دول أمريكا اللاتينية تثير متاعب لشركات النفط الغربية

دول أمريكا اللاتينية تثير متاعب لشركات النفط الغربية

تسببت المخاوف من تطور النزاع مع إيران حول برنامجها النووي وما يحدث من أعمال عنف في نيجيريا – تسببت في رفع أسعار النفط خلال الأسابيع الماضية إلى أعلى معدلاته. وحتى في أمريكا اللاتينية، والتي تحظى باستمرار بأكبر مخزون احتياطي من النفط على مستوى العالم بعيداً عن إقليم الأزمات في الشرق الأوسط، فقد بدأت تتزايد النزاعات حول النفط والغاز فيها. وتضع حكومات الدول، من فنزويلا، وبوليفيا، والأرجنتين، والإكوادور، العقبات أمام مجموعات النفط الأجنبية، وتتباحث في أمر تحويل المزيد من الحصص من دخل التصدير المتنامي لصالح صناديق حكومية. ويوجد ما يزيد على أربعة أخماس من مخزون احتياط النفط لجميع أمريكا الجنوبية في فنزويلا وحدها.
وهدد الرئيس الفنزويلي هوجو شافيز لدى لقائه رؤساء الحكومات الآخرين في أمريكا الجنوبية أخيرا، بأنه سيحرق آبار النفط في بلاده إذا ما أقدم الأمريكيون على غزو فنزويلا. وبدأ شافيز منذ فترة من الوقت بشراء الأسلحة من جميع أنحاء العالم. وفي الوقت نفسه، باشر شافيز بتعزيز الميليشيا المسلّحة لديه المؤلفة من مليون رجل و امرأة. ويناشد شافيز غيره من ساسة فنزويلا إلى شد أزر إيران في نزاعها مع الولايات المتحدة ويؤكّد شافيز على أن إيران لها الحق في الاستخدام السلمي للطاقة الذرية.
وتُعد فنزويلا إحدى أكبر الدول المصدرة للنفط في العالم، وهي تغطي نحو 16 في المائة من استيراد النفط للولايات المتحدة الأمريكية. وخطوة تلو خطوة، يضع شافيز ضمن إحدى نواحي وعيد الحرب الكلامية شركات النفط الأجنبية، والتي تعمل في منشآت الإنتاج من جديد تحت قبضة الحكومة، حيث حققت الشركات الخاصة حتى آذار (مارس) على الأقل بنحو 40 في المائة من الإنتاج الفنزويلي الإجمالي من 2.7 إلى 3.3 مليون برميل من النفط الخام يومياً ومع بداية شهر نيسان (أبريل) أجبرت الحكومة على تحوّل نحو 32 من امتيازات النفط الخاصة إلى الشركات التعاونية والتي تحظى بأغلبية سيطرة حكومية، وتصب بحصص أرباح عالية إلى الخزينة المالية. وكان على الشركة الفرنسية "توتال- Total"، والشركة الإيطالية "إني- Eni" التخلي عن حقولها النفطية بالكامل، لأنها لم تتمكن من التأقلم مع الشروط الجديدة.

وأعلن رافائيل راميروث وزير النفط والطاقة في فنزويلا أن الحكومة تنوي فرض سيطرتها على حقول النفط الموجودة على مثلث نهر أورينوكو، والتي تدار حتى هذه اللحظة عن طريق مجموعات شركات أجنبية. وحسب تقديرات الحكومة، لا تزال كميات تخزين الاحتياط من النفط المُكتشف في حقول أورينوكو بيكن غير كافية إلى حدٍ بعيد، بما يُعادل نحو 235 مليار برميل من النفط الخام. ومن الممكن أن يكون احتياطي فنزويلا، بالإضافة إلى تلك، بنحو 80 مليار برميل من المخزون أكبر مما هو في المملكة العربية السعودية. ويؤكّد شافيز قائلاً: "يوجد لدينا من النفط ما يكفي مائتي عام".
ويُفترض أن يتم إنتاج النفط من مصادر أورينوكو بيكن ضمن إجراءات مكلفة أولاً ومن ثم تحويله إلى نفط تجاري. وتمتلك بعض الشركات القليلة فقط التكنولوجيا اللازمة لذلك، حسب ما يقول الخبراء. واستثمرت مجموعات النفط الرائدة عالمياً، مثل شركة موبيل وشيفرون الأمريكيتين وبريتيش بيتروليوم البريطانية و توتال الفرنسية نحو 17 مليار دولار في أورينوكو. ومن المفترض أن تنساب نحو 15 مليار دولار حتى عام 2012 لمضاعفة سعات الإنتاج هناك. وإذا قامت الحكومة بسحب السيطرة من المجموعات الأجنبية، وعلى تقليص الأرباح، من الممكن أن يعمل هذا على إبعاد المستثمرين.
وحتى في الدول الأخرى ضمن الإقليم، تسعى الحكومة من جديد إلى الاستحواذ على حصة أكبر من دخل النفط، وعلى السيطرة الاستراتيجية لهذه السوق. وفي فترة التسعينيات، عندما عقدت الكثير من دول أمريكا الجنوبية عقود امتياز مع شركات خاصة، حينها بلغ سعر النفط بالمعدل نحو 20 دولارا لكل برميل، وفي الأسبوع الماضي ارتفع إلى نحو 75 دولارا. وما قبل عشرة أعوام كان يضع المرء شروطاً مناسبة لتعدد جنسيات النفط، بهدف التمكن من تعويض أسعار النفط، والمخاطر المرتفعة. والآن يُأخذ هذا في الحسبان ، دون النظر إلى العقود القائمة. وتريد حكومة الإكوادور الحصول على نصف دخل النفط في المستقبل وليس فقط من 20 إلى 30 في المائة منه.
في المقابل عملت الأرجنتين على تخصيص قطاع النفط بالكامل في فترة التسعينيات. واليوم تحافظ الحكومة على الأمور دون أضرار، بفرض ضريبة على تصدير النفط تبلغ نحو 45 في المائة، بينما تثبّت أسعار الغاز في السوق المحلية بنحو سُدس المعدل الدولي المعتاد. وفي الوقت ذاته، يعبّر الرئيس، نيستور كيرشنر، عن غضبه بأن المجموعات الخاصة لن تستثمر بصورة كبيرة في المستقبل.
وفي البرازيل التي تعد ثالث أكبر منتج للنفط في الإقليم قامت الحكومة بفتح القطاع بحذر في فترة التسعينيات. ولكن تبقى السيطرة الكبرى لشركة "بتروبراس- Petrobras " ذات أغلبية الحصص الحكومية. ونجحت البرازيل على الدوام، في رفع حجم الإنتاج خلال الأعوام الستة الأخيرة ما يزيد على 40 في المائة، بينما كسد حجم الإنتاج في باقي الإقليم. وعقب إطلاق إحدى قواعد الإنتاج الجديدة مقابل سواحل "ريو دي جانيرو"، سيعمل أكبر موطن في أمريكا اللاتينية خلال العام الجاري لأول مرة على إنتاج المزيد من النفط أكثر مما تحتاج.
وتمتلك أمريكا اللاتينية، وجزر الكاريبي مجتمعةً نحو 10 في المائة من احتياطي النفط العالمي (دون حساب حقول أورينوكو بيكن)، وتساهم بنحو 11 في المائة من تصدير النفط الخام العالمي.

الأكثر قراءة