قذارة في أنبوب الوقود
قذارة في أنبوب الوقود
حين تفحص آليات التحقق وجود انسداد في أنابيب الوقود في السيارة، يتم الدعس بقوة على دواسة البنزين لاكتشاف المشكلة التي ربما لا تظهر حين يكون المحرك مطفئا. وتتساءل آليات النظام المالي فيما إذا كان يمكن تطبيق القاعدة نفسها على الاقتصاد العالمي, وفيما إذا كان نقص الائتمان للشركات مع بدء الطلب بالارتفاع سيخنق انتعاشه. وفي أواخر الصيف، حين كانت اقتصادات أوروبا تتحرك بالكاد، كان يبدو أن المصرفيين في جميع أنحاء أوروبا مستعدين لتخفيف قبضتهم على الإنفاق. وقد أدى مسح شمل مسؤولي القروض في البنوك في دول منطقة اليورو في أواخر أيلول (سبتمبر) إلى أن يستنتج البنك المركزي الأوروبي أنه قد تم الوصول إلى ''نقطة التحول'' وأن البنوك ستبدأ قريبا على الأرجح بتخفيف معايير الائتمان. وفي بريطانيا، أظهر مسح لبنك إنجلترا في الوقت نفسه تقريبا عن زيادة استعداد البنوك لإقراض الشركات (وإن ظلت ممتنعة عن إقراض الأسر). ولكن حتى في هذا الصيف الذي أصبح فيه الائتمان أسهل (قليلا)، يخشى الكثيرون أن تكون هذه المسوحات منحرفة في أحد الجوانب المهمة: أنه تم إجراؤها جميعها في وقت انخفضت فيه الرغبة في القروض بصورة حادة. فعلى سبيل المثال، أظهر مسح البنك المركزي الأوروبي أن عددا أكبر من البنوك قالت إن طلب الشركات على القروض انخفض بدلا من أن يزيد. وفي بريطانيا أيضا، قالت البنوك إن الشركات الكبيرة تبيع السندات أو الأسهم بدلا من زيادة السحب على المكشوف. وفي جميع الحالات، خفضت الشركات الاستثمار للحفاظ على الأموال.
ولا يزال التوازن بين الطلب على الائتمان والمعروض منه غير واضح. وقد تقلص الإقراض للشركات في منطقة اليورو بنسبة 1.2 في المائة على أساس سنوي في تشرين الأول (أكتوبر). وأظهر مسح ألماني أنه في تشرين الثاني (نوفمبر)، زاد مرة أخرى عدد الشركات التي قالت إنها واجهت شروط ائتمان أكثر صرامة، بعد أن انخفض خلال الأشهر الثلاثة الماضية. إلا أن أحد صناديق الحكومة الألمانية الذي يهدف إلى مساعدة الشركات القوية على الاقتراض منخفض الاستهلاك نسبيا حتى الآن. ويقول بنك KFW المملوك للدولة والذي يدير الصندوق إنه تلقى أقل من 4.000 طلب للقروض لما مجموعه 15.6 مليار يورو (23 مليار دولار)، والتي وافق على نصفها (منح قروض بقيمة 4.3 مليار يورو)، معظمها للشركات الصغيرة التي تصنع قطع السيارات أو الآلات الصناعية.
