الإسكتلنديون في حالة إفلاس

الإسكتلنديون في حالة إفلاس

هناك طريق لا يؤدي إلى أي مكان في موقع بنك إسكتلندا الملكي خارج أدنبرة. فهو ينتهي فجأة في وسط الحدائق الممتدة، وقد تم وضعه على افتراض أن المبنى الجديد سيضاف في النهاية إلى مجمع مكاتب البنك الكبير القائم بالفعل. وقد انتهى الآن هذا الطموح بأن البنك سيظل يزداد حجما. فقد تمت إعادة تجهيز الجناح التنفيذي لموظفين أقل تواضعا، وإزالة اللوحات الفنية من الجدران وإقراضها لصالات العرض البريطانية. وقسّم الرئيس التنفيذي، Stephen Hester، مكتب سلفه إلى قسمين ولا يشغل الآن سوى نصفه. وهو يقول إن إعادة هيكلة بنك إسكتلندا الملكي أكبر وأكثر تعقيدا منها في أي بنك في العالم.
وربما يكون Hester مصرفيا كبيرا ونشطا في لندن يملك قلبا شجاعا، إلا أن هذا التفضيل هو جزء من تقاليد بنك إسكتلندا الملكي. فهو أحد أقدم البنوك في العالم، حيث تم تأسيسه عام 1727. وفي ذروته، كان سادس أكبر بنك في العالم من حيث الأصول المعدلة حسب المخاطر. وفي عام 2007، قاد مجمع شركات قام بأكبر عملية استحواذ على بنك على الإطلاق، ABN AMRO. وبعد ذلك بعام واحد، كان في حاجة إلى أكبر عملية إنقاذ في أوروبا؛ وكان رئيسه السابق، السير Fred Goodwin، أحد أكثر المصرفيين المكروهين. وإذا كان بالإمكان تصديق أحد الوزراء الحكوميين، فقد كان بنك إسكتلندا الملكي ''أسوأ البنوك إدارة شهدتها الدولة على الإطلاق''.
ولا شك أن الأرقام مريعة. ففي 25 شباط (فبراير)، أبلغ بنك إسكتلندا الملكي عن خسارة قبل احتساب الضرائب بقيمة ثمانية مليارات جنيه استرليني (12.5 مليار دولار) لعام 2009، ما يجعل مجموع خسائره منذ عام 2007 يصل إلى 16 مليار جنيه استرليني. وبالنسبة إلى دافعي الضرائب، فإن بنك إسكتلندا الملكي أكثر من مجرد قصة دموية لتشويه الشركات. فهم يمتلكون 70 في المائة منه واستثمارهم البالغ 46 مليار جنيه استرليني خاسر. لكن الغريب أن كبار الموظفين في البنك واثقون جدا بأنفسهم, فوفقا للسير Philip Hampton، رئيس مجلس الإدارة الذي تم تعيينه العام الماضي: ''نحن لا نبني على الرمل هنا، بل على الصخر''. ويعكس هذا التفاؤل جزئيا الطبيعة غير العادية لانهيار بنك إسكتلندا الملكي.

مظالم تاريخية
كان عديد من حالات فشل البنوك سخيفة: تبين أن المديرين جاهلين رؤساء صوريين جاهلين وغير مدركين أنه في مكان ما في شركاتهم كان أسياد العالم يلعبون بالقنابل المالية. وتبين أيضا أن عددا قليلا من البنوك لديها نماذج عمل غير قابلة للنجاح إلا خلال فقاعة الائتمان. وكان بنك إسكتلندا الملكي مختلفا. فقد كان كبار موظفيه يرتدون ربطات عنق الشركة ويديرون الشركة بطريقة منظمة ومنضبطة. وكان مجال عمله الأساسي جيدا. ويشعر المخضرمون بدهشة بالغة لأنه يتم وضع بنك إسكتلندا الملكي، بثقافته المتشددة، على مستوى Lehman Brothers. وفي الواقع، هناك شيء هادف بصورة مقلقة بشأن نهاية بنك إسكتلندا الملكي: لم تكن الشركة خارجة عن السيطرة على الإطلاق، بل قامت برهان محسوب لم يسر على ما يرام.
