تحذيرات من مخاطر التضخم بعيدة المدى على الأسواق العالمية

تحذيرات من مخاطر التضخم بعيدة المدى على الأسواق العالمية

" يتمتع النظام المالي العالمي حالياً بوضع جيد جدا إلا أن هذا لا يمنع من أنّ هنالك مخاطر قد تؤدي إلى توتر وتذبذب في النمو الاقتصادي العالمي تاركة فيه آثارا سلبية."
كان هذا مضمون التقرير الأخير الصادر عن صندوق النقد الدولي، حول استقرار الأنظمة المالية في العالم. و أشار التقرير إلي أن أهم هذه المخاطر هو ازدياد التضخم المالي بصورة سريعة نتيجة لارتفاع أسعار النفط، فهذا التسارع في تقليل قيمة العملة النقدية قد يؤدى إلى احتمال زيادة الفوائد في الأسواق الرأسمالية، مما يترتب عليه تبعا تباطؤ النمو.
ويقول خبراء الأسواق الرأسمالية في صندوق النقد إن التزايد الأخير في الفوائد قصيرة المدى أدّى إلى تدني وأحيانا إلى انعكاس منحنى الفوائد في الولايات المتحدة و أنحاء أخرى من العالم . ولا يخفي التقرير وجود مخاوف من أنّ هذا التدني في منحنى الفوائد قد يكون نذيراً بتباطؤ النمو، استنادا إلي تجارب سابقة كان تدني منحنى الفوائد فيها مؤشراً على اقتراب حدوث ركود وكساد. ولكن في المقابل يؤكد التقرير عدة عوامل تحد من احتمال وقوع هذه الظواهر، ومنها: استمرارية تدني قيم الفوائد بصورة عـامة، إضافة إلى تدني مستوى التوقعات بحدوث تضخم مالي مزمن. لكن الصندوق يحذر من هبوب عاصفة قوية في أوجه العاملين في الأسواق المالية، إذا تزايدت على المدى البعيد وبصورة واضحة التوقعات بوقوع تضخم مالي، على سبيل المثال بسبب ارتفاع سريع في أسعار النفط. ففي هذه الحالة، فإن الارتفاع العام في مستوى الفائدة قد يؤدي إلى تضاؤل فرص الربح لدى الشركات، وإلى تزايد تكاليف ونفقات إعادة التمويل وكذلك إلى تباطؤ في النمو.
وقال خبراء الصندوق أنّ ارتفاع أسعار النفط سيزيد من هوة الفجوة الكبيرة في ميزان الإنتاج خاصة مع تأكيدات الخبراء أن ارتفاع أسعار البترول هو المسؤول المباشر عن نصف التدهور - أو حتى حوالي بفارق نقطة مئوية واحدة- في ميزان الإنتاج في أمريكـا خلال العامين الماضيين.
ويشير ميزان الإنتاج عادة إلى مدى علاقات الدولة الاقتصادية مع الدول الخارجية. ففي العام الماضي بلغ عجز الميزانية في أمريكا 804 مليارات دولار أو حوالي 6,4 في المائة من إجمالي دخل الدولة و يعتبر هذا دلالة على أن الولايات المتحدة قد استهلكت سلعاً وخدمات أكثـر مما أنتجـت.
وفي مقابل العجز الأمريكي هناك فوائض عديدة وخاصة في الدول المنتجة للنفط، حيث تتجاوز هذه الفوائض في معظم الأحيان 15 في المائة من دخل الدولة الإجمالي فالدول المصدرة للبترول تعلمت من أخطاء إخفاقها في استثمارات سابقة . إضافة إلى ذلك لم تؤثر أسعار النفط المرتفعة في ازدياد التضخم المالي بصورة غير طبيعية، فترتب علي ذلك أن الدول المستهلكة للنفط لم تضيق من نطاقاتها كما في السابق. ويفيد التقرير أن تراجع سعر الدولار في الأسواق الرأسمالية العالمية أدى إلى تراجع ارتفاع أرباح القروض الحكومية الأمريكية بفارق نحو 0.75 في المائة.
هذا وينتهي خبراء اقتصاد صندوق النقد الدولي إلى أن التداخل والتشابك القائم في الاقتصاد العالمي إضافة إلى التنافس الحاد في الأسواق العالمية سيكون لهما التأثير الإيجابي على تطور الأسعار في العالم. وفي الدول الصناعية تراجعت نسبة تزايد التضخم المالي خلال السنوات العشر الماضية بمعدل فارق بلغ 0.25 في المائة عنها في حالة عدم حدوث العولمة.
ويحذر صندوق النقد الدولي في تقريره أيضا من أن التسارع في التضخم المالي واقع لا محالة له سواء في هذا العام أو في العام المقبل.

الأكثر قراءة