سليمان السحيمي: ما يحدث للأسهم "موجة طارئة" وهناك انطلاقة مقبلة
وصف سليمان السحيمي رئيس مجلس إدارة البنك السعودي الهولندي، ما شهدته سوق الأسهم السعودية منذ منتصف شباط (فبراير) الماضي من موجات تراجع بـ"سحابة صيف"، معتبرا إياها لا تعكس المؤشرات القوية التي عليها الاقتصاد الوطني.
وأكد السحيمي أن سوق الأسهم السعودية على موعد مع فترة انتعاش وشيكة، لكنها ستكون هذه المرة وفق أسس متينة تتجاوز الكثير من السلبيات التي حصلت للسوق أثناء انتعاشها في الفترة الماضية، مشيرا إلى أن السوق لديها الكثير من العوامل القوية التي تدعمها، وهي ليست فقط الارتفاع المستمر في أسعار النفط وإنما سياسات حكومية رشيدة وواعية تأخذ في الاعتبار مصلحة المواطنين.
وأوضح السحيمي خلال حوار أجرته معه "الاقتصادية" على خلفية تدشين "السعودي الهولندي" شعاره الجديد أن البنك قادم وبقوة للعب دوره بين منظومة البنوك الوطنية في تأكيد عالمية البنوك السعودية وقدرتها على مواجهة تحديات المنافسة بعد انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية.
وقال إن إطلاق الهوية الجديدة للبنك تعكس تطلعات البنك خلال المرحلة المقبلة، وسعيه لتكريس ريادته من خلال تقديم أرقى مستوى من الخدمات المصرفية. إلى التفاصيل:
كيف تنظرون إلى التطورات الحاصلة حاليا في سوق الأسهم السعودية؟ وما نظرتكم المستقبلية للسوق؟
كما هو معروف فإن الأسهم السعودية حققت أفضل أداء لها العام الماضي المنتهي في 31 كانون الأول (ديسمبر) 2005م، حيث شهد العام ارتفاع جميع المؤشرات إلى مستويات قياسية لم تشهدها من قبل. وتجاوزت القيمة السوقية للأسهم 2.5 تريليون ريال، كما أن المؤشر العام للأسعار ارتفع إلى 16.712.64 نقطة مقارنة بـ 8.206.23 نقطة العام السابق. ولمعرفة حجم التطور الذي شهدته السوق، فلا بد من ملاحظة أن المؤشر كان في عام 2000 عند مستوى 2.258.29 نقطة، فيما قفزت القيمة السوقية من 255 مليار ريال عام 2000 إلى 2.438 مليار مقارنة بـ 1.149 عام 2004 وفي نهاية كانون الثاني (يناير) الماضي أنهى المؤشر أداءه مرتفعا إلى مستوى 18.807.59 نقطة بينما اقتربت القيمة السوقية في ذلك الوقت من ثلاثة تريليونات ريال.
وكما هو معروف فقد تعرضت الأسهم السعودية منذ شباط (فبراير) الماضي لموجات من التراجع لا تعكس واقع وقوة اقتصادنا الوطني ونحن واثقون أنها مجرد "سحابة صيف" حيث من المتوقع حسب إجماع الاقتصاديين عودة حركة الأسهم مجددا نحو الارتفاع ولكن وفق أسس تتجاوز سلبيات الفترة الماضية.
كما أن لدى سوقنا عوامل قوة كبيرة تدعمها، ليس فقط الارتفاع المستمر لأسعار النفط وإنما سياسات حكومية رشيدة وواعية تأخذ في الاعتبار مصلحة المواطنين.
ونحن في البنك الهولندي لنا دور رئيس في سوق رأس المال السعودية حيث يلتزم البنك بتوفير خدمات شاملة فيما يخص أسواق رأس المال لعملائه، ويوجد لدى البنك فريق متخصص ومؤهل مكون من خبراء محليين وأجانب يتمتعون بخبرة كبيرة في عمليات السوق المالية.
كما للبنك دور رئيس في إدارة عمليات الإقراض لتمويل المشروعات الاستثمارية العملاقة، وأننا نقوم بدور متميز في عمليات طرح الأسهم في السوق للشركات التي تتحول من عائلية أو مقفلة إلى شركات مساهمة عامة في وقت أصبحت فيه مثل هذه العمليات تتم بعناية ودقة متناهية مقارنة بأسواق المنطقة، حيث إن الشركات التي تفي بالمتطلبات المالية والمعايير التنظيمية الصارمة وحدها التي يسمح لها بإدراج أسهمها في السوق المالية.
