ماذا يجب على المستثمرين أن يطلبوه من الشركات؟

ماذا يجب على المستثمرين أن يطلبوه من الشركات؟

من المحتمل أن تكون نتائج قمة المناخ في كوبنهاجن قد تسببت في خيبة أمل بعض قادة النشاط العملي، كما قد لا تكون تلك النتائج هي « الصفقة العالمية» التي كان يأمل فيها كثيرون، بمن فيهم Carbon Trust في المملكة المتحدة. غير أن النتائج يمكن اعتبارها خطوة صغيرة أخرى على طريق العملية الطويلة لتخفيض الانبعاثات الكربونية.
وعلى الرغم من توصل خمسة بلدان، بما فيها الولايات المتحدة والصين، إلى اتفاق حول الانبعاثات الكربونية، وإقرار سلامة الجانب العلمي في عدم تجاوز ارتفاع درجة الحرارة العالمية درجتين مئويتين، إلا أن محادثات كوبنهاجن أخفقت في إيصال العالم إلى « الصفقة العالمية» التي يمكن أن تكون بديلاً لبروتوكول كيوتو الذي ينتهي العمل به في عام 2012. وكان ذلك البروتوكول قد حدد انبعاثات غازية معينة لـ 37 دولة صناعية بما يقل بـ 5 في المائة عن انبعاثات عام 1990 خلال فترة تمتد بين 2008 و2012.
وقال بروس دوجويد، رئيس مشاركة المستثمرين في Carbon Trust في المملكة المتحدة، لمجلة «إنسياد نولدج» كان يمكن أن تكون الصفقة العالمية بالنسبة إلى المستثمرين بمثابة أول طلقة تؤذن ببداية السباق العالمي نحو تخفيض الانبعاثات الكربونية، الأمر الذي يظهر أن جميع البلدان ملتزمة بصورة سليمة بإدارة اقتصادات تقلل من استهلاك الكربون».
ويعتقد دوجويد أن المستثمرين سوف يحققون في نهاية الأمر استثمارات ناجحة إذا استثمروا في مجالات قابلة للنجاح. ويتطلب ذلك فهماً للبيئة التي يعملون ضمنها. ويضيف «يتصرف معظم المستثمرين وكأن العالم يتجه إلى استخدام عالٍ لكربون في حدود 700 جزء من المليون في الجو، وبما يمكن أن يزيد من ارتفاع درجات الحرارة بأربع درجات مئوية أو حتى خمس درجات». والواقع أننا نسعى من الناحية المثالية إلى ألآّ يتجاوز التركيز الكربوني في الجو 450 جزءا من المليون، وألا تزيد درجات الحرارة بأكثر من درجتين مئويتين».
في ظل التراجع الاقتصادي تظهر مخاطر مرتبطة بأسواق رأس المال القريبة من التجمد، إضافة إلى عوامل يقين مرتبطة بآثار صفقات التحفيز من جانب الحكومات التي تركز على زيادة كفاءة استهلاك الطاقة، ومصادر الطاقة المتجددة، والتقنيات النظيفة، والضرائب، وحماية الغابات، حسب رأي ستيفن هاين، رئيس التطوير المسؤول للاستثمارات في شركة «الخبراء في حلول الاستثمار المسؤول».
ويرى أن هدف تحقيق اقتصاد قليل الإنتاج للكربون سوف يعمل على تفضيل النشاطات الاقتصادية ذات الانبعاثات الكربونية الأدنى. وفي وقت يقل فيه رأس المال على النطاق العالمي، فإن النشاطات العملية التي تستمر في عدم السيطرة على انبعاثاتها الكربونية سوف تخاطر باستثماراتها، بالإضافة إلى مخاطرتها بالمناخ.
ستحتاج النشاطات العملية كذلك إلى العمل معاً، ومع الحكومات للتوصل إلى قواعد فعالة، وعملية لتشجيع الاستثمارات في المشروعات قليلة إنتاج الكربون، وفي العمل على ضمان الاستدامة.
