سن التقاعد بين مطالبات الرفع والتخفيض
نشرت صحيفة ''الاقتصادية ''في عددها رقم 5870 الصادر يوم الجمعة 18/11/1430هـ الموافق 6/11/2009م خبرا عن دراسة دعت الحكومات الخليجية فيها إلى إعادة النظر في أنظمة التقاعد والتأمينات وطالبت الدراسة برفع سن التقاعد الإلزامي ليتماشى والتطور الكبير في دول مجلس التعاون الخليجي في الرعاية الصحية وارتفاع متوسط عمر الفرد .
إلى هنا والدراسة قد تكون مقبولة إلا أن الدراسة ربطت ربطا غير منطقي بين ظاهرة التحويلات المالية الخارجية التي أشارت إلى أنها بلغت 40 مليار دولار عام 2008م وبين تقاعد مواطني هذه الدول وأشارت الدراسة إلى أن هناك جوانب اقتصادية واجتماعية ناجمة عن التقاعد المبكر الذي تنتجه أنظمة التقاعد في هذه الدول من انعدام المردودات المجدية في الإنفاق على التعليم والتأهيل وفقدان خدمات الكفاءات المواطنة وزيادة الأعباء لصناديق التقاعد .
والمبررات المذكورة في الدراسة لا أعتقد أن المتقاعد يفرزها أو كان سببا فيها عدا زيادة الأعباء لصناديق التقاعد وهذه المبررات فيما أرى غير منطقية وذلك لما يلي:
التحويلات المالية ليس شرطا أن تكون بالكامل تحويلات عاملين (اُجراء) فقد يكون جزء كبير منها تحويلات ناتجة عن أنشطة تجارية خاصة في ظل أنظمة الاستثمار المرنة في دول الخليج.
أشارت الدراسة إلى انعدام المردودات المجدية في الإنفاق على التعليم والتأهيل وفقدان خدمات الكفاءات المواطنة بسبب التقاعد المبكر وكأن مواطني دول الخليج كسالى يتقاعدون مبكرا ولا يعملون بينما الواقع أن المتقاعدين في سن مبكرة غالبا ما يتجهون للعمل والعطاء في أنشطة عديدة البلد في حاجة إليها ومشغولة بغير مواطنين (زراعة، تجارة، أعمال مهنية، استشارات...) وهذه الأنشطة تدعم ناتج البلد .
التقاعد المبكر فيه تخفيف من العبء على ميزانية الدولة حيث إن المواطن إذا تقاعد بعد خدمة 20 سنة يكون راتبه يعادل أو يفوق ثلاثة موظفين جامعيين جددا.
المتقاعدون من المواطنين لا يتم شغل وظائفهم بغير مواطنين فالغالب إذا تقاعد مواطن يحل مكانه مواطن آخر والتقاعد هنا يحل مشكلة قائمة وهي عدم توفر فرص عمل للخريجين الشباب فقد نشرت صحيفة ''الاقتصادية'' في عددها رقم 5872 الصادر يوم الأحد 20/11/1430هـ الموافق 8/11/2009م خبرا بعنوان ''الخدمة المدنية ترفع إلى المقام السامي مقترحات لمعالجة الجمود الوظيفي'' وفي ثنايا الخبر تمت الإشارة إلى أن معالي وزير الخدمة المدنية ذكر أنه في عام 1430هـ أعلن عن 2250 وظيفة تعليمية بنين تقدم لها ما يزيد على 11 ألف مواطن، كما أعلن عن 8600 وظيفة نسوية تقدم لها عن طريق الإنترنت ما يزيد على 310 آلاف مواطنة.
يساعد التقاعد في سن مبكرة على المساهمة في الأعمال التطوعية ونشر ثقافة العمل التطوعي بالمجتمع وخدمته.
ويتبين من خلال ما ذكر أن التقاعد في سن مبكرة لا ضرر فيه إلا على جهة واحدة وهي المؤسسة العامة للتقاعد (التأمينات) وأن إيجابياته وفوائده للوطن تفوق سلبياته وينبغي على الجهات المختصة دراسة سن التقاعد من جميع الجوانب والأثر غير المباشر له في ميزانية الدولة وكذلك في توطين الوظائف بالقطاعين العام والخاص وليس فقط من خلال وجهة نظر المؤسسات العامة للتقاعد.
وينبغي الحث على التقاعد المبكر لتتاح الفرصة للخريجين من أبناء البلد بالمساهمة في خدمة وطنهم والعيش بكرامة وليقدم المتقاعدون عطاءهم وخدمتهم للوطن بمجالات أخرى وبالإمكان تعويض المؤسسات العامة للتقاعد إذا كان هناك ضرر عليها بدعمها ماليا من الحكومة خاصة في ظل ارتفاع أسعار البترول.
والله أعلم ،،،
فهد بن إبراهيم الحسين
[email protected]