مساحات كاريكاتيرية .. للتقبيل

مساحات كاريكاتيرية .. للتقبيل

مساحات كاريكاتيرية .. للتقبيل

مع ارتباط العمل الكاريكاتيري الساخر بالصحافة تحققت الطفرة لهذا الفن وأصبح جزءا لا يتجزأ من أي مطبوعة محلية أو خارجية, كما أصبحت الصحف التي تمكنت من الحصول على رسامها الجيد مطلوبة لدى شرائح كبيرة من القراء بل وتحققت مقولة أن الصحيفة تقرأ من صفحتها الأخيرة, ومع تنامي هذا الفن داخل مجتمعنا المحلي وما يحظى به من اهتمام ومتابعة قررنا تسليط الضوء على بعض الجوانب التي تلامس علاقة رسام الكاريكاتير بصحيفته وعن الدور الذي توليه تلك الصحيفة للكاريكاتير والعناية بالمواهب الصاعدة والأمنيات التي يرجو رسامي الكاريكاتير دعمها من قبل صحيفتهم والجهات المعنية بهذا الفن.
فنان الكاريكاتير العائد حديثا في صحيفة "الوطن" علي الغامدي يقول من الممكن أن ينجح الكاريكاتير خارج النطاق الصحافي في حالة واحدة فقط, إذا كانت هنالك نقابة للرسامين السعوديين أو يتم التواصل بينهم بعيدا عن النقابات والمسميات الرنانة .. فقد اجتمع رسامو الكاريكاتير في مصر في جو شعبي وببساطة كان اجتماعهم في (شقة متواضعة) تبرع بها الرسام مصطفى حسين لتكون موقعا لنقابة رسامي مصر .. أيضا اجتمعوا في مجلة "كاريكاتير" المصرية التي كان يرأس تحريرها مصطفى حسين وتوقفت لأنه لا يوجد معلنون لكي تستمر المجلة في الصدور, وفي بلد مثل بلدنا ذي تخمة إعلانية أتوقع أن مجرد اجتماع عدة رسامين ولا أقول الجميع ..في هذه الحالة أتوقع أن صدور مثل هذه المجلة وبشكل شهري سيكون لها متابعون لأن فن الكاريكاتير لدينا في السنوات الأخيرة أصبح له قراؤه ومحبوه.
وأضاف: حرية التعبير مكفولة بمعايير .. إذا تجاوزتها أصبحت حرية مذمومة مثلما حدث في الدنمارك عندما سمحوا لرساميهم بانتقاد الرسول, صلى الله عليه وسلم, تحت غطاء حرية التعبير .. وهو أمر مرفوض .. لذا فالرقابة تعتبر مهمة, ومن جانب آخر تعتبر قاتلة, فعندما عملت في صحيفة "عكاظ" كانت الرقابة قاتلة إلى حد كبير لأنهم لا يريدون كاريكاتيرا يكون فيه تكسير عظام وهو عكس ما يحصل معي في جريدة "الوطن", عموما فالمسألة تعود أولا وأخيرا لعقلية وتفكير مسؤول التحرير في الصحيفة. أما بخصوص قلة ظهور مواهب جديدة في فن الكاريكاتير أعتقد أنه بسبب اختفاء الزوايا المعنية بإظهار رسوماتهم في صحفنا .. فزوايا القراء التي كنا نشاهدها إلى فترة قريبة اختفت على الرغم من وجود مواهب جيدة, فمثلا أنا يردني على ايميلي العديد من الأعمال الموهوبة ومن عدة مناطق في السعودية, ولكن المشكلة تكمن في أنني لا أستطيع أن أنشر لهم كاريكاتيرا واحدا في صحيفة "الوطن" لأنه لا توجد زاوية كاريكاتير خاصة بالموهوبين.
وحول سؤالنا للفنان الغامدي عن رسام الكاريكاتير, هل هو كاتب صحافي أم محرر ميداني؟ يجيب: هو كاتب صحافي ومحرر ميداني وسواق ليموزين ووزير ومعلمة في منطقة نائية ..هو ممثل يتقمص كل الشخصيات ويضع نفسه في جميع الأدوار هو دائما ما يكون واقفا على رؤوس أصابع قدميه ينتظر فكرة حدثية ليختطفها ويحولها إلى عمل كاريكاتوري طازج. ولكن البعض من الرسامين وبكل أسف اكتفى بأن يضع في لوحته شخصيتين كاريكاتيريتين جالستين أو واقفتين تتحدثان بحوار لفظي مثل تلك الحوارات التي تدور في المقاهي والكوفي شوبات, وهذا ليس الوجه الحقيقي للكاريكاتير, الكاريكاتير عمق في الطرح وفكرة حدثية تكون قريبة من هموم الناس ومتطلباتهم اليومية .. فالرسام الحقيقي هو مَن يحول الكاريكاتير من خطوط وألوان إلى رغيف خبز ساخن يشبع قارءه نفسيا ولو لبضع ثوان.
