إنفلونزا الطيور .. بين العواقب الاقتصادية وانتشار الفيروس!

إنفلونزا الطيور .. بين العواقب الاقتصادية وانتشار الفيروس!

إذا نظرنا إلى العواقب المالية والاقتصادية لظهور مرض إنفلونزا الطيور في عدد من بلدان أوروبا وإفريقيا لوجدنا أنها تتركز في أمرين، أولهما عدم الإقبال على شراء وتناول الدواجن والبيض، والأمر الثاني احتمال انتشار الفيروس ليكتسح العالم كوَباء.
فأما من ناحية قلة الاستهلاك فإنها قد تؤدي إلى حدوث تضخم مالي بسيط في نطاق دول الاتحاد الأوروبي، أمّا إذا وصل الأمْر إلى تحول المرض إلى وباء واسع الانتشار فسيهبط الإنتاج بصورة واضحة ويرتفع التضخم المالي بشـدّة.
وبالرغم من تصريحات وتأكيد الخبراء والسياسيّين أن استهلاك الدواجن اللاحمة والبيض لا ضرر منه، إلاّ أن المستهلكين يتجنبون تلك المنتجات ويتوجهون إلى منتجات غذائية أخرى، كما كان الحال في أزمة مرض جنون البقر عام 2001، حين هبط استهلاك لحم البقر وارتفع الاستهلاك على المنتجات الأخرى.
ففي تلك الفترة لم يتأثر النمو الاقتصادي كثيرا، ولكن ارتفعت نسبة التضخم المالي بصورة ملموسة. وهذا يرجع إلى تثبيت أسعار لحوم الأبقار ضمن إطار خطة الإصلاح الزراعي، ما أدى إلى ارتفـاع أسعار لحوم الدواجن والمواد الغذائية الأخرى، حيث بلغت نسبة الزيادة السنوية خلال عام 2001 لأسعار اللحوم 9 في المائة، ورفـَعت التضخم المالي للأسعار الاستهلاكية بنسبة 0.3 في المائة.
وتتكرر هذه الظاهرة الاقتصادية التي رافقت جنون البقر حاليا مع الدواجن والبيض مع ظهور إنفلونزا الطيور، فالأسعار ثابتة ضمن إطار الإصلاح الزراعي بينما أسعار المنتجات الأخرى في ارتفاع. لهذا سُيلاحظ ارتفاع طفيف في التضخم المالي بنسبة 0.25 في المائة ولكن مع تذبذب غير ملحوظ في دخل الدولة الإجمالي.
الطامة الكبرى هي إذا ما انتشر الفيروس بين البشـر، فقد أوضحت دراسة أجراها معهد لوي الأسترالي أن ما يقارب 1.4 إلى 142 مليون نسمة، أي ما يُعادل 0.2 إلى 2.2 في المائة من تعداد سكان العالم، سيقضون حتفهم بسبب الفيروس. كما تشير الدراسة أيضا إلى التأثير السلبي الفعّال على الاقتصاد العالمي والأسواق المالية الذي يتناسب مع شدة انتشار الوبـاء. ففي أوروبا تبقى نسبة الوفيات أقل من نصف معدل العالم، لكن مع كل ذلك سيقل الدخل الإجمالي للدولة بنسبة تصل إلى 8 في المائة وسيزداد التضخم المالي بنسبة 2.8 في المائة.
الغريب في الأمر أن الفوائد طويلة المدى وأسعار الأسهم لن تتأثّر كثيراً بالمقابل، هذا يرجع أولا إلى أنّ السياسة المالية ستوازن الهبوط بالارتفاع الحـاد، وثانيا أن آثـار انتشار الوباء ستكون شديدة ولكن قصيرة.
وتتوقع الدراسة أن الأسواق المالية على دراية بهذه الأمور، ولكن إذا ما أتى الخبر بتفشّي الوباء، فليَكـُن من المتوقع عدم الاستقرار في أسواق الأسهم والضمـان الاجتماعي.

الأكثر قراءة