وينعكس هذا في المواقف تجاه السير Fred شمال الحدود. فكبار الشخصيات المالية في أدنبرة يسخرون من الرئيس القديم لبنك HBOS، بنك إسكتلندا الكبير الآخر، الذي تم شراؤه من قبل Lloyds Group كجزء من عملية الإنقاذ الحكومية. ولا يصف أحد السير Fred بالغباء، بل يتم استخدام كلمات مثل عبقري، ومتنمر، وديكتاتور ومتوحد وفوق بشري. ويقول زميل سابق: ''كنت أعتقد أنه لو كان شيء واحد يمكنك الاعتماد عليه، فهو السير Fred''. ويقول آخر: ''لم يسبق أن فشل Fred إلى أن فشل''. حتى غضب الحكومة يبدو مفتعلا إلى حد كبير. ففي أواخر عام 2008، كان السير Fred وزوجته ضيفين في المنزل الريفي لرئيس الوزراء، كما تبين السجلات الرسمية.
ويمثل التركيز على السير Fred تشويها في حد ذاته, فالسبب الرئيس لفشل بنك إسكتلندا الملكي هو سياسته في إدارة ميزانية صارمة. وقد دخل البنك الأزمة بمعدل رأسمال أساسي يبلغ 4 في المائة تقريبا، أي ما يعد الآن مقبولا بعد الأزمة وليس قبلها. وكان فرط المديونية استراتيجية طويلة الأمد. وفي النصف الأول من الثمانينيات، كاد يتم شراء كل من بنك إسكتلندا الملكي وبنك إسكتلندا (سلف HBOS) من قبل بنوك إنجليزية. واستجاب كلاهما عن طريق تعيين مديري مشاريع والتوسع في إنجلترا وخارجها. ويقول أحد المديرين التنفيذيين السابقين، إنه مع وجود سوق محلية صغيرة، اضطرا ''لتمديد كل جنيه'' من رأس المال والاكتفاء بودائع أقل من النسبة المريحة. وحتى مع ذلك، ظل المصرفان مرشحين للاستحواذ عليهما. وجاء الخلاص عام 1999، حين قدم كلاهما عرضا لشراء NatWest، شركة الإقراض الإنجليزية الأكبر. وفاز بنك إسكتلندا الملكي. واتحد بنك إسكتلندا مع Halifax، وهو بنك إنجليزي آخر، ليصبح HBOS.
والدروس المستفادة من NatWest راسخة في بنك إسكتلندا الملكي. فقد كانت الصفقة بمثابة انتصار، لكنها كانت تعني استنزاف رأس المال إلى مستويات خطيرة وإعادة بنائه بواسطة تخفيضات التكلفة الناتجة عن الاندماج. وأصبح هذا لاحقا يشكل قالب ABN. وشجع أيضا على ظهور رؤية بنك إسكتلندا الملكي البدائية نسبيا للأداء المالي، التي تركز على الحد الأدنى، وليس السلامة. ويعتقد Hester أن هذا التراث هدّام ويشير إلى تركيز القروض الخطرة في دفاتر حسابات بنك إسكتلندا الملكي كدليل على مشكلات أعمق من أخطاء مجلس الإدارة بشأن نسب رأس المال. فعلى سبيل المثال، كان لدى بنك إسكتلندا الملكي في نهاية عام 2008، مبلغ 97 مليار جنيه استرليني من قروض العقارات التجارية، أي نحو ضعف ما كان لدى Barclays.

