خبراء يطالبون بتحرك حكومي لتعزيز ضمان الديون وائتمان المشاريع
انتهت في الرياض أمس فعاليات مؤتمر يوروموني وسط مطالبة خبراء دوليون بضرورة أن تتجه حكومات دول المنطقة إلى مزيد من فرض أنظمة تعزز ضمان الديون وائتمان المشاريع لتعزيز شراكة القطاع الخاص وتدفع إلى مزيد من احترافية المرافئ والأنشطة الاقتصادية.
وحاولت جلسات المؤتمر في اليوم الختامي له، والذي انتهى دون إبداء توصيات أو مقترحات عامة لما طرح، معالجة ملف الضمانات الحكومية للديون وائتمان المشاريع، إضافة إلى تطوير آليات إدارة الأصول وتمويل الشركات والملكية الخاصة. ولفت سايمون منك رئيس استثمارات البنى التحتية في شركة إنستراتا كابيتال إلى أن الفرص الجاذبة مازلت ضخمة في السعودية والخليج لاسيما ما يتعلق بمجال البنى التحتية والأنشطة الرئيسية المتعلقة بالطاقة، لكنه لفت إلى موضوع المخاطر الاستثمارية حيث أكد أن هناك جانب كبير من المخاطرة. كما دعا سايمون إلى ضرورة ضمان الحكومات للاستثمارات لتقليص معدلات المخاطر في المشاريع الكبيرة التي ربما تتعثر في وقت ما، مشيرا إلى أنه من المهم إبداء مجال لتأمين الدين ودفع عمليات التمويل للخدمات اللوجستية والخدمات الأساسية الأخرى لأنها تعطي الثقة للقطاع الخاص. وأفاد أن الثقة التي يبحث عنها تهدف إلى تقوية مركز الاستثمار في المشاريع وبالتالي تعزيز الوضع المالي وتوجه البنوك نحو التمويل اللازم وتحميس المطورين لمزيد من تنمية الأعمال، لافتا إلى أن استقرار الحكومات يعد عاملا مكملا لهذا التصور.
من ناحيته، أكد ماريو سلامة مدير إدارة تمويل المشاريع والواردات في بنك إتش إس بي سي الشرق الأوسط، أن هناك مشكلات تواجه المشاريع أحيانا لكن الغالب هو النجاح في توفير التمويل، مشددا على أن البنوك المحلية والعالمية لديها الرغبة في تمويل المشاريع في المنطقة لكنها تتجه إلى انتقاء تلك المشاريع وتدرسها بعناية. وأفاد سلامة أن الهدف الرئيس من عمليات التمويل هو مشاركة القطاع الخاص بفعالية في الأنشطة الحيوية في وقت توجد حكومات قادرة على تمويل المشاريع بذاتها لكنها تبحث عن تحقيق مبدأ الشراكة.
إلى ذلك، قال آنيل بيري الرئيس التنفيذي لمنطقة الخليج في شركة يولر هيرمس "لم نواجه مخاطر سياسية في منطقة الخليج لكن المشاريع مرتبطة دائما بالاستقرار، حيث لا يمكن أن تمضي بالتوجهات السياسية بل لابد أن تبنى على سياسة تجارية بحتة"، مشيرا إلى أن المطورين والممولين يتجهون إلى متابعة حركة تصنيفات الدول والاقتصادات والقطاعات المالية والبنكية قبل الدخول في المشاريع.
واستأنف "يوروموني" أمس فعالياته بعقد عدة جلسات بمشاركة عديد من الاقتصاديين من المملكة ومن دول العالم، والتي بحثت قضايا تمويل الشركات في ظل الأزمة المالية العالمية وسبل تمويل وإدارة الأصول، وتفضيل المستثمرين في المملكة للأصول العقارية على حساب الأوراق المالية، إضافة إلى قضية الائتمان ومشكلة التمويل للمشاريع السعودية.
ففي جلسة لبحث محور أسواق الائتمان، تطرق المتحدثون إلى أن التمويل الإسلامي يعد بديلا عن تمويل الدين التقليدي وأن البنوك باتت تقدم قروضا أقل من الفترة السابقة بسبب الأزمة العالمية وضرورة تدخل الحكومات في أسواق الدين، كما يجب عليها أن تدعم القطاع الخاص والاهتمام أكثر بتطوير السوق المالية السعودية وتحديث أنظمتها.
