محاولة لفض نزاع وزارتي المياه والزراعة بمجلس أعلى لموارد المياه
تصدرت قضية تعويضات مزارعي القمح مداخلات جلسة الأمن الغذائي والمائي التي قدم دراستها الدكتور منصور الكريديس، وأثارت الورقة تساؤلات عديدة حول المعلومات المائية وعن الجهة التي تملكها وأهمية الشفافية في قضية المياه، وتساؤلات حول نقص المعلومات والإحصاءات العامة، وظهر ذلك جليا في تباين بين أعداد المزارعين المسجلين في وزارة الزراعة وبين كمية المحاصيل. وفي بداية الجلسة قال الدكتور فهد بالغنيم وزير الزراعة الذي أدار الجلسة إنه يشكر القائمين على المنتدى الذين «وثقوا بوزير الزراعة» في إشارة إلى الخلاف الخفي بين وزارتي المياه والزراعة حول قضية المياه، ومارس بالغنيم حيادية عالية في إدارة اللقاء، ففي الوقت الذي طلب من المهندس عبد الله الحصين وزير المياه إتاحة الفرصة للمشاركين بالتعليق لأن المنتدى لهم وليس للجهات الرسمية، تحفظ على الرد على إحدى المداخلات بصفته الوزارية نظرا لكونه مديرا للجلسة.وقال الدكتور الكريديس في ورقته إن جذور المشكلة تعود إلى ما صاحب السياسة التوسعية الطموحة وغير المحدودة في القطاع الزراعي خلال العقود الثلاثة الماضية، من حدوث اختلال للتوازن بين اعتبارات الأمن المائي والغذائي والتنمية المستدامة ومن أهم هذه السياسات، سياسة التوسع الزراعي الأفقي، وسياسة تحقيق الأمن الغذائي بتحقيق الاكتفاء الذاتي الكامل محلياً من بعض السلع الزراعية، فضلاً عن غياب وجود سياسة لتسعير المياه بوصفها سلعة اقتصادية نادرة في ظل ظروف المملكة، وسياسات الدعم والإقراض للقطاع الزراعي، وهو ما نجمت عنه سيادة أوضاع لا تتوافق مع اعتبارات الميزة النسبية أو التخصص الإنتاجي أو التخصيص الأمثل للموارد المائية، وقد نجم عن تلك السياسات السابقة حدوث هدر كبير وواضح ومتراكم عبر الزمن، سواء أكان في الموارد المائية أم الأرضية أم الرأسمالية أو العمالية.
وبين أن المشكلة الرئيسة في هذه الدراسة تتمثل في وجود خلل متراكم في إدارة الموارد المائية في المملكة وغياب التخطيط الاستراتيجي طويل المدى لمورد المياه. وحول المعوقات التي واجهت الدراسة قال الكريديس إن من أهم العقبات التي واجهت الباحثين عند إعداد هذه الدراسة عدم توافر البيانات والمعلومات الحديثة والدقيقة والتفصيلية عن أرصدة المياه المتاحة للزراعة في مختلف مناطق المملكة وما يرتبط بها من بيانات مثل المقننات المائية للمحاصيل الزراعية في مختلف المناطق الإنتاجية، وعليه فإن استخدام نموذج للبرمجة الخطية من أجل تحديد كمية المياه المستهلكة بالتركيب المحصولي الراهن في مختلف المناطق لم يكن في متناول الباحثين عند إعداد الدراسة، وكان الحل البديل تحت هذه الظروف هو استخدام نموذج تقريبي PROXY للمشكلة وهو نموذج لمعظمة العائد من وحده المياه المستخدمة.
وأوصت الدراسة بضرورة ترشيد المياه باستخدام نظام الري بالرش والتنقيط، لتقليل استهلاك المياه إلى جانب تغطية قنوات الري الكبيرة المكشوفة، وتبطينها واستخدام أجهزة قياس الرطوبة في التربة لتحديد مواعيد الري، إضافة إلى غير ذلك من وسائل الترشيد الأخرى، كما يجب التركيز في المملكة على استخدام البيوت المحمية في الزراعة التي تحقق كفاءة عالية في استخدام وحدة المياه.
#2#
وكان من أبرز التوصيات الدعوة لصرف تعويضات للمزارعين المتضررين من وقف زراعة القمح حيث دعت الدراسة وزارة المالية للتفاعل مع بقية الوزارات في هذا الشأن، كما دعت إلى إنشاء مجلس أعلى لإدارة الموارد المائية بعيدا عن الوزارات، كما دعت وزارة التجارة إلى إطلاق مشروع للخزن الاستراتيجي للسلع.
من جانبه، قال الدكتور وليد بن أحمد إن التحول إلى استخدام مياه الصرف الصحي يستدعي صدور تشريعات جديدة للزراعة حول المدن، مبينا أن ذلك سترافقه زيادة الإنتاج في مياه الصرف الصحي، كما أن من بين التحديات الحاجة المالية لشراء الأغذية، وضرورة إيجاد نظام عالمي لشراء الغذاء في العالم. وعارض الدكتور وليد بن أحمد الدعوة لإنشاء مجلس أعلى لإدارة الموارد المائية لن يحقق الهدف، معتبرا أن المياه يجب أن تبقى لدى وزارة المياه لأنها المسؤولة عنها. من جانبه، قال عيسى الحليان وهو عضو في اللجنة الاستشارية للمجلس الاقتصادي الأعلى إن جدلية الأمن الغذائي والمائي ستبقى طويلا حتى الوصول إلى نقطة توازن في يوم ما، معتبرا أنه لا توجد مشكلة ما دام النقاش يدور في فلك المصلحة العامة. وشدد الحليان على أن الإشكالية الكبيرة تتمثل مناقشة المشكلة في ظل التمترس خلف أسباب أخرى لا علاقة للمصلحة العامة بها. وقال إن المشكلة التي أغفلتها الدراسة هي أن 500 ألف هكتار ستخرج من الخدمة قريبا فما هو البديل للمزارعين؟ وبين أن الواقع الحالي للزراعة رمادي لا يخدم الزراعة ولا يقلل من استخدام المياه. وانتقد اعتماد الدراسة على معلومات بين 2004 و 2007 في حين حدث تحول كبير بعد هذا التاريخ، بيد أنه قال إن معدي الدراسة لا يتحملون المشكلة لأنهم يفتقدون المعلومات التي يجب أن توفرها جهات أخرى. وقال الحليان إنه بات يظهر للناس أن المستهدف من القرارات الأخيرة القضاء على القمح في حين أن الأعلاف مثلا لا تقل عن القمح في الاستهلاك.