تراجع تدريجي لعجز الميزان الإنتاجي الأمريكي
لن ينتهي عدم التوازن القائم عالمياً بين الدول عن طريق تبادل أسعار الصرف وحده، ولكن من خلال تقليص متواصل في حجم الطلب الداخلي في الولايات المتحدة. كان هذا مضمون تقرير صدر عن مركز الدراسات السياسية الأوروبية في بروكسل CEPS، وعرض أخيرا في فرانكفورت العاصمة المالية الأوروبية.
يقول توماس ماير خبير الاقتصاد الأوروبي في دويتشه بنك الألماني وأحد خبراء تلك الدراسة، إن "التأقلم سيكون على المدى الطويل ولن يخلو من مصاعب وآلام، فمع ارتفاع سعر الفائدة والتبدّل العالمي في السياسة المالية بدأت عملية التأقلم فعليا". وما يزيد الأمر حدة هو تراجع معدل عجز الميزان الإنتاجي لأن الدول المصدرة للنفط ستركز على تلبية احتياجاتها الداخلية أكثر من اهتمامها بتغطية الطلب الخارجي المتزايد.
والمهم في محاولة تقليص عجز الميزان الإنتاجي على نحوٍ دائم أن يتقبّل البنك المركزي الأمريكي هبوط حجم الطلب الداخلي، وأن يعمل مباشرة على خفض سعر الفائدة المركزية من جديد إلى نحو 2 في المائة لدى استمرار الضعف في النمو الاقتصادي، حسبما ورد عن دانيال جروس من مركز الدراسات الأوروبية.
ولا يعتقد الخبراء العاملون في هذه الدراسة باحتمال أن يؤدي معدل عجز الميزان الإنتاجي للولايات المتحدة ، الذي وصل في الربع الأخير من عام 2005 نحو 7 في المائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي، إلى هبوط كبير في سعر صرف الدولار. ومن غير المتوقع كذلك أن يعرض عجز الميزان الإنتاجي توازناً متعادلاً دائماً في الاقتصاد العالمي. ولكن على الأغلب أن تكون هناك القدرة على تراجع حجم عجز الميزان الإنتاجي على مدى فترة طويلة من الزمن.
ويرى خبراء الدراسة أن الزيادة الكبيرة في نسبة عجز الميزان الإنتاجي أقل من نتائج حصص أرباح الادخار العالمي والتي من الممكن أن تمتصها أمريكا، ولكن أقل من النتائج التي جاءت في العام الماضي عن السياسة المالية, خاصةً تلك التي جاءت عن البنك المركزي الأمريكي. وفي غمرة الجهود الساعية إلى الحفاظ على تكاليف العمل ضمن معدلات متدنية، أدت تلك إلى خفض سعر الفائدة المركزية عقب أزمة الأسهم في 2000/2001 إلى 1 في المائة وتبعها الكثير من البنوك المركزية الأخرى.
وأُزيحت أرباح حصص الادخار الأصلية عن طريق الدول النامية عقب أزمة آسيا في الفترة ما بين 1997 و1998، وعن طريق حصص أرباح السيولة، حسبما ورد عن ماير، الذي يشير إلى عجز الميزان الإنتاجي في أمريكا بالنظر إلى ذلك أيضاً.
وأدت السياسة المالية الرخوة إلى ارتفاع الأسعار الداخلية، ودفع الأمريكيين إلى الاستهلاك أكثر، وأدى إلى نمو في حجم الطلب الداخلي بنسب تفوق المعدل. وبناءً على الدراسة، بدا واضحاً أن الدول التي أشارت إلى عجز في الميزان الإنتاجي ارتفعت أسعارها الداخلية بقوة خلال الأعوام الأخيرة الماضية.
ومن الضروري لتراجع عجز الميزان الإنتاجي الأمريكي العمل على التطوير التراجعي في القوة الهائلة من حجم الطلب الداخلي، حسبما وضّح ماير. وهو يتوقع ارتفاعاً مشابها خلال الأعوام المقبلة في سعر فائدة البنك المركزي الأمريكي والفائدة طويلة المدى، وكذلك تضاؤلاً أو هبوطاً ممكناً في الأسعار الداخلية في الولايات المتحدة وغيرها من الدول التي تعاني من عجز في الميزان الإنتاجي.