المرض الهولندي
من الممكن الآن انتقاد كثير من الأمور الأخرى في بنك إسكتلندا الملكي، من الإدارة الجزئية (اختار السير Fred كل السجاد على ما يبدو) إلى ضعف التقارير المالية ورعاية الرياضة. ومع ذلك، كان من الممكن أن ينجو لولا ABN. وقد أصبح معرفة نسب الخسائر الناتجة عن ABN أمرا مثيرا للجدل. ويقول بعض المديرين التنفيذيين السابقين لـ ABN إن بنك إسكتلندا الملكي عزا كثيرا من الخسائر لقسمه الهولندي لأسباب تتعلق بالعرض والعمليات. ومع ذلك، تشير الحسابات العامة لفروع بنك إسكتلندا الملكي إلى أنه لو تم استثناء حصته من ABN يكون قد حقق تقريبا نقطة التعادل في الفترة الحاسمة من عام 2008 والنصف الأول من عام 2009. وتكبد بنك إسكتلندا الملكي خسائر تجارية كبيرة في بريطانيا وأمريكا، ولكن تم تعويضها إلى حد كبير بعمليات أخرى. ولم يتأثر تمويل بنك إسكتلندا الملكي قبل تأمين ABN: في منتصف عام 2007 كان المستوى المطلق للدين والاقتراض بين البنوك مماثل لمستواه في Barclays، البنك المحلي البريطاني الكبير الوحيد الذي تجنب حقنه برأس المال من الدولة. وما دفع بنك إسكتلندا الملكي إلى الحافة هو ABN- وليس الصفقة أو التقييم غير المنطقي، بل الخسائر داخل البنك الهولندي والضغوط التي فرضها ذلك على التمويل.
لماذا قدم بنك إسكتلندا الملكي عرضا لشراء ABN؟ يعتقد زميل سابق أن السير Fred كان مستعدا لترك بنك إسكتلندا الملكي وأنه كان في حاجة إلى فرصة أخرى لتحقيق النجاح. لكن كما يقول الصحافي الهولندي Jeroen Smit، ناقش السير Fred ورئيس ABN، Rijkman Groenink، ترتيبا جديدا في شباط (فبراير) 2005. وكانت صفقة التكتل منطقية في صيغتها الأولى في مطلع عام 2007. فقد كانت أقسام بنك إسكتلندا الملكي في ABN ستدعم البنك الاستثماري من الدرجة الثانية وتوسع نطاق وجوده في مجال تجارة التجزئة في أمريكا. وحصل Santander، أحد شركائه، على البرازيل وإيطاليا، وحصل Fortis، شريك آخر، على هولندا وبلجيكا. وفي آب (أغسطس) 2007، كان 95 في المائة من مساهمي بنك إسكتلندا الوطني الذين يملكون حق التصويت (الذين يمثلون 61 في المائة من رأس المال) يؤيدون الصفقة. وكان معظم المديرين التنفيذيين متحمسين جدا. ويقول أحدهم: ''لقد بنينا بالفعل هذا الشيء المدهش ونحن فخورون للغاية''. وحين شكل السير Fred التكتل لـ ABN، ''كان ذلك أشبه بأرنب يخرج من القبعة''.
وتم إيلاء كثير من الأهمية للحالة السلبية لمجالس الإدارة في البنوك البريطانية. إلا أن بنك إسكتلندا الملكي كان متفائلا. ولم يكن رئيسه حتى عام 2006، السير Tom Mckillop، ''رجلا ضعيفا''، كما يقول أحد المديرين السابقين. فحين كان رئيس شركة المستحضرات الصيدلانية، AstraZeneca، روج بحماس لأدوية جديدة، ولم يحقق النجاح دائما. وفي بنك إسكتلندا الملكي، استبدلت نفسية المستضعف بالخوف من قصور أداء سعر الأسهم. ويقول المدير إن مجلس إدارة البنك أصبح مهووسا بانخفاض درجة أسهمه، بل ناقش ''صراحة'' إذا كان اللوم يقع على السير Fred. واختار رفع درجة المجازفة. ''كان المجلس ككل من عام 2006 فصاعدا يريدنا أن نذهب إلى حد أبعد وبشكل أسرع''.