وأشاد المتحاورون بالتعامل الناجح لقيادة المملكة مع أزمة الرهن والأزمة المالية العالمية وإنها باتت من أكبر الأسواق التي يمكنها إصدار سندات غير سيادية وألا تركن إلى تمويل البنوك، بل يجب البحث عن مصادر أخرى، مشيرين إلى أن السعودية تتيح تمويلاً يصل إلى 400 مليار دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة وإلى جانب ذلك فيجب إدماج الاستثمارات الأجنبية المباشرة والقطاع الخاص في هذا المجال رغم عدم كفاية البنية التحتية المخصصة لجذب رأس المال الأجنبي.
وفي جلسة أخرى تناولت موضوع تمويل الشركات بمشاركة عدد من المسؤولين التنفيذيين من كبار الشركات الاستثمارية، تم التطرق إلى النقلة النوعية للاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تفوقت على نظيرتها التي حدثت لتمويل الشركات وما شهدته المنطقة العربية من نشاط كبير في هذا المجال وهو ما جعل قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة في المنطقة إلى 35 مليار دولار و65 في المائة من إجمالي عمليات التمويل على مدى عامين.
وأشار المتحدثون إلى أن المنشآت الصغيرة والمتوسطة تعاني صعوبات في الحصول على التمويل وأنه من أجل جمع التمويل اللازم عليها التوجه لأسواق المال، كما أنها لا تستطيع حشد موارد للتمويل وتحتاج إلى مزيد من السيولة في ظل وجود رفض لإقراض تلك الشركات مطالبين البنوك بأداء واجبها في هذا الجانب. وحول ملكية الشركات العائلية في المملكة، أوضح المتحدثون أن المملكة تعد سوقا كبيرة للأسهم الخاصة وتشكل 90 في المائة من الأصول غير النفطية مملوكة لمجموعات عائلية يدعمها النشاط الكبير لسوق المال السعودية التي تشهد عديدا من الطروحات للشركات الجديدة المدرجة خاصة في ظل تغير هيكلية تلك السوق التي تتم حاليا، إضافة إلى وجود اهتمام أجنبي بالسوق المالية السعودية خاصة في ظل التغيرات التي يشهدها.
فيما تناولت الجلسة السادسة للمؤتمر محور إدارة الأصول بمشاركة عدد من شركات الوساطة المالية وإدارة الأصول في منطقة الخليج. وأوضح المتحدثون أن الأصول الخاضعة للإدارة في السعودية تشكل 7.5 في المائة فقط من جملة السوق وهو قليل جداً مقارنة بأسواق أكثر نضجاً كالولايات المتحدة حيث تمثل الأصول الخاضعة للإدارة 72.8 في المائة من جملة السوق وأن المرابحة على سبيل المثال هي أحد أنواع التمويل في المنطقة وهي ليست مربحة بالقدر الكافي, خاصة أن حجم التمويل في المملكة أصغر مما هو عليه في الولايات المتحدة رغم الحاجة إلى التمويل.
وقال المتحدثون إن المستثمرين في المملكة يتجهون إلى القطاع العقاري وسوق المال، ومع التنظيم في السوق المالية سيتم التوجه إليها بشكل أكبر خاصة إذا ما تم تصحيح النظرة تجاه الاستثمار طويل المدى وهو ما يجب على السلطات المالية في المملكة العمل من أجل نشر الوعي بين المواطنين السعوديين حول الاستثمار الطويل المدى وأهميته في ظل طرح أدوات استثمارية جديدة كالصكوك ذات العائد والمرابحات المنخفضة التكلفة.
وأشار المتحدثون إلى الأهمية التي تكتسبها صناديق الأموال التمويلية الملتزمة بالمصرفية الإسلامية وهو ما يعطي مؤشرا على تنامي دور المصرفية الإسلامية في الفترة المقبلة في ظل وجود اهتمام دولي لطرح صناديق إسلامية في المنطقة، وهناك حاجة إلى فتح أسواق المنطقة من أجل تأمين طرح المزيد من الصناديق الدولية.