الأزمة العراقية - الإيرانية والتقلبات المناخية تدفعان النفط للصعود

الأزمة العراقية - الإيرانية والتقلبات المناخية تدفعان النفط للصعود

عاد العاملان الجيوسياسي والمناخي ليؤثرا في التحركات الخاصة بسعر برميل النفط، ويتوقع لهما أن يصبحا في بؤرة الاهتمام عندما يبدأ التعامل اليوم، ويظهر ذلك من بروز أزمة بين العراق وإيران على خلفية نزاع حدودي يتضمن بعض المواقع النفطية، واتجاه المناخ إلى البرودة في النصف الشمالي من الكرة الأرضية. فقد شهدت الأيام الماضية أنطلاق عاصفة ثلجية في بعض الأقطار الأوروبية وعبرت المحيط الأطلسي إلى القارة الأمريكية للدرجة التي نصحت فيها السلطات سكان العاصمة واشنطن بالبقاء في منازلهم يوم السبت. ومثل هذه العاصفة تسهم في نتيجتين تبدوان متناقضتين فيما يتعلق بالسوق النفطية: فمثل هذه العاصفة ستسهم قطعا في زيادة الاستهلاك خاصة من المقطرات ومنتجاتها الوسيطة وزيت التدفئة تحديدا، مما يمكن أن يسهم في تقليص حجم المخزون المرتفع وبصورة قياسية من هذه المنتجات، أي بمعنى آخر تحقيق شيء من الزيادة في الطلب كما هو المعهود في فصل الشتاء. أما الجانب الثاني للصورة فهو أن هذه العاصفة جاءت قبيل أعياد الميلاد، وهذه فترة تسويقية تنتظرها المحال وتخطط لها منذ وقت طويل. لذا فعندما يتطور موسم البرد إلى عواصف ثلجية ترغم المتسوقين على البقاء في بيوتهم، فإن ذلك يعني توجيه ضربة للموسم، ويكتسب تطور مثل هذا بعدا إضافيا كونه يمكن أن يؤدي إلى إضعاف عملية التعافي الاقتصادي التي بدأت ويؤمل أن تنتهي في نهاية الأمر بزيادة الطلب على النفط. وفيما يتعلق بالعامل الجيوستراتيجي فتعبر عنه الخطوة الإيرانية باحتلال بئر في حقل الفكة الذي يقع ضمن منطقة متنازع عليها بين الدولتين. البئر نفسها التي رفع عليها العلم الإيراني بعد احتلالها من قبل مجموعة قليلة العدد من الجنود الإيرانيين، لا تنتج أكثر من 15 ألف برميل يوميا في أفضل الأحوال، لكن تبعات هذه الخطوة التي أسهمت في رفع سعر البرميل عند نهاية الأسبوع الماضي هي التي يمكن أن تؤثر في مسار الأحداث مستقبلا. فكل من العراق وإيران منتجان رئيسيان للنفط وعضوان أساسيان في منظمة الأقطار المصدرة للنفط ''أوبك''، ومع وجود خلفية لصراع طويل بين البلدين توج بحرب استمرت ثمانية أعوام من قبل، فإن المراقبين سينظرون إلى الحادثة على أساس أنها مؤشر على الكيفية التي ستحكم علاقات البلدين مستقبلا وتأثيرات ذلك في السوق، خاصة وكثير من المسؤولين العراقيين في الوقت الحالي من الذين لهم صلات وثيقة بطهران. فإذا تم حسم هذا النزاع لمصالحة إيران، فإنها تكون قد أضافت ورقة إضافية في مواجهة الدول الغربية. كما أن تطور النزاع حول هذه البئر سيفتح ملف العلاقات الإيرانية ـ العراقية بكل تعقيداته، مما يجعل من هذا العامل عنصر تحريك مستمر لأسعار النفط ارتفاعا وانخفاضا في المستقبل القريب على الأقل. وبسبب هذه الحادثة انتهى سعر البرميل من خام ويست تكساس الأمريكي الحلو الأسبوع الماضي مختتما بزيادة 34 سنتا إلى 74.42 دولار للبرميل، ومعلوم أنه خلال الأسابيع الأربعة الماضية تراجع معدل استهلاك الولايات المتحدة إلى 18.77 مليون برميل، أي بتراجع مليون برميل عما كان عليه قبل عام ومليوني برميل مقارنة بما كان عليه قبل عامين. حجم المخزونات الأمريكية من النفط الخام سجل تراجعا بأكثر مما كانت تتوقعه ''وول ستريت''، ولو أن المخزون من البنزين حقق ارتفاعا، بينما تراجع المخزون من المقطرات المطلوبة في فصل الشتاء، ولو أن المخزون يظل أعلى من المعدل الذي كان عليه قبل عام.
إنشرها

أضف تعليق