أوقفهم وفتشهم
> بسبب الجالية الكبيرة من الجنوب آسيويين الذين يعيشون فيها وبسبب حدودها التي يسهل اختراقها، ربما تكون بريطانيا على حق في التفكير بأنها أكثر عرضة لخطر الإرهاب المتشدد من أي دولة أخرى في أوروبا. وبسبب هذا الخطر، ولإدراكهم أن الناخبين يعدون القانون والنظام نقطة ضعف تقليدية لحكومات حزب العمل، أدخل الوزراء الكثير من القوانين الصارمة خلال 13 عاما لهم في السلطة. ولكن تم إحباط الكثير من الجهود التي بذلوها أخيرا. فقد فشلت اقتراحات احتجاز الأشخاص المشتبه بهم كإرهابيين لمدة تصل إلى 42 يوما دون توجيه اتهامات إليهم في مجلس اللوردات عام 2008. وفي العام الماضي، حكمت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إن الاحتفاظ بالمعلومات الجينية للأبرياء على قاعدة بيانات الـ DNA الوطنية - الأكبر في العالم - ينتهك حقهم في الخصوصية بموجب الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. وفي 12 من كانون الثاني (يناير)، وجهت المحكمة نفسها ضربة أخرى. فقد حكمت أن الصلاحيات الممنوحة للشرطة بموجب القسم 44 من قانون الإرهاب عام 2000، الذي يسمح لهم بإيقاف الناس وتفتيشهم دون أسباب محددة لمجرد الاعتقاد أنهم ينوون الشر، تنتهك أيضا هذا الحق بالخصوصية. وقد رفع هذه الدعوى Kevin Gillian و Pennie Quinton، بمساعدة منظمة Liberty للحقوق المدنية. وكان قد تم إيقاف الإثنين وتفتيشهما أثناء ذهابهما للاحتجاج على عرض الأسلحة في لندن عام 2003. ولم يعارضا فكرة صلاحيات الإيقاف والتفتيش، بل عارضا كون القوانين الحالية صارمة بصورة مفرطة. ووقفت ثلاث محاكم بريطانية إلى جانب الحكومة أمام القضاة الأوروبيين للمدعين. فإلى جانب الاتفاق على أن القوانين توسعية للغاية، انتقد القضاة السلطة التقديرية الممنوحة لرجال شرطة فرديين ويشعرون بالقلق من أن عمليات التفتيش العامة قد تكون مهينة. وانتقدوا بصورة خاصة عدم وجود ضمانات. ومن الناحية النظرية، يخصص وزير الداخلية في بريطانيا منطقة يمكن للشرطة استخدام صلاحيات الإيقاف والتفتيش فيها لمدة 28 يوما. ولكن عمليا يمكن تجنب هذا الحد عن طريق تجديد الترخيص، ولهذا السبب أصبحت كل لندن منطقة إيقاف وتفتيش منذ عام 2001. ويشير المدافعون عن الحريات المدنية أن استخدام هذه الصلاحيات زاد بصورة كبيرة، من 33 ألف مرة سنويا عام 2004 إلى 117 ألفا عام 2008. وقد طلب رجال الشرطة المتحمسين، بالإشارة إلى القسم 44 وصلاحيات أخرى أحدث، من السياح والمصورين التوقف عن التقاط صور المباني المشهورة. وأثار انتشار الوجوه الآسيوية والسوداء بين أولئك المستهدفين استياء خاصا.
يذكر أن التاريخ الحديث يشير إلى أنه من السابق لأوانه الاعتقاد أن الحكومة بصدد تغيير أساليبها. فهي تماطل في تنفيذ حكم المحكمة بشأن عينات الحمض النووي DNA. وسرعان ما أعلن الوزراء أنهم سيستأنفون ضد الحكم الأخير.
وقد تكون خطط حزب العمّال غير ذات صلة، بالنظر إلى أنه من المرجح أن يخسر الحزب الانتخابات العامة المقبلة. ولكن لا أحد يعرف على وجه اليقين ما يمكن أن يفعله المحافظون بزعامة ديفيد كاميرون بدلا من ذلك. فقد عارضوا الحكومة بشأن احتجاز الإرهابيين المشتبه بهم وإدخال بطاقات الهوية، وهو هدف آخر للمدافعين عن الحقوق المدنية. إلا أن كاميرون يحاول كسب قاعدته أيضا عن طريق الحديث عن استبدال قانون حقوق الإنسان لعام 1998 بقانون الحقوق البريطاني الأكثر غموضا.
وفي غضون ذلك، لا يزال الوزراء يستعرضون عضلاتهم. ففي الثاني من كانون الثاني (يناير)، أثارت جماعة Islam4UK الإسلامية استياء واسع النطاق حين أعلنت عن مسيرة احتجاج في Wootton Bassett، المدينة التي تم من خلالها إعادة الجنود البريطانيين الذين قتلوا في أفغانستان إلى الوطن. وبعد عشرة أيام من ذلك، قال Alan Johnson، وزير الداخلية، إنه سيتم حظر الجماعة - التي تعمل تحت أسماء مختلفة، بما في ذلك المهاجرون - لأنها تمجد الإرهاب.
واحتج البعض: هل من الممكن أن يكون وزير الداخلية يخنق حق الجماعة في قول أشياء لا تحظى بالشعبية على أمل منحه دفعة سياسية؟ أصر Johnson على أن الأمر ليس كذلك، وأن الجماعة كانت تحت المراقبة منذ شهور، وأن التوقيت ليس سوى مجرد مصادفة >