الاقتصاد السعودي يخسر 4 مليارات ريال سنويا.. 80 % من متاجر الأسواق الشعبية تبيع سلعا مقلدة
تنتظر السوق السعودية دخول العديد من السلع المنتجة من الخارج خاصة من دول جنوبي آسيا بما يشبه الإغراق عقب انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية، والسعودية تكافح لتنقية أسواقها من المنتجات المقلدة التي ترفد إلى أسواقها بشكل كبير عبر عدة منافذ ويعتقد عدد من المستوردين أن البضائع الرخيصة مطلوبة بشدة في الأسواق المحلية لرخص أسعارها.
في المقابل يحذر مسؤولون من مغبة تحول الثقافة الاستهلاكية للمواطن السعودي نحو المواد المقلدة ما يصيبه بجملة أضرار اقتصادية وصحية, وفي هذا الصدد أطلقت لجنة مكافحة الغش التجاري في الغرفة التجارية الصناعية في جدة حملة توعوية تقدر تكاليفها المبدئية بنحو مليون ريال تستهدف توعية المواطنين من مخاطر استخدام المنتجات المغشوشة.
"الاقتصادية" استضافت أحمد لنجاوي رئيس لجنة الغش التجاري في الغرفة التجارية الصناعية في جدة, في الحوار التالي لتوضيح كيفية محاربة الغش التجاري في المواد المستوردة وحماية المستهلك من المشاكل التي يمكن أن تتفاقم بالذهاب في هذا الطريق.. إلى التفاصيل:
هل المستهلك هنا يدرك أهمية المعلومات حول السلعة من حيث الجودة، والفرق بين المقلد والمغشوش وحاجته لها، ومخاطر اقتناء المقلد منها؟
المستهلك هو المسؤول الأول عن حماية المجتمع من السلع المقلدة والمغشوشة ودور باقي الجهات تمكين المستهلك من أداء هذه المهمة، فهو المسؤول عن التأكد من أن السلع التي يشتريها صحيحة وأن المحلات والأماكن التي يشتري منها هذه السلع مضمونة وغير مشبوهة والتأكد من سلامة المعلومات الخاصة السلعة، فمعظم السلع التي يشتريها مرتبطة بسلامته وسلامة عائلته, فإذا أدرك المستهلك هذا الارتباط فبالتأكيد سيكون أكثر حرصا وحزما في عدم التعامل مع السلع المضرة والمقلدة وسيقاطع المحلات التي تبيعها وهذه هي الثقافة الاستهلاكية المطلوبة، وهي بدورها ستجبر الشركات ومحلات البيع على أن تكون أكثر حرصا في توفير السلع والمعلومات الصحيحة.
ما أهداف حملة التوعية التي تطلقها الآن لجنة مكافحة الغش؟
تهدف الفكرة إلى إطلاق حملة توعية متميزة تسهم في إثارة الوازع الاجتماعي والأخلاقي لدى من يتعاملون بالمنتجات المقلدة وتحويلهم من مساهمين في تفشي ظاهرة التقليد إلى محاربين لها، بأسلوب توعية للمستهلك والتاجر لإقناعها بعدم التعامل مع المنتجات المقلدة بأسلوب مميز وبسيط، مخاطبة المتعاملين بالمنتجات المقلدة من مستهلكين وتجار, إثارة الجانب الأخلاقي والاجتماعي لديهم, تحويل المتعاملين بالمنتجات المقلدة إلى محاربين لها, الوصول إلى مليون مواطن. وفي سبيل توصيل الرسالة المرجوة للمواطنين قامت اللجنة في حملتها بتوجيه خمس رسائل مخاطبة تتضمن جهودك لتعليم أطفالك الصدق أصيلة فلا نتعامل ولا نشتري السلع المقلدة, اشمئزازك من الجريمة حقيقي ومع ذلك تدعم الجريمة بشرائك المنتجات المقلدة، قد توفر بضعة ريالات بشرائك قطع غيار مقلدة ولكنك قد تدفع حياتك ثمنا لها، لماذا؟ مكافحة المنتجات المقلدة مسؤولية الجميع، لا تشجع الغشاش بشرائك منتجات مقلدة.
