"الاقتصادية" من الرياض

"الاقتصادية" من الرياض

تحفر كبريات شركات النفط العالمية هذه الأيام الحفر بشكل أعمق عما سبق في خطوة ترجو من ورائها العثور على حقول جديدة للبترول والغاز، خصوصا أن هذه الفترة تتزامن مع ازدياد حدة الطلب على الطاقة واستمرار دول مثل السعودية وروسيا في وضع قيود تحد فيها من اقتراب الشركات الأجنبية إلى نفطها. وتعد هذه الأخبار سيئة في نظر المساهمين في هذه الشركات.
وقد تكون هذه الآبار الجاري حفرها مجرد درس قاس عمّا قد يحدث عندما ينتهي بك المطاف للحفر بشكل أعمق من ارتفاع جبل إفرست، وترغب شركات النفط، مثل بي بي البريطانية ورويال دتش وشل، في تعويض الملايين من براميل النفط التي تضخها بشكل يومي.
وستكون أدنى درجة إخفاق كافية بأن تجعل شركات النفط تحت فوهة الخطر من انحدار احتياطاتها النفطية فضلا عن حجم الإنتاج التي ستنعكس على إيراداتها.
وتنفق "إكسون موبيل" و"تشيفرون" في الوقت الحالي نحو 250 مليون دولار للبحث عن الغاز الطبيعي تحت عمق قياسي يصل إلى ستة أميال تحت خليج المكسيك مع وصول درجات الحرارة في هذه الأعماق إلى 600 درجة فهرنهايت، ومختبرة بذلك حدود مثاقب الحفر.
وطلبت "تشيفرون" الأسبوع الماضي من شركة ترانسوسيان أن تشيد لها منصة حفر قادرة على ثقب تجويف داخلي يصل طوله إلى سبعة أميال ونصف في صفقة بلغت 1.7 مليار دولار.
ويقول جين بيساسال عالم الجيولوجيا السابق في "إكسون موبيل" الذي يعمل حاليا في بنك ميركانتيل بانك شيرزت، "إننا نستمر في قلقنا سنة بعد سنة من مسألة نمو حجم الإنتاج". ويملك البنك ما قيمته 5.1 مليون دولار من أسهم "إكسون موبيل:، إضافة إلى 870 ألف سهم من "تشيفرون".
ولقد أصبحت أسهم شركات الطاقة منخفضة نوعا ما مقارنة بأرباحها الهائلة التي تعكس بدورها حجم القلق الذي يساور مساهميها من إمكانية حدوث انتكاسة منتظرة لها. مع العلم أن أسهم "إكسون موبيل" قد انخفضت بنسبة 1.4 في المائة من بداية هذه السنة.
يذكر أن إجمالي الدخل الصافي لأضخم ثلاث شركات نفطية، إكسون موبيل وبي بي، وشل، وصل السنة الماضية إلى نحو 84 مليار دولار. وهذا المبلغ كفيل بأن يعادل 13 دولارا لكل شخص في العالم.
وفشلت في السنة الماضية خمسة شركات نفطية مدرجة في البورصة، "شيل" و"بي بي" و"توتال" الفرنسية، من إيجاد ما يكفي من النفط والغاز لتعويض ما سبق أن أنتجته في تلك الفترة. وحدهما "إكسون" و"تشيفرون" اللتان نجحتا في تعويض إثر من 100 في المائة من حجم ما تم ضخه.
ويقول ستوارت مكجيل نائب رئيس شركة إكسون موبيل "يكتنف السؤال الأخطر الذي يبحث عن إجابة له فيما سنجده بعد أن نحفر" وأضاف "نعتقد أن الأمر يستحق المخاطرة". وأرغمت الأمور السياسية وطبقات الأرض شركات النفط عن خروجها عن مسارها الاعتيادي الذي تصادف مع انحدار حجم الآبار الجديدة المكتشفة عالميا في العقد الأخير.
ووفقا لمحللي بنك دوتشيه فإنه سيصل المعدل المتوسط لأضخم سبعة حقول نفطية تابعة للشركات المدرجة في الأسواق المالية والمجدول لها أن تشرع في عملياتها الإنتاجية هذه السنة أن تصل إلى 728 مليون برميل. ومن المنتظر أن ينخفض هذا الرقم إلى النصف في السنة المقبلة. وتحتفظ بلدان مثل روسيا والسعودية بأفضل حقولها لشركاتها النفطية المحلية. بينما تستحوذ الشركات الهندية والصينية وبكل جسارة على حقول النفط الأجنبية التي كانت في الماضي في حوزة "إكسون موبيل" و"بي بي" ونظرائها.
ومن المنتظر أن يصل عمق حقل إكسون المعروف باسم "بلاك بيرد" إلى 32 ألف قدم (9754) مترا، في أيار (مايو) المقبل بتكلفة تصل إلى 110 ملايين دولار. وهذا العمق السحيق كفيل بأن يحطم الرقم القياسي للعمق السابق المسجل باسم حقل أوكلاهما الشهير والمعروف باسم "بيرثا روجيرز" الذي وصل عمقه إلى 31.441 قدما واستمرت فترة الحفر سنتين في عام 1974.
ويقول عالم الجيولوجيا في شركة أباتشي كورب "هذه الآبار كبيرة جدا ذات تكلفة غير طبيعية وهي مدهشة بكل معنى الكلمة" وأضاف "فإذا نظرنا إلى هذه الحفر من الحيز والهيكلة الطبيعية الفيزيائية نرى علامات الذهول حول كيفية محافظة هذه الحفر على تماسكها وصمودها وعدم انهيارها. وهذا للتنقيب خصوصا أنها تشتهر بأنها عالية المخاطرة، فشركة إكسون على سبيل المثال أخذت على عاتقها مخاطرة كبرى باتجاهها نحو الحقول طويلة الأمد التي تصل لذروتها من حيث الإنتاج إلى فترة طويلة. فلقد تركزت أولى محاولات عملاق الصناعة النفطية الأمريكية في الساحل الغربي لإفريقيا منتصف التسعينيات والتي باءت بالفشل، إلا أن هذه القارة أصبحت في السنة الماضية أضخم مصدر للنفط الخام لـ"إكسون".
ويعلق مكجيل على ذلك بقوله "قد يتناسى الناس أن أول بئرين حفرناهما في أنجولا كانتا جافتين" وأضاف "إن إكسون ماضية في جهودها نحو البحث عن الغاز وتحت أعماق تصل إلى أكثر من 30 ألف قدم حتى لو تبين في نهاية المطاف أن حقل (بلاك بيرد) مجرد حفرة جافة".

الأكثر قراءة