن السعودية تسعى إلى تكوين صناعة نفطية متميزة من حيث التركيز على تطوير وتشجيع الصناعات والخدمات المساندة للطاقة، بحيث تكون تابعة للقطاع الخاص. واستعرض النعيمي في الكلمة التي ألقاها في مؤتمر الطاقة العربي الثامن، الذي بدأت أعماله في العاصمة الأردنية عمان أمس، أهم السياسات التي تسعى المملكة إلى تطبيقها.
ولخص النعيمي أهم النقاط الرئيسة لهذه السياسة النفطية في:
أولاً: بناء صناعات وطنية تركز على القيمة المضافة وترتبط بالنفط والغاز كلقيم ووقود، مثل الصناعات البتروكيماوية، صناعات التعدين، والصناعات المشتقة من النفط والغاز أو المعتمدة عليهما. وأوضح أن المملكة بدأت في التوسع في الصناعات البتروكيماوية بشكل تدريجي، ويصل نصيبها من الإنتاج العالمي الآن إلى نحو 8 في المائة. كما أنها دخلت مرحلة جديدة في صناعاتها التعدينية حيث ستبدأ في إنشاء صناعة الأسمدة الفوسفاتية المعتمدة على الفوسفات والغاز الطبيعي والكبريت، وجميعها منتجات وطنية.
ثانياً: استغلال الميزة النسبية للمملكة المتمثلة في توافر إمداداتٍ كبيرةٍ من الطاقة مع يسر الوصول إليها من خلال التوسع في الصناعات المرتبطة بالطاقة التي تحتاج إلى كمية كبيرة من الطاقة بأسعار مناسبة لتستطيع المنافسة عالمياً. ويدخل ضمن ذلك صناعات الحديد، الألومينا، والألمنيوم وغيرها.
ثالثا: التوسع في الصناعات التحويلية ذات القيمة المضافة المعتمدة على المنتجات البتروكيماوية الأساس. ويجري الآن إنشاء مراكز للبحوث العلمية لتطوير منتجات ومشتقات بتروكيماوية جديدة، وإنشاء معاهد لتدريب العاملين السعوديين في مجال البتروكيماويات.
رابعاًً: العمل على إنشاء الصناعات والنشاطات المساندة للنفط، حيث أنشأت المملكة شركة متخصصة لخدمات الطاقة، وحّولت إدارتها وملكيتها للقطاع الخاص. وقال "نحن نعمل حالياً على وضع السياسات والإجراءات التي ستسهم في تطوير قطاع الخدمات المصاحبة للنفط والطاقة، وتساعد على تذليل الصعوبات التي تواجه نمو هذا القطاع المهم".
خامساً: التركيز على تطوير الأنظمة والمؤسسات الاقتصادية لتسهم في إيجاد تنمية مستدامة لا تتأثر، بشكل كبير بتقلبات معدلات الأسعار وكميات الإنتاج في السوق النفطية الدولية.
سادساً: التوسع في النشاطات الاقتصادية المختلفة التي تمثل نمواً اقتصادياً غير مرتبط بالنفط مثـل: السياحة، قطاع الخدمات، التعليم المتقدم، التقنية الحديثة، وغيرها.
وتطرق وزير البترول والثروة المعدنية إلى التغيرات الكبيرة التي حدثت في السوق النفطية الدولية وفي الصناعة النفطية العالمية والعربية خلال الأعوام الأربعة الماضية. وقال إنه لتغيُّر أوضاع بعض دول العالم من حيث استهلاك النفط ومن حيث تصديره، أصبحت الصين ثاني أكبر دولة مستهلكة للنفط بعد أن كانت الرابعة، وأصبحت الهند ضمن أكبر خمس دول مستهلكة للنفط. أما فيما يخص التصدير، فاحتلت روسيا المرتبة الثانية بعد أن كانت النرويج في تلك المرتبة. وأضاف كما أن من أهم التغيرات ارتفاع أسعار النفط بشكل ملحوظ. فبعد أن كان سعر البرميل في حدود 20 دولاراً عام 2000، وصل اليوم إلى نحو 70 دولاراً للبرميل. وهذا الارتفاع لم يؤثر على نمو الاقتصاد العالمي بخلاف ما كان يعتقد أغلب المحللين. فقد استمر الاقتصاد العالمي في نموه، على الرغم من استمرار ارتفاع أسعار النفط وأغلب المواد الصناعية.
وأشار إلى دخول صناديق الاستثمار المالية في السوق النفطية المستقبلية بشكل لم يحدث من قبل، حيث زادت استثمارات هذه الصناديق عشرة أضعاف لتصل الآن إلى نحو تريليون دولار بعد أن كانت في حدود 100 مليار دولار منذ أربع سنوات. ويعتقد بعض المحللين والمراقبين للسوق، حالياً، أن الارتفاع الحالي في الأسعار يعود إلى دخول هذه الصناديق في السوق النفطية الآجلة والتحكم فيها.