ويقول هاين « تمت ملاحظة عدد من التحسينات في الاستراتيجيات التي تنفذها الشركات بخصوص آثارها في التغير المناخي. وقد ازداد عدد الشركات والمؤسسات ذات السياسات المطبقة بهذا الخصوص، كما أن عدد الشركات التي تقدم تقارير منتظمة حول تقدمها على هذا السبيل يشهد زيادة مستمرة. ومع ذلك، تظل هنالك مجالات قابلة لإدخال المزيد من التحسينات من خلال مشاركة أوسع لمجالس الإدارات في ربط المكافآت بمستوى الإنجاز على صعيد الحد من الانبعاثات الكربونية».
وهنالك علاقة قوية بين المستثمرين وقضايا التغير المناخي، حيث إن لدى المستثمرين الحافز والفرصة لمعالجة هذه المشكلة، حسب رأي هاين في حديثه إلى مجلة «إنسياد نولدج» بسبب كونهم مالكين للشركات، فإن بإمكانهم ممارسة نفوذهم لتشجيع استجابة الشركات لتحديات التغير المناخي، وتخفيض مجمل الانبعاثات التي تصدرها، والبدء في عملية تحويل نماذج نشاطها العملي حتى تستطيع المنافسة في عالم ما بعد الإنتاج المكثف للكربون».
وقام الخبراء في حلول الاستثمار المسؤول، الذين يقدمون أبحاثاً مستقلة حول أداء الشركات من الجوانب الاجتماعية، والإدارية، والأخلاقية، بتحليل أثر واستجابة عدد من أكبر 300 شركة في العالم وفقاً لـ 24 مؤشراً تختص بالتغير المناخي بما يغطي الإدارة، والاستراتيجية، والإفصاح، وعناصر الأداء. وقد وجدوا بالمقارنة بتقرير تم نشره في عام 2008 أن هنالك الكثير من المخاطر على صعيد الشركات الكبرى فيما يتعلق باستراتيجيات وخطط الحد من الانبعاثات الكربونية.
يذكر هاين، تعليقاً على ذلك، أن على مالكي الموجودات أن يطالبوا من يتولون إدارتها بإدخال مسألة التغير المناخي في عملياتهم الاستثمارية، ومراقبة الأداء بهذا الخصوص. ويظهر التقرير كذلك أن الشركات ذات المخاطر العالية تشهد تحسناً على صعيد استجابة المديرين فيها لتحديات التغير المناخي، على الرغم من أن الطريق إلى تحقيق كل الأهداف ما زال طويلاً. ويضيف «هنالك فرصة متاحة للمستثمرين لممارسة حقوقهم التصويتية لجعل الشركات أكثر انخراطاً في الحد من المخاطر التي يتعرض لها المناخ».
غير أنه يجب على المستثمرين كذلك أن يطلبوا المزيد من الشفافية من جانب الشركات، وأن تقيم عمق مشاكلها الخاصة بالمناخ، وأن ترفع التقارير بخصوص أدائها فيما يتعلق بكل ذلك.
ويوضح هاين أن بإمكان المستثمرين اتخاذ خطوات لحماية وتعزيز استثماراتهم من خلال تحديد مخاطر محافظهم الاستثمارية، حيث إن فهم وضع الانبعاثات الكربونية أمر مهم للغاية.
أما الخطوة الأخرى، فهي الفهم الكامل لمخاطر وفرص الكربون ضمن المحافظ الاستثمارية، وعلى نطاق الاقتصاد ككل. ويضيف « لا يعني ذلك عدم الاستثمار في الشركات ذات الأثر الكبير، بل إن المقصود منه هو زيادة انخراط المستثمرين في العمل مع الشركات التي تحسن استجابتها للتغير المناخي. ولا بد من وضع الكربون في الاعتبار لدى تقييم المستثمرين للشركات ذات الأثر الكبير.» والطريقة الأخرى للقيام بذلك هي الاستثمار في شركات حلول التغير المناخي، كتلك التي تركز على الطاقة المتجددة، وعلى زيادة كفاءة استهلاك الطاقة».
ويمكن كذلك للمستثمرين أن يزيدوا من حماية استثماراتهم بالانخراط في شركات تركز على قضايا معينة بخصوص التغير المناخي، وكذلك بالدخول في النقاشات الموسعة للسياسات الخاصة بذلك.

الأكثر قراءة