وبحلول ذلك الوقت، انسحب Barclays، المزايد المنافس لشراء ABN، في 5 تشرين الأول (أكتوبر) 2007 وكان من ''الواضح بصورة مفزعة''، على حد تعبير السير Fred، أن الصفقة كانت متواضعة في أحسن الأحوال. فقد كانت الأسواق المالية متقلبة وكان بنك إسكتلندا الملكي سيحصل فقط على البنك الاستثماري الأكثر دورية لبنك ABN (بحلول ذلك الوقت باع البنك الهولندي ذراع التجزئة الأمريكية إلى بنك أمريكا). لماذا لم ينسحب بنك إسكتلندا الملكي؟ لأنه لم يتم السماح له سوى بدخول محدود إلى دفاتر حسابات ABN، في أيار (مايو). إلا أن ABN أصدر بيان تداول متفائلا في 17 أيلول (سبتمبر)، ويقول المطلعون إن الاضطراب في الأسواق لم يكن حادا بعد بما فيه الكفاية لوضع بند ''التغيير الجوهري الضار'' في الصفقة. ولعب عناد السير Fred دورا أيضا. ويقول زميل سابق: ''كان سيقول إن الأسود أبيض'', لكن في الحقيقة، لم يكن ABN يبدو كبيرا بما فيه الكفاية كي يؤدي إلى انهيار البنك. فقد كان سيمثل، بناء على الأصول المعدلة حسب المخاطر، نسبة 11 في المائة من الشركة الموسعة الجديدة بقيمة 500 مليار جنيه استرليني.
واتضح الآن مدى عدم صحة هذا الانطباع. واعتمادا على مجموعة الحسابات الفرعية المستخدمة، كان ABN يمثل في عام 2008 والنصف الأول من عام 2009 نسبة 75 ـ 144 في المائة من الخسائر التشغيلية المجتمعة للمجموعة ونسبة 47 ـ 50 في المائة من أضرار القروض ومجموع عمليات تخفيض القيمة من الأنشطة الائتمانية والتجارية. وأضر بصورة خاصة تعرض ABN لالتزامات الدين المضمونة وشركات التأمين الأحادية. وعلى الرغم من أن ABN يمثل نسبة الربع تقريبا فقط من أصول بنك إسكتلندا الملكي التي تغطيها خطة تأمين الحكومة البريطانية، إلا أن الخسائر المحققة على هذه الأصول مركزة بصورة كبيرة في هاتين الفئتين. وتضاعف تأثير كل هذا بسبب الهيكل المعقد للتكتل. خلال معركة الاستحواذ، باع ABN مصرفه الأمريكي، LaSalle، مقابل ما يعادل ثمانية مليارات جنيه استرليني. ونظريا، كان رأس المال هذا من حق بنك إسكتلندا الملكي، لكن عمليا، كما يقول مدير تنفيذي سابق في المجموعة المندمجة، ''علق المال''. فقد رفضت هيئة التنظيم الهولندية، التي كانت تشعر بالقلق من الكارثة الآتية، تمرير المال إلى ال إسكتلنديين بسرعة. وضاعف هذا تقريبا رأس المال الذي استثمره بنك إسكتلندا الملكي في ABN.
