أسواق المال الآيسلندية في حالة جموح واضطراب

أسواق المال الآيسلندية في حالة جموح واضطراب

للمرة الثانية في أقل من أربعة أسابيع تعرضت أسواق العملات والأسهم في آيسلندا للاضطرابات وقد كان تحذير صدر عن "ميريل لينش" هو ما بدأ هذا الاضطراب، حيث طرح بنك الاستثمار الأمريكي تساؤلاً عما إذا كان بوسع البنوك الآيسلندية أن تستمر في تمويل نفسها على ضوء الطلب الخاص المتزايد على القروض وموجة الشراء التي أصابت المؤسسات الآيسلندية في كل من بريطانيا والدنمارك والسويد.
إن هيكل المخاطر للبنوك الآيسلندية يشبه إلى حد بعيد هيكل المخاطر في الأسواق الناشئة. إن آيسلندا التي يبلغ عدد سكانها نحو 300 ألف نسمة هي بلد صغير لكن كثيراً من الرساميل الدولية أخذت تتدفق عليها في السنوات الأخيرة. كما أن قروضاً بالكرونة الآيسلندية قد بيعت في الأشهر الأخيرة في ألمانيا أيضاً. وقد أثر الاضطراب الذي أصاب الكرونة الآيسلندية في عملات بعض البلدان الناشئة الأخرى. أما بنك كاوتنبج (البنك المركزي الآيسلندي) فقد وصف تقرير ميريل لينتش بأنه حافل "بالغطرسة" بينما أشار آخرون إلى أن حصول مؤسسات الإقراض الآيسلندية على قروض دولية سيكون أكثر صعوبة وأعلى تكلفة. أما قيمة الكرونة الآيسلندية وأسعار بعض أهم الأصول في بورصة ريكافيك (عاصمة آيسلندا) فقد انخفضت بنسبة تراوح بين 3 و 5 في المائة لكنها لم تلبث أن نهضت من كبوتها. وقد سبق حدوث مثل هذه الخسائر في شهر شباط (فبراير) الماضي بعد أن عبرت وكالة التصنيف (fitch) عن بعض المخاوف والتحذيرات.
وسبق أن هدد البنك المركزي الآيسلندي، قبل فترة وجيزة، بتخفيض قيمة الكرونة بنسبة 25 في المائة، واتفق يوم الجمعة الماضي مع هيئة الرقابة المالية وثلاث من الوزارات حول الطريقة التي ستتعرف بها في حالة حدوث أزمة مالية أو نقص في السيولة لدى بنك من البنوك. ففي الوقت الذي يعتبر فيه الوضع المالي للدولة وضعاً صلباً، فإن هذا لا ينطبق على الديون الخاصة، حيث بينت دراسة خاصة نشرت يوم الجمعة الماضي أن دين مدرس في المرحلة الثانوية يبلغ في المتوسط ثلاثة أضعاف نصيبه السنوي من إجمالي الناتج المحلي، وهذا يمثل عالمياً أعلى خامس مديونية بعد ثلاثة بلدان إفريقية وبلد واحد من بلدان البحر الكاريبي. وتشير الصحف الآيسلندية في هذا السياق إلى أن "زمن النقود السهلة" في آيسلندا قد ولى، في الوقت الذي أصبح معروفاً أن عجز ميزان المدفوعات لعام 2005 سيكون أكبر مما كان متوقعاً. وعلى الرغم من تحذيراته من أن ارتفاع الأجور والأسعار بنسب كبيرة من شأنه أن يشعل وضع الاقتصاد الكلي للبلاد فإن البنك المركزي الآيسلندي قد صنف البنوك الآيسلندية بأنها "مستقرة" وواضح أن هذا يتنافى مع تقديرات ميريل لينش التي ألمحت إلى اعتماد هذه البنوك اعتماداً كبيراً على التمويل قصير الأجل. وما زال من غير المؤكد ما إذا كانت آيسلندا ستتمكن في النهاية من "الهبوط السلس" عندما تصل حالة الازدهار الاقتصادي الحالي إلى نهايتها. فهذه المرحلة تستند إلى سوق عقارات قوية، وبناء مصهر ثان وربما ثالث للألمنيوم، كما أن بوسع آيسلندا أن تحصل على الكهرباء من الحرارة المنبثقة من الأرض. وفي الوقت نفسه تعد آيسلندا حالياً العدة للتنقيب عن النفط في المياه الواقعة إلى الشمال من هذه الجزيرة الواقعة في المحيط الأطلسي.
أما من الناحية الثانية فإن الاستثمارات الأجنبية التي تقوم بها المؤسسات الآيسلندية لا تزال مستمرة، وكان آخرها الاستحواذ قبل بضعة أيام، على 10 في المائة من أسهم شركة بانج وأولوفسن الدنماركية المتخصصة في إنتاج معدات الموسيقى الإلكترونية. ولكن مما يثير القلق ذلك التقاطع المتزايد في مشاركة البنوك وكبريات المؤسسات الآيسلندية، وهو ما تفتقده ميريل لينش بالقول "كثيراً ما يختلط الأمر في الاستثمارات، حيث تقوم البنوك بدور المساهم والمقرض في الوقت نفسه، وهو تصرف غالباً ما يكون محفوفاً بالمخاطر".

الأكثر قراءة