إعادة هيكلة شركات الخدمات ينعش البورصة الألمانية
في السابق كانت أسهم شركات الخدمات لا تثير اهتمام رجل الشارع العادي في ألمانيا، ففي كل الأحول الماء سيتدفق من الصنوبر، والكهرباء ستنير الحجرة بمجرد الضغط علي هذا الزر أو ذاك. وكان المواطن يصف أسهم شركات الخدمات بأنها مملة رغم أنها دائما ما كانت مربحة، وكان المستهلك العادي يرى أن أسعار الماء والغاز والكهرباء وكأنها منحة لا يمكن تداولها أو تحريكها.
لكن هذا الوضع تغير الآن بعد أن ظهرت المنافسة حول شركات الخدمات التي تحولت بين عشية وضحاها من مؤسسات مهملة إلى مؤسسات مثيرة للاهتمام. والأكثر من ذلك أن إدراكاً متزايداً تولد لدى المواطنين والسياسيين على حد سواء بأن مقدمي هذه الخدمات هم حماة ومديرو شرايين الحياة العصرية، فبدونهم ستحرم المنازل من المياه والغاز، وستبقى أكوام النفايات والمخلفات متراكمة في الشوارع المظلمة.
وعلى هذه الخلفية أنهت شركتا إيون Eon ورويتكو RWEtco ما بدأته في مثل هذا الوقت من العام الماضي من تدشين إجراءات دعم، وبدت اليوم الشواهد على ذلك متمثلة في قوتها النسبية التي لا تصدق، وما ترتب على ذلك من ارتفاع خيالي في قيمتها السوقية، حيث سجلت أسهم شركة إيون ارتفاعاً بمقدار 190 في المائة مقارنة بارتفاع الرقم القياسي الأوروبي لأسهم شركات الخدمات والبالغ 160 في المائة، و325 في المائة لأسهم شركة رويتكو، كما أن هناك اتجاها مستمرا نحو الصعود.
ولكن لا بد لهذا الارتفاع من نهاية، ففي لحظة ما عندما تصل الأسعار إلى ذروتها لا تجد من يطلب الخدمة، وعندها يكون قد آن الأوان لعملية إعادة هيكلة واسعة النطاق وأحياناً لعملية تغيير في الاتجاه.
إن الرقم القياسي لسوق أسهم شركات الخدمات الأوروبية، وبالتالي لشركات الخدمات الألمانية، ليس موضع نقاش، ولكن الصيغة السابقة لإعادة الهيكلة هي الصيغة التي تستحق أن تؤخذ بعين الاعتبار.
لقد أدى انتشار نبأ إعادة الهيكلة إلى تضخم حجم المبادلات، حيث كان جميع المتعاملين يتنافسون فيما بينهم للحصول على الأسهم نفسها. وفي ثلثي الحالات تم تسجيل مستويات لا يمكن تخطيها مستقبلاً إلا فيما ندر.
إن تنبؤاتنا بالنسبة لمستقبل هذه الأسهم تنقسم إلى قسمين: على المدى القصير يمكن للرقم القياسي الأوروبي لأسعار أسهم شركات الخدمات أن يتدعم، ونحن نتوقع تغيراً بنسبة 10 في المائة حول مستوى 385 نقطة أو على الأقل 360 نقطة. أما على المدى المتوسط والبعيد فثمة احتمال في استمرارية الاتجاه نحو الصعود، ولكن لا أحد يستطيع أن يتكهن إلى أي حد يمكن أن يصل هذا الرقم القياسي.
أما بالنسبة لسوق الأسهم الألمانية، فلا يبدو في الأفق أي نوع من الأزمات، إذ مهما كانت التحديات التي يمكن أن تعترض سبيلها، فإنها ستكون قادرة على التعامل معها والخلاص منها خلال بضعة أيام فقط لكي تستأنف بعد ذلك اتجاهها الصاعد.
ولكن لا يوجد هناك ما يشير إلى أن هذا الاتجاه لا نهاية له، ولا بد من عملية إعادة هيكلة، أو بالأحرى عملية تصحيح للأسعار رغم استمرارية هذا الاتجاه الصاعد. ولكن الصعوبة تكمن في القدرة على التنبؤ، في الوقت المناسب، بموعد حدوث مثل هذا التصحيح.
وكقاعدة عامة، تحدث عملية التصحيح فجأة ودون مقدمات، وفي حالات نادرة فقط تلوح نذر التصحيح في الأفق، وهذا ما ينطبق حالياً على الرقم القياسي لسوق الأسهم الألمانية، حيث تؤشر بعض دلائل التحليل الفني على احتمال قرب المرحلة من إعادة الهيكلة، ومع ذلك يبقى هذا مجرد احتمال ضئيل الحدوث.
أما بالنسبة للمستقبل على المدى المتوسط: فإن الرقم القياسي لسوق الأسهم الألمانية الذي بلغ مستوى 5916 نقطة لا ينقصه سوى 300 نقطة أو 5 في المائة لكي يصل إلى مستوى توقعات معهد شتاود للأبحاث، وهو 6230 نقطة، أي أن 80 في المائة من الطريق قد تم تجاوزه، ومن المتوقع، على أي حال، أن يتمكن الرقم القياسي لبلوغ هذا المستوى، رغم الفتور الذي شهده السوق ورغم نذر إعادة الهيكلة التي تلوح في الأفق. ولكن حتى لو لم يتحقق هذا الهدف، وظل الرقم القياسي لسوق الأسهم الألمانية عند مستوى 6230 نقطة، يحتاج إلى مزيد من الوقت للتحقق.
ونتيجة لما يمكن أن تمارسه شركتا RWE وEON من ممارسات تؤدي إلى وقف تحرك الرقم القياسي، فإن احتمال بلوغ هذا الهدف هو حالياً احتمال وارد. ولعل العاملين الحاسمين في ذلك هما العاملون نفساهما كما كان الوضع في الأشهر الماضية، أي أولاً: ثبات الاتجاه الصاعد في المدى المتوسط والبعيد، وثانياً وجود عدد كاف من المستثمرين ممن ليست لهم ثقة في هذا الاتجاه، مع العلم بأن توافر هذين العاملين لا يشكل ضمانة لمزيد من ارتفاع الأسعار، حيث إن مثل هذه الضمانة لا وجود لها في الأسواق. ومع ذلك فإن هذه التوقعات هي أفضل ما هو متاح لمن يريد أن يسترشد بها من المتعاملين.
مدير مؤسسة شتاود للأبحاث في باد هومبورج