البنوك الإسلامية الرابح الأكبر في عام 2009

البنوك الإسلامية الرابح الأكبر في عام 2009

اكتسب النظام المالي الإسلامي شعبية إضافية في أنحاء العالم خلال عام 2009 بفضل الحصانة النسبية التي تمتع بها أمام تداعيات الأزمة المالية التي ضربت مجتمع الأعمال المصرفية التقليدي خلال الخمسة عشر شهرا الماضية ، وسادت على نطاق واسع وجهة النظر القائلة إن المؤسسات المالية المتوافق نشاطها مع الشريعة الإسلامية قد تخطت أزمة الائتمان العالمية دون أن تتعرض تقريبا للمخاطر مما جعل الصناعة المالية الإسلامية بالنسبة إلى الكثير من المستثمرين غير المسلمين في العالم ملاذا آمنا من المضاربات المفرطة في قطاع الخدمات المصرفية التقليدية.

في هذا الصدد قال موسى شحاته المدير العام للبنك الإسلامي الأردني إن لديهم تقارير تفيد بأن دولا مثل فرنسا وأستراليا واليابان تدرس الآن تقديم الصيرفة الإسلامية في نظمها المالية ، وأضاف أن تلك الدول تبحث إجراء تعديل لقوانينها لدمج النظام المالي الإسلامي وإضافة الصيرفة الإسلامية إلى مناهج الدراسة بجامعاتها ، وأن المستثمرين الذين تعرضوا للأذى من أزمة الائتمان يبدو أنهم قد وجدوا ارتياحا في الأحكام الأكثر صرامة المفروضة على عمليات الإقراض من جانب الشريعة الإسلامية التي تعتبر الفائدة ربا وبالتالي تحظر الهياكل والوسائل المالية التي انهارت سريعا خلال أزمة الرهن العقاري الأمريكية في نهاية عام 2008.

ووفقا لدراسة مجلة "the banker" نشرت في نوفمبر الماضي بالتعاون مع بنك "HSBC" أمانة فقد واصلت البنوك الإسلامية نموها بأكثر من 10% على الرغم من الأزمة العالمية في عام 2009 ، وأظهرت الدراسة التي شملت أكبر 500 مؤسسة مالية إسلامية أن الأصول التي لدى البنوك المتوافق نشاطها تماما مع الشريعة الإسلامية أو الوحدات المصرفية الإسلامية بالبنوك التقليدية ازدادت بنسبة 6ر28% لتصل قيمتها إلى 822 مليار دولار مقابل 639 مليارا في عام 2008 ، وتختلف هذه النتجية بشكل حاد مع دراسة للمجلة صدرت في يوليو وأظهرت أن أكبر ألف بنك تقليدي حقق نموا سنويا للأصول بنسبة بلغت 8ر6% فقط.

وقالت الدراسة إن "الصناعة المالية الإسلامية تواصل بناء سجل أداء قوي إذ بلغ معدل النمو السنوي المجمع 86ر27% للفترة من 2006 إلى 2009 مع توقعات بأن تصل قيمة الأصول إلى 033ر1 تريليون دولار في عام 2010".

ووفقا للدراسة فقد ظلت دول مجلس التعاون الخليجي الست الجزء المسيطر في الصناعة المالية الإسلامية بقيمة بلغت 2ر353 مليار دولار أو ما يوازي 9ر42% إجمالي حجم الصناعة على مستوى العالم ، ولا تزال إيران هي أكبر سوق منفرد للبنوك الإسلامية بأصول تتفق مع الشريعة الإسلامية ، إذ تشكل ما نسبته 6ر35% من حجم الصناعة المصرفية الإسلامية العالمية.

وخارج منطقة الشرق الأوسط تعد ماليزيا بدرجة كبيرة هي اللاعب الأكبر ، إذ تشكل ما نسبته 5ر10% في حجم الصناعة عالميا لكن أسواقا أخرى تنمو بشكل سريع ، ويوجد في بريطانيا حاليا أقل من 5ر2% فقط من حجم الأصول المتوافقة مع الشريعة الإسلامية عالميا.

وقال صلاح الشلهوب أستاذ التمويل الإسلامي بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن في مدينة الظهران بالسعودية إنه فيما يبدو أن قطاعات التمويل الإسلامي تجتذب مقدارا أكبر من الصناديق الاستثمارية على خلفية كونها الأقل تأثرا بالأزمة وذلك كنتيجة للأزمة المالية العالمية ، وأضاف أن الطلب يتزايد أيضا بشكل كبير على الأدوات والسندات الإسلامية المعروفة باسم الصكوك نظرا لنقص السيولة التي يمكن الحصول عليها من البنوك التقليدية.

وعلى أية حال ، يبدو أن صورة الصناعة المصرفية الإسلامية المزدهرة تعرضت للتشويه في نهاية نوفمبر الماضي مع إعلان مجموعة دبي العالمية العملاقة التي تديرها إمارة دبي أنها تطلب من دائني اثنين من كبرى شركاتها العقارية وهما نخيل العالمية وليميتليس العالمية مهلة لسداد ديون بعشرات مليارات الدولارات ، حيث تعمل الشركتان التابعتان للمجموعة وفق الشريعة الإسلامية من خلال إصدار صكوك بمليارات الدولارات ، وتوقع بعض المحللين تعرض النظام المصرفي الإسلامي للخطر كنتيجة لأزمة مديونية دبي العالمية ، لكن هناء هنيتي أستاذة الاقتصاد الإسلامي في جامعة عمان العربية للدراسات العليا تعتقد أن المشكلة لن يكون لها تأثير على الصناعة المالية الإسلامية ، وقالت هنيتي : "لا أحد يقول إن المشكلة بسبب الصكوك التي هي في حقيقة الأمر يمكن أن تؤدي إما إلى تحقيق أرباح أو خسارة وفقا للشريعة الإسلامية".

وأضافت : "أعتقد أنها محنة قصيرة العمر وسيتم بالتأكيد التعامل معها بطريقة مرضية وذلك في ضوء تطمينات مسئولي الإمارات بأن الإمارة ستكون قادرة على تسديد كل ديونها" ، لكن محللين آخرين يقولون إن التركيز على الصناعة المالية الإسلامية قد يتجه من دبي إلى المملكة السعودية وقطر والبحرين خلال عام 2010 انتظارا لتسوية أزمة مديونية دبي العالمية ، ويعزز هذه الرؤية تقرير أصدرته غرفة التجارة السعودية التي توقعت أن تغير الصناديق الاستثمارية اتجاهها من دبي إلى المملكة السعودية ، وقال التقرير أن هناك فرصة حاليا قائمة للمملكة السعودية أن تقود الموجة المرتقبة من الصناعة المالية الإسلامية في الخليج إذ أن المملكة تمتلك كل المقومات لتولي هذه القيادة بما فيها البنية الأساسية والسياسات الضرورية .

الأكثر قراءة