لماذا خسر قسم بنك إسكتلندا الملكي في ABN كثيرا من المال؟ ربما يعكس هذا مخصصات المحاسبة التعسفية بعد الحدث. ومع ذلك، لا شك أن البنك الاستثماري لـ ABN كان شركة ضعيفة. ويقول مدير ائتمان سابق في ABN كان قد ترك العمل قبل عام 2007, إن أنظمة المخاطر وخطوط الاتصال كانت ''فوضوية تماما''. فقد كافح البنك الهولندي للتحضير لـ ''بازل 2''، معيار رأس المال الجديد؛ وفي تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي قال بنك إسكتلندا الملكي إن تنفيذه سيضاعف تقريبا متطلبات رأس المال في قسمه في ABN، وهي زيادة كبيرة بصورة غير عادية. ويقول أحد المشاركين في عرض Barclays الذي تم سحبه إن البنك الهولندي ''التهم كل الكعك في الجرة'' لزيادة إيراداته، بعد أن كان معرضا لخطر الاستحواذ عليه لمدة عامين. ويعتقد قلة فقط أن ABN أصبح مولعا بالمجازفة خلال معركة الاستحواذ عليه، لكن هناك أدلة تشير إلى أنه كان بطيئا في كبح أنشطته الخطرة. فعلى سبيل المثال، يبدو أن 97 في المائة من تعرضه لالتزامات الدين المضمونة في نهاية عام 2007 نشأت في ذلك العام، في حين كانت النسبة 7 في المائة في بنك إسكتلندا الملكي. وكان أكبر دين سيئ قدمه بنك إسكتلندا الملكي للشركات هو ذلك الذي تم تقديمه لشركة عانت عملية شراء في ذلك العام.
لكن ربما تكون ورطة بنك إسكتلندا الملكي قد دفعته للمراهنة من أجل الخلاص. فوفقا لأحد المديرين التنفيذيين السابقين في ABN، أصر بنك إسكتلندا الملكي عام 2007، الذي كان في حاجة ماسة إلى الربح ورأس المال، على أن تظل مواقع ABN التجارية الائتمانية الخطرة مفتوحة - وزيادة بعضها. وهو يقول: ''قرر بنك إسكتلندا الملكي القيام برهان كبير''. وأتى هذا بثماره في مطلع عام 2008، حين انتعشت أسواق الائتمان، لكن بعد أن تراجعت ثانية في أوائل الربيع غرق بنك إسكتلندا الملكي في ''حمام من الدم''. ورفض بنك إسكتلندا الملكي أيضا إغلاق تعرض ABN لشركات التأمين الأحادية. وقد كان أمام ال إسكتلنديين ''عام كامل ولم يفعلوا شيئا''.
وكان عدم إغلاق المواقع الخطرة لـ ABN الغلطة الكبرى لبنك إسكتلندا الملكي. ويقول بعض المخضرمين إن هذا يعكس عدم ارتباط السير Fred النسبي بالخدمات المصرفية الاستثمارية: كان يفضل المشي في طوابق مراكز المكالمات وليس قاعات التداول. ويقول آخرون إنه كان مشاركا من كثب. ويقول أحدهم إنه ''كان على علم بالأرقام'' لكنه اختار إدارة مستويات عالية من المخاطر. وعلى أية حال، سرعان ما أحاطت حالة الفوضى ببنك إسكتلندا الملكي. وفي أوائل عام 2008، بعد أسابيع قليلة من تقديم توقعات متفائلة ورفع أرباح الأسهم، أصدر بنك إسكتلندا الملكي حقوق اكتتاب ضخمة. لكن حتى هذا لم يرفع رأسماله الأساسي إلا إلى 6 في المائة، مع خسائر كبيرة متوقعة.
لقد أدى شراء ABN إلى زيادة اعتماد بنك إسكتلندا الملكي على التمويل بالجملة في الوقت الذي كان فيه هذا التمويل يجف. ومن أصل 230 مليار جنيه استرليني من الديون والاقتراض بين البنوك في منتصف عام 2007، كان بنك إسكتلندا الملكي يملك 524 مليار جنيه استرليني بحلول نهاية ذلك العام. وبدأ النظراء بتقليل تعرضهم للشركة المندمجة، كما يقول أحد المديرين التنفيذيين. وفي غضون أشهر وقع Bear Stearns ثم Lehman ثم HBOS في المشكلات، وكان بنك إسكتلندا الملكي هو التالي. ووفقا لاثنين من المديرين كانا في مجلس الإدارة في ذلك الوقت، فإنه خلال الأسبوع الذي سبق عملية إنقاذه في تشرين الأول (أكتوبر) 2008، لم يكن بنك إسكتلندا الملكي يعاني عملية تدافع على سحب الودائع، ولكن كان نظراؤه على استعداد لإقراضه لليلة واحدة. فقد كانت الثقة قد تلاشت.