يشهد الاقتصاد السعودي مرحلة جديدة من الازدهار وصفها بعض الاقتصاديين بـ"الطفرة الثانية" خاصة في ظل الأداء الاستثنائي العام الماضي، ما دور القطاع المصرفي في ذلك؟ وما مدى التطور الذي تشهده البنوك السعودية في مواكبة هذا الازدهار؟
الواقع أن القطاع المصرفي كان ولا يزال يقوم بدور حيوي داخل منظومة اقتصادنا الوطني سواء من خلال دوره التقليدي في تشجيع الادخار والاستثمار وإعادة ضخ الفوائض المالية في شرايين وأوردة الاقتصاد أو من خلال تطوير نشاطات تسهم في صناعة وتوفير المزيد من الأدوات الاستثمارية. وكما تتحدث الأرقام فإن القطاع لم يكن بعيداً عن أداء دوره في الأداء الاستثنائي للاقتصاد العام الماضي عندما أجمع الاقتصاديون على أن عام 2005م كان الأفضل في تاريخ الاقتصاد السعودي.
فقد ارتفع إجمالي أصول مصارفنا الوطنية إلى أكثر من 759 مليار ريال العام الماضي مقارنة بـنحو 748.8 مليار عام 2004 فيما بلغ 766.8 مليار في كانون الثاني (يناير) 2006. كما ارتفع إجمالي الودائع المصرفية لبنوكنا الوطنية بنهاية عام 2005 إلى أكثر من 481.9 مليار مقارنة بـ 430 عام 2004 ونحو 356.3 مليار عام 2003.
وهناك مؤشر يؤكد الدور المتنامي للقطاع في توفير السيولة المطلوبة لخطط واستراتيجيات التنمية في بلادنا، حيث نجد أن إجمالي مطلوبات المصارف الوطنية من القطاع الخاص زادت خلال عام 2005م على 435.9 مليار ريال، مقارنة بـ 313.9 مليار العام السابق وفي كانون الثاني (يناير) 2006 بلغت هذه المطلوبات أكثر من 440 مليارا، أما المطلوبات من القطاع العام فقد انخفضت عام 2005 إلى نحو 159.48 مليار ريال مقارنة بـ 175.8 مليار عام 2004 ريال، مع ارتفاع الإيرادات الحكومية وتحقيق الموازنة الحكومية أكبر فائض في تاريخ المملكة، وهذا مؤشر آخر يدل على أهمية الدور الذي يلعبه القطاع في منظومة اقتصادنا الوطني.
ولا بد من التنويه هنا بما يحظى به القطاع المصرفي في المملكة من دعم كبير من جانب مؤسسة النقد العربي السعودي في تطوير الأنظمة التقنية المصرفية من أجل ضمان وجود تقنية مصرفية سعودية ذات بنية تحتية حديثة ومتكاملة قادرة على استيعاب كافة التطورات المستقبلية، إلى جانب استيعاب التزايد المستمر في التعاملات التجارية. وهناك الشبكة السعودية للمدفوعات التي تشهد نموا متزايدا في المملكة.
مال واستثمار
كيف تنظرون إلى السوق المالية السعودية ودورها في تشجيع الاستثمار والمحافظة على استمرارية التطور الاقتصادي الذي تشهده المملكة؟
السوق المالية السعودية وبغض النظر عما شهدته سوق الأسهم من حركة تصحيحية خلال الفترة الأخيرة، ماضية في التطور بثبات ونحن كمصرفيين واثقون ومن خلال معرفتنا بطموحات القائمين على السوق، أن المملكة ستبرز قريبا كمنافس لا يشق له غبار بين المراكز المالية في المنطقة وعلى مستوى العالم.
وتشهد السوق المالية في المملكة تغيرات كبيرة في الوقت الحالي، ويتوقع أن يضطلع القطاع الخاص بدور أكبر في نمو الاستثمارات مستقبلاً، كما أن سوق الأسهم قطع شوطاً كبيراً من التداول غير المنظم عن طريق السماسرة في الثمانينيات إلى ما هو عليه الحال اليوم حيث يتم تداول الأسهم على الشاشات، إذ تربو القيمة السوقية لسوق الأسهم السعودية على أكثر من تريليوين ريال سعودي، وهي الأكبر في منطقة الشرق الأوسط.
كما أن الإعلان عن إنشاء هيئة السوق المالية السعودية العام الماضي كان من أهم القرارات الاقتصادية في تطور السوق، حيث إنها أسهمت بشكل كبير في ضبط عمليات التداول في سوق الأسهم السعودية التي تعتبر من أكبر الأسواق العالمية، طبعا لدينا أيضا نظام للسوق المالية يعتبر من أفضل الأنظمة المعمول بها على المستوى العالمي.