وتأمل اللجنة أن تكون اللجنة الرائدة في مكافحة الغش التجاري على مستوى دول الخليج العربي، وأن تكون الشريك الأول للجهات الحكومية في محاربة الغش التجاري، وأن يصبح بيع المنتجات المقلدة شيئا نادرا في الأسواق السعودية ويرفضها المجتمع، وللقضاء على هذه الظاهرة قامت اللجنة على العمل مع الجهات المعنية في ملاحقة المتعاملين في تعبئة وبيع المنتجات المقلدة للعلامات التجارية، والسعي لتطوير الأنظمة لمواكبة التطور الخطير في أساليب التقليد، تكثيف حملات توعية المواطن والتاجر عبر وسائل الإعلام, وتكثيف الدراسات والإحصائيات الاقتصادية والاجتماعية حول تقليد المنتجات.
كيف ترى آثار الجهود التي تبذلها الجهات المختصة بين الحين والآخر؟
زادت عمليات ضبط شحنات المنتجات المقلدة في منافذ المملكة بصورة ملحوظة خلال العامين الأخيرين, أما بالنسبة لعمليات الضبط التي تقوم بها الشركات ولجنة الغش فالزيادة تصل حتى الضعفين بمتوسط يراوح بين 50 و60 موقعا تقوم بتقليد منتجات الشركات الوطنية سنويا.
وقدرت تكاليف المنتجات المقلدة والمضبوطة خلال مداهمات ضخمة منذ بداية هذا العام من 50 - 70 مليون ريال، لأن منطقة الخليج تعد منطقة مستهلكة للمواد المقلدة عالميا, فالتصنيع في المملكة ليس مرتفعا لكن الاستهلاك والتوزيع من خلال بعض دول الخليج إلى المملكة وأرجع الارتفاع في نسبة عمليات المداهمة والضبط إلى الزيادة في عمليات الغش التجاري والتقليد وانتشارها في السنوات الأخيرة، كما أن 80 في المائة من المنتجات المقلدة في السوق السعودية تستورد من الخارج عبر المنافذ بأسماء تجارية أخرى بتغيير ملصقاتها بعد عبورها المنافذ أو بوضع علامات تجارية على عبوات لمنتجات أخرى, فيما تدخل 30 في المائة من المنتجات المقلدة إلى المملكة عبر منافذها في شكل التقليد النهائي, ويعاد تصنيع 20 في المائة من المنتجات المقلدة بالتجميع المحلي.
وتظهر دراسة أن 80 في المائة من المحلات في الأسواق الشعبية تقوم ببيع منتجات مقلدة, ويقبل عليها عدد كبير من المستهلكين, وعمليات البيع الكبيرة مؤشر على خطورة هذا الأمر، خاصة مع عدم قدرة الكثيرين على تمييز تلك المنتجات المقلدة بسبب إتقان تقليدها, بينما تبتعد المحلات المتوسطة والكبيرة وبعض المحال الصغيرة كالصيدليات والمحال التجارية المعروفة التي تلتزم ببيع المنتجات الأصلية عن المقلدة للمحافظة على سمعتها من عمليات الغش التجاري.
وقد ثبت خلال السنوات الماضية من تجارب لجنة الغش التجاري أن تشديد العقوبات وتطبيقها وزيادة المداهمات بتأمين فريق لجمع المعلومات ضرورة ملحة لمكافحة التقليد والغش. فالوزارة ما زالت تشكو من انخفاض عدد مفتشيها الذين لديهم صلاحية المراقبة حيث إن لكل 50 ألف محل مفتشا واحدا مقارنة بسوق المملكة الكبيرة ما يقلل من النتائج السريعة لعمليات الدهم, كما أن نظام الغش التجاري الحالي قديم وغير واضح وبحاجة ماسة لتجديده لأن معايير الغش العالمية تغيرت, وكذلك الإجراءات التي تعوق تطبيق العقوبات تحتاج للتعديل.
هل تعتقد أن زيادة الإنفاق الاستهلاكي مقابل تدني الادخار ساعدت على عملية انتشار الغش والتقليد في الأسواق؟
انتشار السلع المقلدة ليس بالضرورة مرتبط بتدني الدخل بل ربما يكون العكس فأسواق المملكة ودول الخليج مستهدفة من جهات إنتاج المقلد نظرا للقوة الشرائية لدى المستهلك ولكن تساهل المستهلك في التعامل مع السلع المقلدة والمحلات التي تبيعها واستغلال ضعاف النفوس لهذا التسهيل من أهم عوامل انتشار هذه السلع المقلدة.