وحول هذا الجانب يرى رسام الكاريكاتير في صحيفة "المدينة" سلطان السبيعي أن غالبية صحفنا المحلية تقدر فن الكاريكاتير وتؤمن بأهميته في جذب القارئ ومعالجة القضايا لذا فهي تمنحه مساحات جيدة من صفحاتها ليظهر بشكل بارز, وحول إمكانية نجاح الكاريكاتير خارج نطاق الصحيفة, يضيف السبيعي أن هذا الفن أثبت نجاحه في الإعلان وفي التوجيه والإرشاد بمجالات التعليم لكن نجاحه هنا في تحقيق الهدف, أما كنجاح للفنان نفسه في الانتشار أعتقد أنه لاغنى له عن الصحافة أبدا, ويفترض على كل جريدة ممثلة في رئاستها ألا تلزم الفنان بسياستها وتوجهها ولو بطريقة غير مباشرة من حيث إن ما يوافق هواها وتوجهها من أعمال تجاز وتنشر, أما ما يخالف ذلك فتجد له من المسببات والأعذار ما يمنع نشره, وهذه مشكلتنا صراحة فالفنان لو ترك على حريته وممثلاً لرأيه بعيداً عن رأي المطبوعة لكان الكاريكاتير أقوى وأصدق, كما أضاف أن سياسة الجرائد والمطبوعات هي أن تحتوي رسام كاريكاتير له اسمه وتاريخه لتكسب قراءه ومتابعيه وهذا ما أضر بالمواهب الشابة من كلا الجنسين التي هي بحاجة إلى كثير من الوقت لتنضج فنيا, ومثله لتثبت وجودها وتصنع لها قارئا, وهو ما لا تستحسنه المطبوعة التي تبحث عن رسام كاريكاتير معلب وجاهز. وبخصوص ضعف الحضور الدولي لرسامي الكاريكاتير السعوديين يقول: السبب في ذلك هو عدم وجود اتحاد أو نقابة تنسق مع الفنانين, ومثل هذه المعارض عندما تقام في دولة معينة يتم مخاطبة الفنانين بصفات فردية وهناك من قد يستعصي إيجاده وبالتالي يكون مغيبا.. أضف إلى ذلك عدم وجود دعم للفنانين وخصوصاً أنهم يمثلون بلدانهم, وفنان الكاريكاتير مهما كان مقتدرا مادياً فلن يستطيع أن يغطي تكاليف هكذا مشاركات من تذاكر وسكن وتنقل وخلافه.
أما رسام الكاريكاتير في صحيفة "عكاظ" حسين باسويد فيرى أن الرسم الكاريكاتيري الساخر مقبول ومطلوب لدى كافة شرائح المجتمع لذلك فهو سينجح في إيصال رسالته سواء في الإنترنت أو التلفزيون وفي أي مكان حتى على الحائط, ولكن النجاح المادي الشخصي للرسام لن يتسنى له إلا من خلال الصحف والمطبوعات, كما يضيف: أن الكاريكاتير السعودي يغلب عليه الطابع المحلي دون المواضيع الدولية لأن القراء يهتمون بالرسم المتضمن على قضاياهم الاجتماعية الخاصة والتي تنقل مشاكلهم إلى الجهات المسؤولة طمعا في إيجاد الحلول لها وهي سمة غالبة على كافة شرائح القراء حول العالم.
وعن ندرة المواهب يعتقد الفنان باسويد أن السبب في ذلك يعود إلى سياسة الصحف المحلية التي لا تكلف نفسها عناء تبني المواهب الصاعدة وإتاحة الفرصة لهم للظهور بل وتتعدى ذلك أحيانا إلى مضايقة رسامها الكاريكاتيري الخاص بها من حيث تضييق المساحة الممنوحة له أو بفرض شكل معين من الأفكار عليه, وأخيرا يقول: رسام الكاريكاتير هو من ينقل معاناة الناس ولا يجد من ينقل معاناته.

الأكثر قراءة