هل تعيد "أوبل" النظر في قرار إغلاق مصنع بوخوم؟
يواجه العمال والموظفون في مصانع شركة أوبل لتصنيع السيارات، خطر فقد وظائفهم بسبب خطط الإصلاح وإعادة الهيكلة التي تعكف الشركة حاليا على وضعها. وفي أسوأ السيناريوهات قد يتم إغلاق مصنع الشركة في مدينة بوخوم الألمانية بحلول عام 2009، وهو المصنع الذي يعمل فيه نحو 7600 شخص منهم 1200 في فرع إنتاج وتصنيع أجزاء وقطع المحركات. ومن المفترض أن يعمل برنامج إعادة الهيكلة الجاري على تقليص حجم طاقم العمل حتى نهاية هذا العام إلى نحو 6400 موظّف.
ومن الواضح أن خطة الشركة تعتمد حاليا على تقليص الاعتماد بشكل واضح على إنتاج مصنع بوخوم، حيث يتم توجيه خطوط التصنيع إلى مصنع من ثلاث وحدات لإنتاج طرازي أسترا وزافيرا. وعلى ما يبدو أن المخاوف والقلق تُحيطان بالمجموعة، حيث لا يمكنها أن تتصوّر أن يكون هذا الطلب المميز في الوقت الراهن على طراز "أسترا" متوقفاً على فترة وجيزة من الزمن فقط.
وهنا يظهر دور لاعب جديد على هذه الساحة، حيث سيتم طرح الطراز الجديد من "كورسا" في الأسواق هذا العام. فقد شهدت هذه السيارة الصغيرة نجاحاً باهراً قياساً مع غيرها من السيارات المماثلة لها من حيث الحجم والمميزات، واسترعت هذه السيارة اهتمام الكثيرين. وحسبما ورد عن المجموعة، فإن "كورسا" الجديدة تشكّل قوة تنافسية واضحة مقابل "شقيقاتها الكبار"، لهذا يتم اتخاذ مشروعين لإعادة هيكلة في المجموعة، أحدهما ذو أفق زمني قصير يراوح في الفترة ما بين خريف 2006 حتى صيف 2009، والآخر ذو أفق زمني بعيد يستهدف الفترة الزمنية ما بعد 2009. وتراعي النظرة القصيرة المدى اهتمامها بإصلاح وحدات العمل في مصانع "أسترا".
وتُصنّع سيارة أسترا اليوم في بوخوم وفي منطقة ميناء إلزيمير البريطاني حيث يعمل هناك نحو 3500 موظف، وفي مدينة إنتفيربين البلجيكية حيث يعمل في ذاك المصنع نحو 4500 موظف. ولا تزال مدينة جلايفيتز البولندية تعمل على تصنيع الطُرز السابقة من الموديلات. وعلى الأرجح سيتم إلغاء وحدة العمل الليلية في بوخوم، بما يعني إلغاء نحو 600 فرصة عمل. ولكن يتوقّف اتخاذ هذه الخطوة فعلياً على حجم الترويج الفعلي لسيارة "أسترا".
من الممكن أن تزداد الأمور سوءاً، وخاصةّ عندما يتم طرح الطراز الجديد إلى الأسواق صيف عام 2009. وتتعالى أصوات الشركة الأم لمجموعة أوبل، ألا وهي "جنرال موتورز"، أن المجموعة تملك الكثير من المصانع والعمال في أوروبا الغربية. إضافة إلى هذا يُقال إنه لا يمكن أن تحقق الشركة نمواً مميزاً إلا إذا تمكّنت من تهجير مصانعها إلى أوروبا الشرقية، حينها يبدو الأمر منطقياً. وخلال العام الماضي، ولأول مرة، نجحت برامج من الادخار والترشيد الاقتصادي، حيث راح ضحيتها نحو 12 ألف موظّف.
ولكن على ما يبدو أن قوة مصنع بوخوم الإنتاجية بدأت في التراجع نظراً لقدم أساليب الإنتاج المُتّبعة هناك، وهذا ما ينطبق كذلك على المصنع في مدينة "ترولهيتن" السويدية. ورغم أنه لا يعمل على إنتاج طراز "أسترا"، فإنه مهدد بالمخاطر إذا لم يباشر التغيير. ومن غير الواضح بعد كيف ستتحمل الخطط الجديدة ضمان عقود مستقبل المجموعة، التي تؤمّن الوظائف حتى عام 2010، وإدارة حجم الطلب في بعض المصانع فقط.
وتستفيد الإدارة حالياً وبصورة مفاجئة نسبياً من معرض سيارات جنيف لإطلاق التصريحات، فقد صرّح هانز ديمانت مدير عام شركة أوبل لصحيفة "فايننشال تايمز"، إنه لم يتم التوسّع في سياسات إلغاء فرص العمل خوفاً من حدوث إضرابات بين العمال، رغم أن الشركة تبدو في غير حاجة إلى كثير من مصانعها في المستقبل ـ حسب قوله.
ويقول بوب لوتز نائب رئيس مجموعة جنرال موتورز، إن الضغط سيزداد حدةً خاصة على المناطق الصناعية في ألمانيا. بينما يقول كارل بيتر فورستر مدير جنرال موتورز الأوروبية إن القرارات ستتمحور في المستقبل حول المصانع اللازم إغلاقها خلال العام الجاري، ويتوقّف هذا على حجم المنافسة الداخلية على وجه الخصوص.
ويردّ ممثلو الموظفين والعمال على اتخاذ مثل هذه الإجراءات بقلق وانزعاجٍ واضحين، حيث كشف المجلس الاستشاري في المجموعة قبل نحو أسبوعين عن خطط الإدارة لإلغاء وحدة كاملة من مصنع "أسترا" محذرا من إلغاء نحو ألف وظيفة بسبب هذا. وأعرب راينر أينينكل ممثل العمال والموظفين في مصنع بوخوم عن مخاوفه من خسارة جميع فرص العمل، خاصةً إذا لم تحظ أسترا الجديدة برواج كبير في الأسواق.
وانتقد كل من المجلس الاستشاري بمجمله والمجتمع المهني بشدة هذه المخططات، رغم أنهم يرفضون الدخول في معركة مع مجلس إدارة الشركة، لكنهم أكدوا أنهم يرفضون بشدة إغلاق المصنع أو حتى توزيع العملية الإنتاجية على نحو غير متساوٍ بين المناطق الصناعية.
وأشار كلاوس فرانز رئيس مجلس هيئة الموظفين في جنرال موتورز أوروبا، إلى ديمانت وفورستر قائلاً: "على ما يبدو أن "أوبل" راغبة عن العمل على تطوير علامتها التجارية، وحلّ المشاكل الداخلية بالاتفاق مع مجلس ممثلي الموظفين، والمجتمع المهني بالإجماع".
ويُعد البرنامج المُتفق عليه حالياً لإعادة الهيكلة في المجموعة الأكثر تأثيراً وعمقاً من بين سلسلة أحداث وتطورات مجموعة جنرال موتورز أوروبا، ويضيف فرانز قائلاً: "لن نسمح فيما بعد بالمزيد من إلغاء فرص العمل، أو إغلاق مصانع أخرى في أي مكان آخر من أوروبا". وعلّق فرانز على تصريحات فورستر وديمانت واصفاً إياها بأنها تلحق أضرارا كبيرة بالعلامة التجارية لشركة أوبل.