هل ترى أن الإعلان عبر مختلف أنواع وسائل الإعلام يؤثر في المنتج بحيث تنتشرعصابات التقليد؟
المنتجات الناجحة ولها سمعة قوية لدى المستهلك هي التي تتعرض للتقليد ومن المعروف أن نجاح هذه المنتجات أتى بعد سنين طويلة من الأبحاث والتطوير المستمر وجهود كبيرة لتعريف المستهلك بمزايا هذا المنتج وفجأة يأتي الغشاش ويستغل كل هذا الجهد والاستثمار ليسرق اسم وشكل هذه المنتجات مستغلا ثقة المستهلك في المنتج. وهذه العصابات لا تهمها سلامة أو رضا المستهلك ولكن كل همها استغلال المجتمعات التي يسمح ويتساهل فيها المستهلك في التعامل مع التقليد.
في وجهة نظرك ما العوامل المساعدة على انتشار ظاهرة الغش؟
العامل الأساسي لانتشار ظاهرة الغش عامة والتقليد خاصة هو تساهل المجتمع مع هذه الظواهر وهذا التساهل يظهر على الشكل التالي: أولا, أن يكون هناك محلات وتجار معروفون ببيع المقلد والمغشوش ومع ذلك يتعامل معهم المستهلك وتتركهم الجهات الرقابية بدون عقوبات أو بعقوبات ضعيفة. ثانيا, أن يواجه صاحب الحق أو ضحية الغش عناء كبيرا للحصول على حقوقه وأن يعامل كأنه هو المتهم. فكل طرف في المجتمع له دور للتصدي للغش وإن لم يقم به بأكمل وجه أو لم تتعاون هذه الأطراف بشكل إيجابي فالمستفيد هو الغشاش.
لماذا تنتشر ظاهرة بيع السلع منتهية الصلاحية؟
منافذ البيع للمستهلك هي المسؤول الأول عن التأكد من صلاحية المنتجات التي تبيعها وتأتي بعد ذلك مسؤولية المستهلك عند شراء المنتج بالتأكد من أن ما يشتريه غير منته. وقد قامت الجهات التشريعية بوضع معايير واضحة بالنسبة لفترات صلاحية المنتجات، خاصة المنتجات التي تمس سلامة المستهلك والشركات الصانعة تلتزم بهذه الأنظمة فيبقى دور منافذ البيع أن تقوم بدورها كاملا سواء من حيث تاريخ الصلاحية أو نظافة المحل.
هل زيادة انتشار الأسواق ومنافذ التسويق والبيع غير المباشر ساعدت على انتشار بيع السلع المقلدة والمغشوشة؟
هناك دول لديها أضعاف ما لدينا من أسواق ومنافذ بيع ولكن حجم التقليد فيها أقل لأن العقوبات أقوى والأهم من ذلك أن المستهلك يقوم بدور فعال في التصدي للغش والتقليد عن طريق التأكد من صحة المعلومات وعدم التعامل مع المحلات المشبوهة والتبليغ عنها وتعامل الجهات الرقابية بشدة وحزم مع المخالفين.
تنتشر بين الحين والآخر عبر وسائل الإعلام أخبار ضبطيات السلع المقلدة, هل تعتقد أنها أسهمت في الحد من هذه القضية؟
بالطبع كان لها دور في إظهار حجم المشكلة والجهود القائمة لمكافحتها ولكن التأثير ناقص وقد يصبح عكسيا لأننا لا نقرا أو نسمع عن العقوبات ومصير هؤلاء الغشاشين والسلع التي تم ضبطها وهذا ما نحتاج له ليكون الدور الإعلامي فعالا في هذا الموضوع
كيف ترى حجم الأحكام في المخالفات التي يتم ضبطها من قبل أعضاء هيئات ضبط الغش التجاري؟
لقد أجمعت أغلبية الأطراف سواء الحكومية أو الخاصة أن العقوبات ضعيفة لأنها لا تتوافق في أغلب الأحيان مع كميات المنتجات المقلدة التي يتم ضبطها أو حتى نوعها مثل المنتجات المقلدة التي قد تؤدي إلى أمراض أو موت مثل الأدوية والكريمات أو حتى قطع غيار السيارات كالفرامل والكفرات. وقد طالبت لجنة التوعية لمكافحة الغش التجاري في غرفة جدة كثيرا بتشديد العقوبات على المتعاملين بالمنتجات المقلدة وكان الجواب أن الشركات صاحب العلامات التجارية باستطاعتها مقاضاة المقلدين والحصول على تعويض كبير من خلال نظام حماية العلامات التجارية. وهذا الموقف يتجاهل واقعا خطيرا وهو أن مشكلة المنتجات المقلدة أصبحت أكبر وأخطر أنواع الغش التجاري، والمتضرر الأول هو المستهلك وليس الشركات, ولأن الجهات الحكومية تهمها حماية المستهلك فلا بد أن تنظر إلى هذه المسألة بواقعية للحد من تفاقم مشكلة التقليد بشكل أكبر.