ويمكن ملاحظة تميز أداء النظام المالي السعودي إذا نُظر إليه في سياق التطورات والاتجاهات في الأسواق المالية العالمية، حيث أوجدت هذه الاتجاهات العالمية بيئة مالية عالمية أكثر حيوية وارتباطاً وتقلباً مع تزايد المخاوف من اضطراب الأسواق والمؤسسات العاملة فيها، وبالتالي تطلب ذلك تركيزا أكبر وتمحيصاً أدق على ممارسات إدارة المخاطر للقطاع المالي.
ويقوم المشرفون الدوليون في أسواق الخدمات المصرفية والأوراق المالية والتأمين من وقتٍ لآخر بإصدار معايير عالمية جديدة، ومبادئ وإرشادات عن أفضل الممارسات التي ينبغي مراعاتها من جانب المصارف والمؤسسات المالية الأخرى.
لقد كان سجل المملكة إزاء هذه الاتجاهات العالمية المشار إليها جيدا للغاية. فقد ظل نظامها المالي دائماً متحرراً من القيود حتى في الفترات التي مارست فيها معظم دول العالم رقابةً على النقد. ونهجت المملكة طوال تاريخها سياسة حرية انتقال رأس المال دون قيود.
البنوك والـ WTO
مع انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية، تتزايد المخاوف تجاه مستقبل بنوكنا الوطنية لجهة المنافسة القادمة إثر دخول بنوك إقليمية وعالمية ما تعليقكم؟
على العكس نحن نرى أن القطاع المصرفي السعودي يعتبر من أبرز القطاعات الاقتصادية التي سوف تستفيد من هذا الانضمام خاصة أن البنوك السعودية وصلت إلى مراحل متقدمه تمكنها من المنافسة العالمية. الكل يدرك أن عضوية المملكة في المنظمة ستتطلب، بين أمور أخرى، انفتاحاً أكثر في القطاع المالي أمام المؤسسات الأجنبية التي تجسدت أخيراً بقيام العديد من البنوك الأجنبية بفتح فروع لها في السوق السعودية إضافة إلى القرار الوزاري الأخير القاضي بالترخيص لعدد من المصارف الأجنبية لممارسة أعمالها في السوق السعودية.
نحن واثقون أن البنوك السعودية قادرة على التأقلم مع هذه التطورات، خاصة إنها قد أنجزت مرحلة واسعة من التطور في تاريخها خلال العقود الثلاثة الماضية، حيث عملت منذ وقت مبكر على الاستعداد للمنافسة المحلية والإقليمية والدولية وإعطائها حقها من الاهتمام حتى تكون قادرة على التعامل مع متطلبات العولمة وانفتاح الأسواق وانتقال رؤوس الأموال وتقديم الخدمات عبر الحدود.
وعملت البنوك على جذب التقنية المصرفية الحديثة والاستثمار فيها وتدريب العاملين على استخدامها، كما حرصت على أن يتم إنجاز العمليات المصرفية للعملاء بفاعلية وسرعة مناسبة، إلى جانب التركيز على توسيع وتطوير وتحديث خدماتها المصرفية وفقاً لمتطلبات العصر والعمل على أساس نموذج العمل المصرفي الشامل مع الاهتمام بخدمات التجزئة والشركات وبطاقات الائتمان وتمويل المشاريع، والاهتمام بتلبية الاحتياجات المتزايدة للعملاء من الخدمـات المصــرفية الحديثة بما في ذلك تقديم الخدمات عبر شبكات الإنترنت والهاتف المصرفي وتطوير أنظمة المدفوعات والمقاصة الآلية.
نحن لا ننكر أن الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية يمثل تحدياً لكل قطاعات الاقتصاد السعودي ومن بينها القطاع المصرفي، لكن لمواجهة هذا التحدي على نطاق القطاع المصرفي فإنني أرى ضرورة تنظيم لقاء جامع يضم كافة الاستراتيجيين السعوديين للتوصل إلى آلية مصرفية سعودية واضحة لتطوير القدرات التنافسية للبنوك السعودية لأن المنافسة هي عنوان المرحلة المقبلة.
وأنا واثق أن القطاع المصرفي السعودي هو بمستوى التحديات والمستجدات على المستويين المحلي والعالمي، ومع ذلك "لا بأس من بذل المزيد لتأكيد استمرار تنافسية بنوكنا الوطنية".
كيف تقيمون دور مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) تجاه ما تشهده بنوكنا السعودية من تطور؟
الواقع أن القطاع المصرفي في المملكة يحظى بتعاون كبير من جانب مؤسسة النقد وخاصة لجهة تطوير الأنظمة التقنية المصرفية من أجل ضمان وجود تقنية مصرفية سعودية ذات بنية تحتية حديثة ومتكاملة قادرة على استيعاب كافة التطورات المستقبلية. وهناك الشبكة السعودية للمدفوعات التي تشهد نموا متزايدا في المملكة.