لقد شغل Hester هذا المنصب منذ عام ونصف منذ أن تم التقاطه من شركة British Land للعقارات. وتسكن عائلته في إنجلترا. ولم يستأجر أو يشتري منزلا في أدنبره، وهو يقول إن الرحله شمالا ليست سيئة بقدر تنقله إلى نيويورك حين كان المدير المالي في Credit Suisse First Boston. وهو مهذب مع السياسيين لكنه ليس مذعنا. وهو صارم ولا يرتدي ربطة عنق بنك إسكتلندا الملكي. باختصار، هو بالضبط ما يحتاج إليه البنك الآن.
ولم يفشل بنك إسكتلندا الملكي لأنه كان شركة سيئة، بل لأنه كان لديه رأسمال قليل جدا ثم اشترى ABN. ويقول Hester إن العمليات الأساسية قوية بما فيه الكفاية بحيث ''يمكنك استغلالها بكثرة وإنعاش البنك ثانية في الوقت نفسه''. والأولوية هي تصحيح الخطأ الأول - مستويات رأس المال، وذلك بعد الاتفاق أخيرا على رزمة الإنقاذ في نهاية العام الماضي. وتمتلك الحكومة 20 مليار جنيه استرليني من الأسهم العادية و25.5 مليار جنيه استرليني من الأسهم القابلة للتحويل، ما يمنحها حصة 70 في المائة اليوم تخولها لامتلاك حق التصويت، التي قد ترتفع إلى 84 في المائة (على الرغم من أنها قالت إنها ستحد أصواتها عند نسبة 75 في المائة). وتملك الدولة أيضا 282 مليار دولار من الأصول من مخاطر انحرافات الأصول ووعدت بشراء ثمانية مليارات جنيه استرليني من الأسهم إذا انخفض رأس المال الأساسي لبنك إسكتلندا الملكي إلى أقل من 5 في المائة ثانية.
وهذا أمر غير محتمل. فقد زادت رزمة التأمين معدل رأس المال الأساسي لبنك إسكتلندا الملكي إلى 11 في المائة، وهو أحد أعلى المعدلات لأي بنك كبير. ويعتقد Hester أن ''الشجاعة الثقافية للشركة'' أمر جيد، لكنه يقول إنه تم استبعاد أو إعادة تثقيف أفضل 50 ـ 100 من كبار المديرين عن المعايير المقبولة للسلامة. ويشمل هذا التعامل مع تركيزات الديون المفرطة لبنك إسكتلندا الملكي والهوس القديم بالأرباح المطلقة، وليس العائدات المعدلة حسب المخاطر.
أما تصحيح الخطأ الثاني، وهو ABN، فسيستغرق وقتا أطول. وقد استخدم Hester آلية Citigroup نفسها، حيث أوجد قسما غير أساسي يتم فيه إلقاء أكثر الأصول شرا وتخفيف حدتها. ويحتفظ بنحو ثلث أصول بنك إسكتلندا الملكي المعدلة حسب المخاطر، معظمها من البنك الاستثماري المشترك (حصة ABN غير واضحة). ويتم بيع مكاتب ABN الأبعد في آسيا. وطالبت سلطات المنافسة الأوروبية بالتخلص من مزيد من المكاتب كشرط لمنح مساعدات الدولة، ما أحبط Hester. وفي غضون ثلاث سنوات، سيكون بنك إسكتلندا الملكي قد باع وحدة التأمين التابعة له، وأنشطته في مجال السلع (التي اشترى بعضها JPMorgan في 16 شباط (فبراير)، وشركته الفرعية لبطاقات الائتمان، وبعض الفروع في إنجلترا.