وفي الجانب العربي استعرض النعيمي بعض التطورات النفطية منها: انخفاض إنتاج وصادرات العراق، بداية تصدير الغاز المصري إلى كل من الأردن وسورية، تصدير الغاز القطري إلى الإمارات، زيادة إنتاج النفط – في حدود 25 في المائة، من السعودية، الجزائر، الكويـت، والإمارات، ودخول السودان إلى نادي الدول المنتجة والمصدّرة للنفط.
وحدد المهندس النعيمي طريقتين لاستشراف المستقبل الأولي تركز على الاتجاهات العامة للطلب والعرض، من خلال تفاعل عدة عوامل مثل النمو الاقتصادي المتوقع والأسعار واتجاهات النمو في استهلاك النفط في الأعوام الماضية وذلك في جانب الطلب. أما جانب العرض فيتم استشرافه من خلال مشاريع الإنتاج المعلن عنها. وهذه هي الطريقة التقليدية السائدة خصوصاً لدى المنظمات ومراكز البحوث الدولية. وأضاف أن الطريقة التقليدية الاقتصادية لاستشراف المستقبل قد تقودنا إلى الاعتقاد بأن الطلب على النفط سيصل، بحلول عام 2015 إلى نحو 100 مليون برميل يومياً. أما الطريقة غير التقليدية فتقودنا إلى القول بأن هناك احتمالاً لانخفاض الطلب على النفط بدلاً من ارتفاعه. وأشار إلى العلاقة الخاصة التي تربط الوطن العربي بالنفط، حيث إن 60 في المائة من احتياطي النفط العالمي يقع في الوطن العربي، وثلث الإنتاج العالمي ينبع من الدول العربية، و40 في المائة من تجارة النفط العالمية في النفط العربي.
وعن التحديات التي تواجه الصناعة النفطية، أوضح أن الصناعة النفطية العربية تواجه ثلاثة تحديات رئيسية هي: إيجاد صناعة نفطية عربية تستطيع المنافسة عالمياً، الآثار المترتبة على محاولة بعض الدول الصناعية تقليص استخدام النفط، واستخدام الثروات النفطية العربية من أجل بناء قيمة مضافة وتوسعة القاعدة الاقتصادية المحلية والإقليمية.
وحذر من استمرار توقع زيادة الطلب على النفط بشكل كبير، واستمرار الأسعار في وضعها الحالي أو ارتفاعها عنه.
من جانبه، أكد الدكتور معروف البخيت رئيس الوزراء الأردني ضرورة تفعيل التعاون العربي في مجال الطاقة من خلال انتهاج سياسة تضع في اعتبارها التكامل لا التنافس غير المدروس من خلال تخطيط استراتيجي عربي شامل. ودعا البخيت خلال افتتاحه أعمال مؤتمر الطاقة العربي الثامن إلى التعاون الدولي باعتبار أن مصالح الدول النامية تفرض مد الجسور وتقوية الصلات وتعميق التعاون خاصة مع دول العالم المتقدم مصدر العلم والمال والأسواق.
أما عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية فأكد أهمية تطوير الإمكانات المتاحة والاستفادة منها خاصة ما يتعلق بالنفط والغاز.
ومن جهته، أشار سامح فهمي وزير النفط المصري إلى المبادرة المصرية في مؤتمر "أوبك" الأخير بهدف المساهمة في تحقيق الاستقرار للأسواق والوصول إلى نطاق متوازن لأسعار النفط العالمية من خلال عقد مائدة مستديرة للحوار في القاهرة نهاية العام الجاري بحضور الدول الأعضاء في منظمة "أوبك" ومن خارجها، بجانب مشاركة منتدى الطاقة العالمي، منتدى الدول المصدرة للغاز الطبيعي، والدول المستهلكة للنفط والغاز الطبيعي .
يذكر أن المؤتمر سيبحث على مدى أربعة أيام تطورات استهلاك الدول العربية من الطاقة وترشيده، الصناعات النفطية اللاحقة، التطورات المؤسسية في أسواق الطاقة، مسائل التمويل، وقضايا البيئة والتنمية المستدامة. ويهدف المؤتمر إلى إيجاد إطار مؤسسي للأفكار والتصورات العربية حول قضايا النفط والطاقة لبلورة رؤى بشأنها، وتنسيق العلاقات بين المؤسسات العربية العاملة في النشاطات المرتبطة بالطاقة والتنمية، وربط سياسات الطاقة بقضايا التنمية ودراسة الاحتياجات العربية من الطاقة حاضرا ومستقبلا ووسائل تلبيتها، والتعرف على الإمكانيات العربية المتوافرة والجهود المبذولة لتطوير مصادر الطاقة، والتنسيق بين هذه الجهود والتعرف على الأبعاد الدولية للطاقة وآثارها على الدول العربية.

الأكثر قراءة