ولا شك أن مؤسسة النقد العربي السعودي لها دور بارز في تطور المصارف السعودية منذ فترة طويلة، حيث شهد القطاع النقدي والمصرفي في المملكة تطورات ضخمة لم تشهدها قطاعات أخرى خلال ربع القرن الماضي.
وقد تحقق ذلك نتيجة للتقدم والتغيرات المتسارعة في مجالات عدة، منها الاتصالات وتقنية المعلومات وبرامج الحاسب الآلي، والتنافس الهائل في تقديم وتنويع الخدمات المصرفية والمالية، وسرعة وضخامة انتقال رؤوس الأموال وانفتاح الأسواق على بعضها، وتبني المعايير الدولية للرقابة والشفافية. وقد تفاعل القطاع المصرفي السعودي مع تلك المتغيرات بشكل إيجابي، كما استفاد من استكمال البنية التحتية للاقتصاد السعودي، وتفعيل دور القطاع الخاص في التنمية، ونمو وتنظيم السوق المالية للأسهم والأوراق المالية الحكومية، وانتشار الوعي المصرفي لدى الأفراد والمؤسسات. ويخدم القطاع المصرفي والنقدي الاقتصاد المحلي حالياً بفاعلية عالية من خلال تقديم أحدث وأشمل الخدمات.
ومع جميع هذه التطورات المهمة كان لمؤسسة النقد الدور الريادي في تطوير منظومة البنوك السعودية من خلال مراقبتها أداء البنوك العاملة في المملكة التي ساعدت بشكل كبير على التقدم الكبير الذي نلاحظه في أداء البنوك السعودية.
هوية جديدة
حدثنا عن الهوية الجديدة لـ "السعودي الهولندي"، وماذا يعني لكم هذا الشعار الجديد؟ وما أبرز التطورات التي شهدها البنك خلال الفترة الماضية؟
أولاً لا بد من الإشارة إلى أن البنك السعودي الهولندي هو أول بنك تم تأسيسه في المملكة ويعود تاريخ إنشائه إلى عام 1926 ويعتبر البنك حالياً أحد البنوك الرائدة في المملكة العربية السعودية. ويملك بنك إيه بي إن أمرو (الشريك الهولندي) 40 في المائة من الأسهم الحالية للبنك كما يملك المساهمون السعوديون 60 في المائة.
وامتداداً لدوره الريادي قام البنك أخيراًً بإنشاء المجموعة المصرفية للاستثمار التي تضم مجموعة من الخبراء المحليين والأجانب الذين لديهم خبرة كبيرة في العمليات المالية وعمليات الدمج والحيازة، كما يعمل في البنك سواء في مركزه الرئيسي وفروعه التي تصل إلى 40 في مختلف أنحاء المملكة، أكثر من 1300 موظف 80 في المائة منهم سعوديون.
وتأكيدا لريادته المصرفية وترسيخاً لجذوره الممتدة لأكثر من 80 عاما في المملكة، فإن البنك السعودي الهولندي قد قام أخيراً بإعادة صياغة هوية جديدة وشعار للبنك يعكس خلفيته التاريخية ويرسم ملامح خططه المستقبلية القائمة على تلك الأسس التاريخية الراسخة.
إن البنك السعودي الهولندي منذ انطلاقه كان ولا يزال يتطلع نحو بناء علاقة وثيقة ومتبادلة مع عملائه بهدف تقديم أرقى مستوى من الحلول المصرفية المبتكرة التي يتطلع إليها العملاء. واليوم ونحن نواصل رحلتنا مع عملائنا نحو مستقبل أكثر إشراقا فإن شعارنا الجديد يعكس بألوانه الجديدة تلك الرؤية الرائدة للبنك السعودي الهولندي، التي طالما سعينا جميعا نحو تكريسها بشكل مطلق، مع تأكيدنا في الوقت ذاته على التزامنا التام بتقديم أرقى مستوى من الخدمات المصرفية.
لو عدنا للألوان الخاصة بشعارنا الجديد، فإن اللون الأخضر في الشعار الجديد يشير إلى الثقة والمسؤولية والتاريخ الطويل للبنك بينما يعكس اللون الأصفر التفاؤل والأمل نحو مستقبل مشرق لكل من البنك السعودي الهولندي والمملكة العربية السعودية، إلى جانب ذلك فإن ألوان الشعار الجديد تعزز وتعكس مدى عمق وقوة شراكتنا مع بنك ابيه بي إن أمرو، أستطيع التأكيد أن البنك السعودي الهولندي قادم بقوة من خلال رؤية جديدة تنطلق من قواعد متينة وثابتة ضاربة في عمق التاريخ المصرفي لبلادنا.