وتقضي الخطة بأن يكون البنك بحلول عام 2011 أصغر حجما ويبدأ في تحقيق الأرباح. ومن المفترض أن يساعد هذا على تحسين ''الأجواء'' السياسية، كما يقول Hester، الذي تخلى عن مكافأته لعام 2009. وهو متفائل أيضا بشأن تحسين مستويات الكفاءة. ولم تتم إدارة أي من الأعمال الأساسية ''على أعلى مستوى من الأداء''. ولدى بنك إسكتلندا الملكي موقع قوي في التجزئة المصرفية والتجارية في بريطانيا (تضم نحو 40 في المائة من الأصول المعدلة حسب المخاطر)، وبنك استثماري يتفوق في مجال صرف العملات الأجنبية والدخل الثابت (نحو الثلث) وقسم تجزئة أمريكي متوسط الحجم قوي في عدة ولايات على الساحل الشرقي. ومثل أسلافه حتى عام 2006، يقول Hester إن ما يهم هو الحصص السوقية المرتفعة في منتجات معينة، وليس الحجم الكلي.
ومع ذلك، سيكون بنك إسكتلندا الملكي مسألة استراتيجية محيرة بحلول عام 2011. فمن ناحية ما، هذه هي نفس المعضلة التي تعامل معها السير Fred. وستكون جميع أسواقها الرئيسية ناضجة. ونشاطها الرئيسي في المرتبة الـ 16 في العالم بحسب الأصول المعدلة وفقا للمخاطر وسينخفض أكثر مع نمو شركات أخرى. ويحتل مصرفه الاستثماري المرتبة العاشرة تقريبا بحسب الإيرادات. وحجم قسم عملياته الأمريكية، من حيث الأصول، عشر حجم البنوك الأربعة الكبيرة في الدولة. ولو لم يقع في أيدي الحكومة، لا شك أن بنك إسكتلندا الملكي كان سيوسع مصرفه الاستثماري وعملياته الخارجية. وقد كان ABN محاولة خرقاء لتحقيق ذلك. وكانت بنوك بريطانية أخرى، خاصة Barclays، أكثر نجاحا.
وبما أن الدولة هي المساهم الأكبر، سيكون من الأصعب بكثير على Hester توسيع نطاق الأعمال الرئيسية. وفي بعض البنوك التي تم إنقاذها، مثل UBS، باعت الحكومة بالفعل مع تحقيق ربح. وستظل الحكومة في سجل بنك إسكتلندا الملكي لفترة طويلة. وستحقق نقطة التعادل على استثمارها حين تحصل على 50 بنسا على السهم. وهذا أعلى من سعر السهم لهذا الأسبوع البالغ 35 ـ 40 بنسا, حيث يتوقع المحللون أن تبلغ القيمة الدفترية أدنى مستوى لها. ولن يولد بنك إسكتلندا الملكي رأسمال كافيا من الأرباح لإعادة شراء حصة الحكومة، كما هي الخطة في شركات أخرى، مثل KBC البلجيكية.
وإذا كان Hester يسيطر على الديون السيئة لبنك إسكتلندا الملكي بصورة أسرع من المتوقع ويتخلص من مزيد من التكاليف، سينتعش سعر السهم بما يكفي لتقليص حصة الحكومة إلى أقل من 50 في المائة وإزالة القيود الاستراتيجية من البنك. وإذا لم يفعل ذلك، سيتعرض بنك إسكتلندا الملكي لضغوط هائلة لبيع بعض الشركات للحصول على المال، إما لزيادة سعر السهم وإما إعادة شراء بعض حصة الحكومة. ويدرك Hester ذلك جيدا. وهو يقول إن الحكومة ''لا تبالي على الإطلاق'' فيما إذا استعاد بنك إسكتلندا الملكي شارته كشركة وطنية عملاقة.
وماذا عن الطريق الذي لا يؤدي إلى أي مكان في المقر؟ ربما يتم بيع الحديقة إلى ملعب الجولف المجاور، الذي يقتصر على 12 حفرة فقط. وقد يلعب فيه السير Fred يوما ما

الأكثر قراءة