د. خولة الكريع: العلم أساس التفاضل في حكومة الملك عبد الله
العلاج بالتفاؤل والنظرة الإيجابية نحو المستقبل هو السلاح الفعال الذي وجهته الدكتورة خولة بنت سامي الكريع، رئيس مركز أبحاث الملك فهد لأورام الأطفال التابع إلى مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في الرياض، إلى جميع مرضى السرطان في المملكة وحول العالم.
وربما قادت هذه النظرة الدكتورة خولة إلى التخلي عن العمل التقليدي للأطباء في صرف الوصفات الطبية فقط، ومحاولة سبر أغوار أحد أعمق التخصصات الطبية صعوبة وتعقيداً المتمثل في الأورام السرطانية ودراسة جيناتها في إصرار منها على زرع بذور الأمل من جديد لدى الآلاف من الناس ممن يعانون هذا المرض الخطير.
وقالت الدكتورة الكريع على هامش تكريمها من إثنينية عبد المقصود خوجة، في جدة البارحة الأولى، إن المرأة السعودية استطاعت أن تثبت نجاحها وتساهم في تنمية الوطن بمباركة ولاة الأمر. وشددت الباحثة السعودية على أن خادم الحرمين الشريفين ينظر بعين العدالة والمساواة لجميع أبناء الوطن ذكوراً وإناثاً، وأن مقياس المفاضلة ليس الجنس أو اللون أو المنطقة، وإنما العمل المخلص والجاد.
وكشفت الدكتورة خولة أن رغبتها في الصغر، أن تصبح أديبة لشغفها الشديد بالقراءة، إلا أن تفوقها ونبوغها في مجال العلوم جعلها تهجر الأدب لتصبح (دافورة) أو متفوقة في المجال العلمي وعدم الانشغال بالأدب على حساب العلم.
وعن سبب تخصصها في مجال الجينات السرطانية أشارت الكريع، إلى أن هذا المجال أثار فضولها وشدها لرؤيتها لمرضى السرطان عندما تصرف لهم الأدوية فقط، فيحالف البعض الحظ ويشفى فيما لا يفيد العلاج مع البعض الآخر وربما يعاود المرض أشخاصاً آخرين بعد جرعات العلاج الكيماوي.
واستهلت الدكتورة خولة كلمتها ببيان مدلولات حصولها على وسام الملك عبد العزيز (يرحمه الله) من الدرجة الأولى، قائلة «حصولي على هذا الوسام له ثلاثة أبعاد، الأول أن حكومة خادم الحرمين الشريفين تؤمن بأهمية العلم والعلماء، وأن العلم هو أساس التفاضل والسيادة والريادة، ثانياً أن المرأة السعودية استطاعت أن تثبت نجاحها والمساهمة في تنمية الوطن بمباركة ولاة الأمر، ثالثاً أن الملك عبد الله ينظر بعين العدالة والمساواة لأبناء الوطن ذكورا وإناثاً ومقياس المفاضلة ليس الجنس أو اللون أو المناطقية وإنما العمل المخلص والجاد».
ولفتت الباحثة السعودية، إلى أنها لم تتوقع كم خطابات التهنئة الكبير الذي ورد إليها من شرائح المجتمع كافة مسؤولين، أمراء ووزراء، رجال أعمال وأدباء ومثقفين، وحتى من رجال الدين، وأضافت «كل ذلك أشعرني بأن المجتمع ينادي المرأة السعودية أنه حان وقتك وهذا عصرك».
ورفضت الكريع الصورة الوردية التي يقدمها البعض حول مسيرة الناجحين، مبينة أن في ذلك اختزال لإنجازات الإنسان لسنوات طويلة، وقالت «البعض يعتقد أن مسيرة الناجحين مثالية، خصوصاً المرأة، بالنسبة لي لا أحب الصورة الوردية التي تختزل إنجاز الإنسان، فأنا أحب العمل وأعشق التفاؤل وأتطلع إلى الطموح، مع الأسف دائماً ما تسأل المرأة من دعمك ومن ساندك، فيما لا يسأل الرجل هذا السؤال! أرى أن ذلك يدل على نظرة البعض للمرأة بدونية وأنه لا يمكنها تحقيق أهدافها إلا بمساعدة الرجل وهذا غير صحيح».
وأضافت «يجب تغيير الصورة النمطية المغلوطة عن المرأة وعدم الوقوع فيها، هذا الكلام ليس تعاليا ولا نكرانا لدور الأسرة في مسيرة المرأة، فالأسرة مثل السحابة الممطرة، لكن المحرك الحقيقي لأي إنسان هو الإيمان بالله، ثم إخلاص النية وصقل الشخص لنبوغه وذكائه بالعلم والعمل المتواصل والاجتهاد».
وكشفت الدكتورة الكريع أنها ضحت بالأدب من أجل العلم، وأردفت «كان حلمي قبل الطب أن أكون أديبة، وكانت القراءة متعتي، لكن تفوقي في العلوم غير مسار حياتي وفضلت أن أركز عليه».
وبثت الباحثة في أورام السرطان روح الأمل في المرضى، من خلال تأكيدها أن الأدوية الموجهة تعتبر أمل مرضى السرطان وعلاج الكثير من الحالات مستقبلاً، وتابعت أكرر وعدي الذي قطعته أمام خادم الحرمين الشريفين وهو «بالنيابة عن كل زملائي الأطباء والباحثين سنساهم إن شاء الله في التخفيف عن مرضى السرطان في المملكة وإيجاد أفضل الوسائل العلاجية التي تقوم على أسس علمية مدروسة».
وفي سؤال عن مدى صحة علاج السرطان بالطرق التقليدية والطب الشعبي أو شرب ماء زمزم، أكدت الدكتور خولة الكريع، أن أي علاج لابد أن يمر بعدة مراحل علمية ويثبت بشكل رسمي حتى يمكن اعتماده من الهيئات المتخصصة، محذرة في الوقت نفسه من مغبة الترويج لأي علاج غير معتمد علمياً وتأثير ذلك في نفسية المرضى، وتابعت «من أصعب الأمور إعطاء مريض السرطان أملا كاذبا، وسائل الإعلام تتحمل مسؤولية كبيرة في هذا الشأن بعدم الترويج لمثل هذه الوصفات غير المثبتة علمياً».
وبيّنت الدكتورة خولة أن سرطان الغدة الدرقية يمثل المرتبة الثانية من حيث انتشاره في المملكة بين النساء بعد سرطان الثدي، موضحة تحفظها على بعض التقارير التي تشير إلى زيادة نسبة السرطان في السعودية، قائلة إن ذلك أمر طبيعي في ظل الزيادة السكانية المهولة التي ترافقها عادة زيادة في أنواع عدة من السرطانات.
وتمنت الباحثة السعودية إنشاء مركز قومي للسرطان في المملكة قريباً، منتقدة انعدام التعاون بين المراكز البحثية في المملكة وأن ذلك من أبرز العوائق التي تواجه الباحثين السعوديين.
من جانبه، رأى عبد المقصود خوجة مؤسس الإثنينية، أن أبحاث الدكتورة خولة الكريع تعيد إلى الأذهان أمجاد العلماء العرب الأوائل الذين أبدعوا في مجالات شتى، أمثال ابن الهيثم، الرازي، البيروني، ابن سيناء، والفارابي وغيرهم، لافتاً إلى أن الإعلام الغربي لم ينصف الدكتورة الكريع.