اتهامات بعدم الشفافية في توزيع المعونات الأوروبية

اتهامات بعدم الشفافية في توزيع المعونات الأوروبية

تُعد شركات المواد الغذائية والمصانع الكبيرة التي تقوم على المنتجات الزراعية من أكبر الجهات التي تستفيد من المعونات المالية التي يقدمها الاتحاد الأوروبي للقطاع الزراعي في ألمانيا. ووفق ما أفادت به السندات الداخلية للحكومة الألمانية فقد حظي أكبر 30 مستحقا في عام 2001 بنحو 113 مليون يورو من المعونات الزراعية من قبل الخزينة الزراعية في الاتحاد الأوروبي. واستحوذت شركة بون فلايش للتصدير والاستيراد- Bonn Fleisch Ex- und Import GmbH على ما يعادل نحو 12.8 مليون يورو وشركة نوردميلش إي جي- Nordmilch EG على ما يعادل نحو 11.7 مليون يورو. وكذلك تحتل مجموعة شركات تصنيع المواد الغذائية السويسرية نستلة- Nestlé ، مراكز متقدّمة على قائمة مستحقي المعونات المالية في ألمانيا، حيث حظيت مجموعة نستلة في عام 2001 على ما يُعادل نحو 2.4 مليون يورو. وإضافة إلى هذه المبالغ، يحظى بعض العاملين في الأرياف بمعونات مالية تصل حتى 750 ألف يورو سنوياً من بروكسل.
ولا تتميّز عملية تقسيم المعونات المالية في ألمانيا بالوضوح والشفافية بصورة عامة. بالرغم من أن الكثير من المبادرات اليوم من اتحادات البيئة المتعددة، ومنظمات التنمية والمساعدة، منها WWF – World Wildlife Fund الصندوق العالمي للأحياء البرية، وأوكسفام – Oxfam، جميعها تطالب حكومة الاتحاد بتحقيق المزيد من الشفافية، وترفض في الوقت ذاته الإفشاء عن الحصة المالية بقيمة ستة مليارات يورو، والتي حصلت عليها ألمانيا من قدور الاتحاد الأوروبي، وتدعو إلى جانب هذا، من بين جهات أخرى إلى حماية سرية البيانات. وتعلن بعض الدول الأخرى عن التوزيع السنوي الإجمالي بما يعادل 40 مليار يورو على الأقل. وهذه الدول هي أستونيا، وإيرلندا، وهولندا، وسلوفانيا، إسبانيا، وبريطانيا، إلى جانب الدنمارك وبلجيكا. وتتوفر باقي البيانات تحت العنوان الإلكتروني التالي:
http://farmsubsidy.org/ zug?nglich
وتمنح المعدلات المُعلن عنها بصورة متناسقة، حيث توجد مجموعات شركات تصنيع المواد الغذائية في مراكز متقدّمة من قائمة المحصّلين. منها على سبيل المثال، شركة تصنيع الأغذية نستلة في بريطانيا، والتي حظيت في عام 2003/2004 بنحو 18 مليون يورو من المعونات المالية المخصصة. ولكن أكبر الشركات المستحقة للمعونات المالية هناك، هي مجموعة شركات تصنيع السكر، -Tate & Lyle تيت آند لايل، بنحو 168 مليون يورو سنوياً. وكذلك في الدنمارك، وهولندا، وبلجيكا، وألمانيا، فقد تحوّل القطاع الصناعي إلى أكبر مستحقّي المعونات المالية، حيث حظيت مجموعة شركات تصنيع الألبان، أرلا-Arla، ما يزيد على 140 مليون يورو، وبالتالي لا يستفيد قطاع الصناعة هنا من المعونات المالية الداعمة للتصدير فقط، بل ومن المعونات المالية المخصصة للقطاع الزراعي، منها شركات التصنيع المتعلّقة بحصص من الحليب في الاتحاد الأوروبي المخصص ضمن نطاق تصدير الألبان، حيث أنفق الاتحاد الأوروبي في هذه الوُجهة أخيرا نحو 3.5 مليار يورو.
