هل يجعل الموساد حقا إسرائيل أكثر أمنا؟
على الرغم من أن المسؤولين الإسرائيليين يرفضون ببلادة الاعتراف بأن جهاز الأمن الخارجي التابع لهم هو من نفذ ذلك، إلا أنهم يقولون إنهم على ثقة بأن الغضب في أوروبا ومناطق أخرى بسبب اغتيال أحد قادة حماس في دبي أخيرا سيتلاشى سريعا. وتم استدعاء السفراء الإسرائيليين وتوبيخهم في لندن وكانبيرا ودبلين بسبب جوازات السفر والهويات المسروقة التي استخدمتها المجموعة التي قتلت محمود المبحوح التي تم كشفها في وقت لاحق من قبل شرطة دبي. وقد ''دان وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي بشدة'' هذا العمل. إلا أن الإسرائيليين، الذين يسعون إلى التقليل من الأضرار، يشيرون ببراءة إلى أن الشكاوى تركزت على جوازات السفر بدلا من عملية الاغتيال - التي لم تصل إلى حد اتهام الموساد صراحة. وفي الواقع، فإنه على الرغم من تسجيلات التلفزيون ذي الدارة المغلقة للتحركات والتنقلات عبر مطار وفنادق دبي، إلا أن رجال الموساد لا يزالون يقولون، بتعابير جامدة على وجوههم، إن الأدلة ظرفية. واقترح Rafi Eitan، وهو مدير استخباراتي سابق لأنشطة التجسس، أنه ربما يكون هناك جهاز استخباراتي منافس أوقع بالإسرائيليين.
وعلى أية حال، على الرغم من أنهم لا يعترفون بتورطهم في الأمر، إلا أن الإسرائيليين يصورون موت المبحوح كجزء من حرب على نطاق أوسع تشنها إسرائيل مع الغرب وأجهزة الاستخبارات السرية الخاصة بها. ويؤكد الإسرائيليون أن حماس، الجماعة الإسلامية الفلسطينية، هي عدو للغرب بقدر ما هي عدو لإسرائيل. ويضيفون أن هذا ينطبق أيضا على حزب الله، الجماعة اللبنانية. ويشيرون إلى أن كلتي الجماعتين عميلتان لإيران.
وتقول إسرائيل إن المبحوح خاطف وقاتل وكان قد اشترى في الآونة الأخيرة أسلحة، خاصة من إيران. ويريد الإسرائيليون منع تدفق الأسلحة، خاصة الصواريخ، إلى غزة، التي تديرها حماس. ولتحقيق هذه الغاية، دهموا السفن قبالة القرن الإفريقي وقصفوا قافلة من الشاحنات في شرق السودان. ويقول أحد الإسرائيليين الذين يعرفون الموساد معرفة جيدة: ''هذه هي الخلفية الأوسع نطاقا لما حدث في دبي''. ومع ذلك، فإن اختيار دبي، المركز التجاري التي ترتبط بعلاقات ودية مع الغرب، مسرحا لعملية الاغتيال أزعج بعض الإسرائيليين في دوائر الاستخبارات. وهم يريدون أن يتنحى Meir Dagan، الذي يرأس الموساد منذ ثماني سنوات، لإفساح الطريق أمام رجل أصغر سنا. ويقول المطلعون إنه يسيطر على خلفائه المحتملين، ما يصعب على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إقالته.
وإذا حدث صراع على السلطة في الموساد الآن سيكون وقته سيئا بالنسبة إلى إسرائيل. فقد حدث هذا الموقف المحرج في دبي في الوقت الذي تواجه فيه الوكالة أصعب اختبار لها منذ أكثر من عقد. وخلال فترة ولايته الأولى كرئيس وزراء (1996 - 1999)، طلب نتنياهو من الموساد منع إيران، بأي وسيلة ممكنة غير القوة العسكرية، من الحصول على أسلحة نووية. ووفقا للتسلسل الهرمي الإسرائيلي، فإن رئيس الموساد مسؤول عن الجهود السياسية والسرية لإحباط طموحات إيران النووية وعن جمع وتبادل المعلومات الاستخبارية بهذا الشأن مع حكومات أخرى.
وتشير التقارير, التي تم تسريبها على مر السنين, إلى أن الإسرائيليين حققوا بعض النجاح في إبطاء الإيرانيين. إلا أن التقارير في الآونة الأخيرة تشير إلى أنه ربما لم يعد لدى الموساد أي حيل أخرى لتحقيق هذه الغاية. لكن مصادر الاستخبارات الإسرائيلية تقول إن هذا غير صحيح. فهم يؤكدون أن مزيجا من الطرق غير العسكرية لرصد وتعطيل خطط إيران النووية لا يزال ناجحا. لكنهم لا يستبعدون، لأسباب مفهومة، استخدام القوة المباشرة في النهاية ضد المنشآت النووية الإيرانية. وفي الوقت الحاضر، يحث نتنياهو على فرض ''عقوبات قاسية''.
وعلى المنوال نفسه، يقول أحد مصادر الموساد إنه لا تزال للعمليات السرية استخداماتها، على الرغم من أن المهارات الإلكترونية والقياس الحيوي الفائقة، التي تستخدمها شرطة دبي بكفاءة تثير الاستغراب (من وجهة نظر إسرائيل)، تصعب نجاح مثل هذه العمليات، التي تنطوي على التنكر والحيل القديمة. ويقول أحد المصادر: ''لكن كل مشكلة فنية تمثل تحديا. كونوا على ثقة أن أجهزة الاستخبارات الرائدة لدينا تعمل على إيجاد حلول''.
ويقول الإسرائيليون الذين ينتقدون الموساد ومديرها المتفاخر المتهور ونتنياهو, إن جهاز الاستخبارات يعاني عيبين آخرين لا بد من معالجتهما، وهما الغرور والرضا عن النفس. ويقول أحد رجال الاستخبارات السابقة إن ''عقدة النقص'' المميتة تعشعش في كل من الموساد والشين بيت، جهاز الأمن الداخلي. وأدى النجاح الظاهر في مراقبتهم الفلسطينيين في الضفة الغربية وتسللهم إليهم إلى موقف التعالي الذي يعوق عملية السلام. وفي هذا الأسبوع فقط، وفي وسط الضحكات المكتومة من جانب الاستخبارات الإسرائيلية، تم الكشف عن أن ابن أحد مؤسسي حماس عمل منذ فترة طويلة كعميل في الشين بيت. وقد يتساءل بعض رجال الاستخبارات لم يتكبدوا عناء التفاوض مع الفلسطينيين في حين يمكن تقييدهم بمثل هذه الحيل؟ بيد أن هناك آخرين لا يتفقون معهم في هذا الرأي. وقد يتوقف كثير على خلافة Dagan