وزارة التجارة والصناعة طورت وجهزت مختبرات الجودة النوعية في الأجهزة والكفاءات السعودية لكشف الغش في السلع المصدرة للمملكة قبل دخولها للأسواق هل تعتقد أنها حدت من عمليات الغش والتقليد؟
هناك خطوات عديدة ومهمة قامت بها الأجهزة الحكومية للحد من تدفق المنتجات المقلدة من الخارج منها تطوير مختبرات الجودة النوعية والجهود الكبيرة التي تقوم بها مصلحة الجمارك ولكن مع ذلك هناك تزايد في المنتجات المقلدة والسبب أن المقلدين يطورون أساليبهم بشكل سريع مما يجعل التعرف على المنتجات المقلدة أصعب وتهريبها أسهل وهذا يتطلب تطورا أسرع من جانب الجهات الرقابية من حيث الإمكانات والكوادر والأنظمة والحل أن تكون الجهات المسؤولة سواء وزارة التجارة والصناعة والجمارك أو الأجهزة القضائية أسرع في خطواتها لتكون أمام المقلدين وقد أبدى القطاع الخاص متمثلا في الغرف التجارية استعداده للتعاون والإسهام في هذا التطور اللازم.
ما أكثر المناطق التي يكثر فيها تقليد العلامات التجارية؟
أكثر المناطق تعرضا لبيع المنتجات المقلدة هي الأسواق الشعبية والمحلات والبقالات الصغيرة في أحياء المدن الرئيسية والمدن الصغيرة. وكما ذكرت هناك أسواق معروفة ومتخصصة في بيع التقليد تعمل ليل نهار ولا بد من وضع حد لمثل هذه الأسواق.
ما أبرز العقبات التي تواجه تطوير لجنة توعية الغش التجاري؟
تعد لجنة التوعية لمكافحة الغش التجاري في غرفة جدة من أنشط اللجان المتخصصة في مكافحة الغش التجاري في منطقة الخليج العربي وإنجازاتها ظاهرة سواء في بناء جسور التعاون مع الجهات الحكومية المعنية أو في إطلاق الندوات الوطنية لمناقشة مشكلة الغش التجاري والحلول المطلوبة وتوعية المستهلك والحملة التي أطلقناها أخيرا هي خير دليل على تنوع وتميز برامجنا. ما تحتاجه اللجنة لتطوير وتفعيل جهودها هو انضمام الشركات الأخرى المتضررة من التقليد من جميع القطاعات لكي نقوي موقفنا ونوحد جهودنا. والأمر الثاني أن يكون هناك شفافية أكثر في التعاون بيننا وبين الجهات الرسمية, وقد اقترحنا أن يكون دور هذه اللجان واضحا في أنظمة مكافحة الغش التجاري حتى تستثمر ويستفاد منها بشكل أكثر فعالية.
ما مدى صحة القول إن موظفي الجمارك غير مدركين أهمية العلامات التجارية؟
موظفو الجمارك هم خط الدفاع الأول من السلع المقلدة والضارة التي قد تدخل البلد، وهم يقومون بمجهود كبير يستحقون عليه الثناء والتقدير. وقد قامت لجنة التوعية لمكافحة الغش التجاري بزيارات عديدة لمنافذ المملكة وعقد لقاءات مع المسؤولين فيها وفي كل مرة نجد التعاون والتفهم لمشكلة المنتجات المقلدة وكان لهم دور كبير في مواجهة المنتجات المقلدة في المرحلة الماضية, والمطلوب هو المزيد لأن تصدير المنتجات المقلدة إلى أسواق المملكة سيزيد والشركات الوطنية على أتم الاستعداد للإسهام في برامج تدريب متجددة لمفتشي الجمارك لأن المقلدين, كما ذكرت, يطورون أساليب التقليد والتهريب.
كم تبلغ خسائر الشركات المتضررة من جراء تسلل بعض السلع المقلدة إلى الأسواق السعودية؟
أكثر من أربعة مليارات ريال سنويا, وتشير الإحصائيات إلى أن 80 في المائة من المتاجر في بعض الأسواق الشعبية تبيع سلعا مقلدة، وأن 20 في المائة من المستهلكين لديهم منتجات مقلدة في بيوتهم.