الشراكة الأمريكية الإيرانية!!
عبارة كثيرا ما يكررها رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ونستون تشرشل «إنه ليس لنا أعداء أو أصدقاء بل لنا مصالح»، هذه عبارة تعبر عن واقع الثقافة الغربية، بل هي من الأمور الطبيعية لديهم، أما مجتمعاتنا العربية فالوفاء والكرم ورد الجميل من الخصال التي نتفاخر بها ونعود أجيالنا عليها!.
فقد جاءت القوات الأمريكية واحتلت العراق من أجل تخليصه من الدكتاتورية، ورفع المستوى المعيشي للمواطن العراقي، وكانت النتيجة تشريد غالبية العراقيين، وأصبحوا يبكون على ماضيهم، فالعراق لا يزال أمانة في أعناق المحتل، ولكن من المؤسف على الرغم من التدخل الإيراني السافر في شؤون العراق ودعم الإرهاب وإيواء الإرهابيين، بموجب أدلة دامغة لدى القوات الامريكية، لم نر أي رد فعل أمريكي حتى على المستوى الإعلامي، فالسؤال المطروح: هل احتلال العراق احتلال مزدوج؟! أو هل أن هنالك شراكة بين الأمريكان والإيرانيين؟!
فمن القرائن التي قد تجيب عن تلك التسائلات ما يلي:
1) إن غالبية القياديين في الحكومة العراقية تحت الاحتلال الأمريكي هم إما من أصول إيرانية (آل الحكيم، الشهرستاني) أو من لهم ارتباطات مصيرية وعقدية مع إيران، بل إن جميع هؤلاء لا يوقعون على أمر يخص العراق إلا بمشاورة الحكومة الإيرانية، فالعجب والعجاب، كيف تدعي أمريكا بعدائها المطلق لإيران وفي الوقت نفسه تولي زعامة البلد الداخلية والخارجية والعسكرية والاستخباراتية لحلفاء إيران!!
2) بعد احتلال القوات الإيرانية الأسبوع الماضي حقل الفكة، صدر تصريح قائد القوات الأمريكية بأن هذا حصل في منطقة متنازع عليها، وهو يعرف تمام المعرفة وحسب اتفاقية الجزائر والمواثيق الدولية السابقة، أن هذه المنطقة الغنية بالبترول (تحتوي على 23 بئراً) تابعة لمحافظة ميسان (العمارة سابقاً) كما يعلم القاصي والداني بعراقية تلك المنطقة وسكانها العرب الأصليين. فهذا التصريح إن لم تنفه الخارجية الأمريكية، فهو شبه اعتراف بمنح المحتل الأمريكي شريكة الإيراني هبة على جهودهم في تمكينهم من احتلال وتمزيق ذلك البلد. ولا ندري إلى أين يستمر مسلسل استنزاف خيرات العراق من قبل الحليفين، حيث إيران ولمدة طويلة كانت (وما زالت) تسرق البترول العراقي المحاذي للحدود الإيرانية عن طريق الحفر الأفقي بمرأى وعلم القوات الأمريكية، إضافة إلى البواخر التي يصدرها حلفاء إيران لدعم وتمويل مليشياتهم الطائفية المسلحة.
3) ومن الأمور المهمة والمسكوت عنها، ما يلاقيه سكان مناطق الأهواز العرب من اضطهاد وهضم لأبسط حقوق الإنسان، حيث مناطقهم من أكثر المناطق غير المخدومة، على الرغم من أن منطقتهم تحوي الجزء الأكبر من البترول، فلم نر مسؤولاً أمريكياً أو حتى غربياً تطرق لهذا الجانب، حيث تجاوزات الحكومة السودانية في دارفور لا تقارن إطلاقاً بالممارسات التعسفية والقمعية التي تمارسها الحكومة الفارسية ضد إخواننا العرب في الأهواز، فلماذا هذه الازدواجية؟ والمنطق نفسه ينطبق على الجزر الإماراتية المحتلة من قبل إيران، حيث لم يتكلم عن حق الإمارات إلا دول مجلس التعاون الخليجي!! فالسؤال المطروح: لماذا الحيادية الأمريكية من الحقوق العربية؟!
أردت بتلك القرائن أن نتذكر دائما أن هنالك اتفاقات غير معلنة بين السياسات الأمريكية والإيرانية في المنطقة لا تتفق إطلاقاً مع مصلحة شعوبنا العربية، كما ينبغي الحذر من التصريحات المعسولة التي يطلقها المسؤولون الإيرانيون في إظهار العداء وإبطان الولاء للأمريكان والصهيونية، ولكن ينبغي أيضاً أن تكون القرارات العربية السياسية منطلقة مع مصالح وتطلعات الشعوب، حتى لا تخرج فئات وحركات ترتمي قصراً في أحضان الأعداء.