درب المال
حيث يجتمع المال والسياسة والفضيحة في البرازيل، تكون هناك عادة كاميرا في مكان ما تلتقط صورا تجعل ادعاءات البراءة جوفاء. فقد تم قتل طموح Roseana Sarney الرئاسي عام 2002 حين بثت شاشات التلفزيون صورا لنصف مليون دولار من الأوراق النقدية عثر عليها في مكتب زوجها. إلا أن الفضيحة التي اندلعت منذ نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) في برازيليا تفوقت على جميع الجهود من هذا النوع. فقد تم تصوير وزير Jose Roberto Arruda، حاكم المقاطعة الفيدرالية، وهو يسلم رزم من المال لحلفاء مختلفين لرئيسه. وقاموا بحشوها في سراويلهم وحقائبهم اليدوية وحين امتلأت جيوبهم وضعوا ما تبقى في الجوارب. لكن كان لهذا الفيلم نهاية مفاجئة. ففي الحادي عشر من شباط (فبراير)، تم وضع Arruda في عهدة الشرطة في انتظار المحاكمة بتهمة إجبار أحد الشهود ومحاولة تدمير أدلة. (استقال نائبه بسبب هذه القضية، تاركا العاصمة دون قائد.) وهذا أمر غير مألوف في دولة لا يخسر فيها السياسيون المتهمون بالفساد غالبا شيئا أغلى من ولاياتهم أو كرامتهم - وحتى في هذه الحالة يبدو أنهم سرعان ما يتعافون.
واستقال Fernando Collor، الرئيس من عام 1990 إلى 1992، من منصبه لتجنب اتهامه بالفساد لكنه عاد الآن إلى مجلس الشيوخ. ولم يذهب أحد إلى السجن بسبب فضيحة شراء الأصوات التي كادت تدمر حكومة الرئيس لويز إيناسيو لولا دا سيلفا عام 2005 التي ظهر فيها المال أيضا في أماكن غير مألوفة (تم اعتقال عضو في الحزب في المطار وبحوزته 100.000 دولار في سرواله الداخلي والمزيد من المال في حقيبة السفر الخاصة به).
والآن Sarney هي حاكمة ولاية. ويتمسك والدها، Jose Sarney، وهو رئيس سابق، بوظيفته كرئيس مجلس الشيوخ، على الرغم من ادعاءات سوء الإدارة. ولا يزال سلفه، Renan Calheiros، في مجلس الشيوخ، على الرغم من مزاعم الفساد. ولم يتم إثبات شيء في حالتهما. وربما لا تكون البرازيل أكثر فسادا من دول أخرى تماثلها حجما وثروة. وقد احتلت مرتبة أفضل من الصين والهند وتقدمت كثيرا على روسيا في مؤشر لتصورات الفساد تم جمعه من قبل منظمة Transparency International الألمانية غير الحكومية. ولحسن حظ البرازيل أن لديها وسائل إعلام تنافسية وعدوانية ومؤسسات عنيدة تحقق في مثل هذه الفضائح، التي تدور حول مكتب المدعي العام، القسم شبه المستقل في الحكومة الفيدرالية ونظيراتها المحلية. لكن لهذا التدقيق ثمنه: تعتقد الحكومة أن هناك هيئة رقابة أخرى، هي محكمة التدقيق، تعلق الإنفاق على البنية التحتية دون داع.
وفي حالة Arruda، جمع أحد المدعين العامين الأدلة الدامغة. ومقابل حكم أكثر تساهلا، سمح Duval Barbosa، أحد مساعدي Arruda، أن يتم تصويره في 30 شريط فيديو وهو يسلم المال لحلفاء في المجلس التشريعي للولاية. وكما يحدث عادة في مثل هذه الفضائح، زعم أن المال جاء من شركات لديها عقود لتوفير خدمات لحكومة المقاطعة الفيدرالية. وزعم فريق Arruda أن المال كان لشراء خبز Panettone لعيد الميلاد، أو مخصص لتبرعات للحملة القانونية.
وتعتقد منظمة Transparencia البرازيلية غير الحكومية أنه على الرغم من أن بعض المال الذي تم الكشف عنه في مثل هذه الفضائح يشمل الرشا، إلا أن معظمه يكون لتمويل الحملات الانتخابية. فلدى البرازيل قوانين صارمة في مجال تمويل الحملات. ويخضع Gilberto Kassab، عمدة سان باولو، للتحقيق لأنه تلقى تبرعا غير مسموح به خلال آخر حملة له. وهو ينفي ارتكاب أي مخالفات. وقد تم إيقافه عن العمل ثم إعادته مؤقتا في انتظار نتائج التحقيق. وفي العام الماضي، تم إنهاء ولاية عديد من حكام الولايات بسبب انتهاكات مماثلة.
والحملات الانتخابية مكلفة بشكل خاص في دولة تضم فيها الدوائر الانتخابية ولاية أو مدينة بأكملها. وكما هو الحال في الولايات المتحدة، فإن الحجم والنطاق الهائلين للحكومة في البرازيل يعني أن كثيرا من الشركات تشعر أنها لا بد أن تظل على علاقة جيدة مع مجموعة كبيرة من السياسيين من جميع الطوائف عن طريق تقديم تبرعات للحملات.
وهذا الأسبوع، قال Gilmar Mendes، رئيس المحكمة العليا أن محاكمة Arruda أظهرت أن البرازيل تحقق التقدم في مكافحة الفساد السياسي. وقد يكون هذا قولا متفائلا. ووجهة النظر الأكثر كآبة هي أن Arruda كان حاكم ولاية صغيرة وممثل لحزب تتناقص أهميته، أي الحزب الديمقراطي المحافظ. وقد ارتكب انتهاكاته تحت سمع وبصر مكتب المدعي العام. والدرس العملي من هذه الحادث الذي يجب أن يستخلصه السياسيون الطموحون هو تفقد جميع أوعية النباتات والحقائب وأثاث المكتب للبحث عن كاميرات مخبأة قبل التعامل مع المبالغ المالية الطائلة