ويتميّز القطاع الصناعي، إضافة إلى ما سبق، بالحصول على أسعار ضمان مرتفعة من الاتحاد الأوروبي، والتي لا تنساب من أجل المادة الخام "الحليب" ضمن قطاع الأرياف، بل ومقابل مشتقات الحليب، منها الزبد وباقي منتجات الألبان. بالإضافة إلى أن الاتحاد الأوروبي يعادل لمجموعات الشركات، التي تستخدم السكر من خارج أوروبا، الفرق بين أسعار السوق العالمية، وأسعار الاتحاد الأوروبي. ومن الممكن أن يكون السبب المحتمل وراء هذه المعادلة، أن مجموعة باسف- BASF- بلجيكا، حظيت بنحو 1.2 مليون يورو أخيرا من بروكسل.
كذلك يوجد كبار المستحقين في قطاع الزراعة والأرياف. وأشهر المستحقين في هذا المجال الملكة إليزابيث، وابنها الأمير تشارلز، حيث حظيا أخيرا بنحو 1.5 مليون يورو من بروكسل. وبرغم هذا، يحظى نحو 97 في المائة من قطاع الأرياف في الاتحاد الأوروبي أقل من 30 ألف يورو سنوياً من بروكسل، حسب ما جاء عن دراسات قامت بها المفوضية الأوروبية. ومن ناحية أخرى، تتجه نحو 80 في المائة من السيولة النقدية إلى المصانع الكبرى في الاتحاد الأوروبي. وعليه لا يتغيّر شيء حتى عن طريق النموذج الزراعي الذي تم رسمه في عام 2003. وبناءً على بعض التحقيقات التي قامت بها صحيفة "لا تريبيون- La Tribune"، حظي أكبر المستحقين وعددهم 12 شركة في فرنسا على ما يزيد على 500 ألف يورو في السنة لكل واحد منهم على حدة، حيث بلغت القيمة الإجمالية لأكبر مستحقين اثنين نحو 1.7 مليون يورو. وتحظى 303 من المصانع الكبرى في إسبانيا بمعدل 1.3 مليون يورو في السنة من بروكسل، حسب بعض المعطيات التي وردت عن منظمة المساعدة والتنمية، أوكسفام.
ولا تختلف الحال كثيراً في ألمانيا، حسب ما جاء عن مبادرات تحقيق الشفافية، حسب ما ورد عن النائب في البرلمان الأوروبي ويلهيلم جرايفيه ، ، من حزب الخُضر، بأن بعض المصانع حظيت سنوياً على نحو 120.000 يورو مقابل كل عامل لديها مضيفا أن الحكومة عليها على الأقل أن تُفصح عن الدفعات المباشرة لأكبر 100 مستحق لهذه المعونات وفي حالة باشرت الدول في محاولة التوصّل إلى اتفاق، كما جاء في لقاء رؤساء الحكومات والدول في الاتحاد الأوروبي وأرادوا مناقشة المزيد من أشكال السياسة الزراعية، لا بد أن يكون الحديث حينها واضحاً بالضبط فيما يتناوله اللقاء من قضايا للمناقشة.
ووردت الكثير من الاقتراحات في السابق، والمشيرة إلى ضرورة تخصيص المعونات المالية لمساعدة الأعمال الريفية الصغيرة، حسب ما ورد عن جرايفيه. ولكن في الحقيقة تم تزويد قطاعات الصناعة المهنية، والمنشآت الصناعية. ولهذا تريد المبادرات إصدار المزيد من المواصفات تحدد الحصص المدفوعة. وهذه من الممكن أن تعمل على الحدّ من المساعدات إلى قيمة أقصاها نحو 300 ألف يورو لكل مصنع. وبالفعل كان الحديث عن مثل هذا الشكل من التحديد في المساعدات في سلسلة مجريات تشكيل النموذج الزراعي المُتّبع منذ عام 2003، ولكن لقي رفضاً نظراً للضغط الذي شكّلته الحكومة الألمانية انذاك.

الأكثر قراءة