ارتفاع حصة السوق الألمانية من مشتقات الطاقة الروسية
لا يخفى على أحد أن ألمانيا تعد واحدة من بلدان العالم الفقيرة في المواد الخام الطبيعية، حيث لا تكاد المصادر الطبيعية المحلية أن تفي بالحجم الكبير من الطلب الثابت على الطاقة إلا بنسبة ضئيلة. ومن بين هذه المصادر الطبيعية للمواد الخام مادة الفحم، التي تعتبر أهم مصدر للطاقة في ألمانيا وتشكل نحو 42 في المائة من إجمالي المواد الخام الطبيعية في البلاد ويوجد أيضا مخزون ضئيل من الفحم الحجري والغاز الطبيعي إضافة إلى مصادر الطاقة المتجددة التي بدأت ألمانيا في الاعتماد عليها أخيرا.
وأعترف تقرير رسمي بزيادة اعتماد ألمانيا على الصادرات في مجال الطاقة، حيث ارتفعت نسبة الاستيراد إلى نحو 62 في المائة دون حساب مادة اليورانيوم المخصصة للطاقة النووية. وتُعد روسيا المزوّد الأول والأهم لألمانيا في مجال الطاقة، حيث تصدّر لألمانيا نحو 14 في المائة من احتياجاتها النفطية، 37 في المائة من الغاز الطبيعي، 19 في المائة من اليورانيوم، و8 في المائة من الفحم.
وبلغ استهلاك ألمانيا خلال العام الماضي من الزيوت المعدنية فقط نحو 37 في المائة من إجمالي حجم استهلاك الطاقة. ويتم استيراد نحو 97 في المائة من هذه الزيوت من الخارج. وتعتبر روسيا هي المصدر الأهم، حيث تقوم بتوريد أكثر من ثلث حجم التزويد في السوق الألمانية تليها (حسب بيانات عام 2005) النرويج بنسبة 15 في المائة، ثم بريطانيا 13 في المائة، ليبيا 12 في المائة، بعدها كازاخستان والجزائر.
ويحتل الغاز الطبيعي المركز الثاني في سوق الطاقة الألمانية، حيث يستخدم أكثر من 80 في المائة من إمدادات الغاز الطبيعي لأغراض التدفئة، إضافة إلى إنتاج الطاقة عن طريق حرق المواد القابلة للاشتعال التي يتم استيرادها من الخارج. وهنا تحتل روسيا كذلك، بنسبة 37 في المائة، المركز الأول في التزويد، وتتبعها النرويج بنسبة 25 في المائة، ومن ثم هولندا بنسبة 20 في المائة. ويتوقع كافة الخبراء ارتفاع حصة التزويد الروسي للسوق الألمانية فمن ناحية ينمو الطلب على الغاز الطبيعي ومن ناحية أخرى يضمحل إنتاج حقول الغاز الطبيعي في أوروبا الغربية ببطء.
وتشهد حصة الفحم الحجري انخفاضاً على قائمة مزيج الطاقة الألمانية، حيث بلغ حجم استهلاك الفحم الحجري الألماني عام 2005 نحو 62.8 مليون طن، حسبما ورد من معطيات عن المؤسسة الألمانية للبحث الاقتصادي DIW، أي أقل من معدل العام ما قبل الذي مضى بنسبة 4.6 في المائة. وانخفض حجم المبيعات في أهم قطاعات ترويج إنتاج الطاقة وإنتاج الحديد الخام، فقد تم إنتاج نحو 25.6 مليون طن من الفحم الحجري عام 2005 بما يُعادل نحو 40 في المائة من استهلاك الإنتاج المحلي، وتم استيراد 38.5 مليون طن الباقية. وتستورد ألمانيا نحو ربع طاقة السوق من بولندا ونحو 20 في المائة من طاقة السوق من جنوب إفريقيا ودول الاتحاد السوفياتي السابقة، ومن أستراليا نحو 10 في المائة، و8 في المائة من كولومبيا، إلا أن نحو 11 في المائة من حجم الاستهلاك الأساسي من المواد الخام يثير الجدل، والتي يتم اكتسابها على نحو خاص في الداخل وهو الفحم الرمادي، لأن حرقه يتم بصورة خاصة بهدف نقل الطاقة الكهربائية.
ويحظى الفحم الرمادي بنحو 25 في المائة من حجم إنتاج الطاقة الإجمالي بحصة مرتفعة من حجم التزويد أعلى من نسبة الفحم الحجري، التي تعادل نحو 21.6 في المائة. وتم تزويد نحو 178 مليون طن خلال العام الماضي بنسبة 2.2 في المائة أقل من الفحم الرمادي من العام الذي سبقه. وانخفضت حصة المادة الحارقة، فحم ثاني أوكسيد الكربون، على قائمة حجم الاستهلاك الرئيسي نحو 3.2 في المائة تحت معدل العام ما قبل السابق.
وبلغت حصة الطاقة الذرية أخيرا نحو 12 في المائة في سوق استهلاك الطاقة الألمانية، تضمّنت نحو 30 في المائة من حجم إنتاج الطاقة للعام الماضي، بينما انخفضت حصتها نحو 2 في المائة نظراً لإنتاج الطاقة الإجمالي الذي شهد ارتفاعاً طفيفاً (نحو 5 في المائة من الفحم). وبرغم أنه يتم إحراز الطاقة من 17 منجماً تحت العمل المستمر في الداخل، لكن لا بد من استيراد اليورانيوم من الخارج، وهو المادة اللازمة لتشغيل محطات توليد الطاقة. وأهم الدول التي تصدر اليورانيوم لألمانيا عام 2004 كانت كندا بنسبة 47 في المائة، بريطانيا 26 في المائة، روسيا 19 في المائة، وفرنسا 8 في المائة.
وغطت مصادر الطاقة المتجددة خلال العام الماضي نسبة لا تزيد على 4.6 في المائة فقط من إجمالي حجم سوق إنتاج الطاقة في ألمانيا، ورغم هذا فإن هذه النسبة تشهد نموا واضحا، والسبب يكمن في تقدّم مصادر الطاقة المتجددة في مجالي الإنارة والتدفئة، حيث ارتفعت حصة الطاقة المتجددة في هذين المجالين من حجم استهلاك الطاقة الإجمالي من 6.7 في المائة عام 2000 إلى 10.2 في المائة خلال العام الماضي، وتعتمد نصف هذه النسبة على الطاقة المائية، والباقي يتركّز على طاقة الرياح إلى حدٍ كبير.