ويخشى أنه حين يزيد الطلب على الائتمان كما ينبغي، سيكون النظام المصرفي مضطربا. وأحد مصادر المشكلات المحتملة هو حين تبلغ الشركات عن نتائجها السنوية وتخضع ميزانياتها للتدقيق من قبل وكالات التصنيف. ويقول رئيس قسم الخدمات المصرفية التجارية في بنك ألماني كبير إنه يتوقع تخفيض الدرجة الائتمانية لعملائه بمتوسط ثلاث درجات بسبب ضعف الربحية وتقلص الإيرادات. ويعتقد مصرفيون ومحللون آخرون أن هذا توقع متشائم جدا، ولكن إذا حدث في ألمانيا وخارجها، ستحتاج حينها بنوك أوروبا إلى جمع مليارات إضافية لرأس المال لدعم دفاتر القروض الحالية. وتشغل محنة الشركات الصغيرة، الأكثر اعتمادا من الشركات الكبيرة على ائتمان البنوك، بال صنّاع السياسة. وقد أظهر مسح مسؤولي القروض في البنك المركزي الأوروبي أن الطلب على ائتمان البنوك ضعف بصورة أكبر في الربع الثالث بين الشركات الكبيرة، التي تستطيع الوصول إلى أسواق رأس المال، عنه بين الشركات الأصغر. ويخشى Adam Posen، وهو عضو في لجنة السياسة النقدية في بنك إنجلترا، أن يتم إجهاض انتعاش بريطانيا لأن البنوك غير قادرة على تمويل النمو للشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم. وقد عينت الحكومة الألمانية هذا الشهر ''وسيطا ائتمانيا'' لمساعدة الشركات الأصغر القوية ولكن التي لا تستطيع الحصول على التمويل. وهناك اختلافات واسعة في مختلف أنحاء أوروبا. ووفقا لاستطلاع غالوب الذي نشر في أيلول (سبتمبر)، تقول الشركات الصغيرة في اليونان وكرواتيا إن الحصول على التمويل هو أكبر مشاكلها. والمخاوف الائتمانية تتصدر قائمة الشركات الصغيرة في فرنسا وهنغاريا وإيطاليا أيضا. ولكن في بلجيكا، حيث تعطي الحكومة الشركات الصغيرة ''اتفاقيات ممولة مسبقا'' يمكنها تقديمها للبنوك للحصول على قروض مضمونة، قالت نسبة أقل من 10 في المائة من الشركات الصغيرة إن الحصول على التمويل يشكل مشكلة بالنسبة لها.
والشركات الصغيرة في ألمانيا هي أيضا في وضع أفضل من العديد من نظرائها الأوروبيين. فقد زاد الإقراض من قبل بنوك التوفير الصغيرة إلى الشركات الصغيرة بمعدل سنوي بلغ نحو 6 في المائة في تموز (يوليو)، وفقا للبنك المركزي الألماني. وحدث أكبر تباطؤ في الإقراض بين البنوك التجارية الكبرى في الدولة والبنوك الإقليمية المملوكة للدولة، التي تئن تحت وطأة الخسائر على الأصول السامة. ويساعد الوضع القوي لبنوك التوفير الصغيرة على تفسير سبب شكوى الشركات الكبيرة أكثر من غيرها من تشديد الائتمان من قبل البنوك.
ولكن حتى في الدول التي تبدو فيها احتمالات حدوث أزمة شاملة بعيدة، يخشى صنّاع السياسة أنه إذا حدثت أزمة بالفعل سيكون من الصعب عكس الاتجاه. ولا يعلق الكثير في هذا المجال آمالا كبيرة على وسطاء الائتمان وقدرتهم على فعل الكثير. وتبدو مخططات ضمان القروض، التي نجحت بصورة جيدة في بريطانيا، واعدة أكثر. إن معالجة بعض نقاط الضعف الأساسية التي كشفتها الأزمة المالية هي المهمة على المدى الطويل. وفي ألمانيا، لطالما كانت جحافل الشركات متوسطة الحجم المملوكة لعائلات ذات رأس مال ضئيل، ويعود ذلك أساسا إلى كون أخذ المزيد من الديون سمح لأصحابها بدفع ضرائب أقل. وفي بريطانيا، يشير Posen إلى حقيقة أن بعض البنوك الكبيرة فقط تهيمن على الإقراض للشركات. وقد تؤثر المشاكل في أحد البنوك على تدفق الائتمان للشركات في مختلف أنحاء الاقتصاد. وهو يرغب في رؤية المزيد من المنافسة. ولا يريد Posen إصلاح بعض الأجزاء بصورة سطحية فقط، بل تغيير المحرك بأكمله