من المتصل؟

من المتصل؟

من المتصل؟

خلال مقابلة مع أحد الوزراء الأتراك أخيرا، طلب من كاتبة هذا المقال نزع بطارية هاتفها المحمول. وشرح الوزير بالقول: ''إذا لم تفعلي ذلك سيتم التنصت على حديثنا''. ولعل خوفه مفهموم؛ فخلال الأسبوع الماضي، شعرت النخبة في تركيا بالصدمة من قصص التنصت على هواتف السياسيين والقضاة والصحافيين. واشتكى حتى رئيس الوزراء، رجب طيب أردوغان، من أنهم ''تنصتوا علي لمدة ست سنوات''.
ولا تزال معظم جوانب هذه القصة غامضة. فمن غير الواضح مثلا من الذي كان يتنصت على أردوغان. وفي الواقع، تنطوي الفضيحة على مزاعم بأن وزارة العدل، بقيادة حزب العدالة والتنمية الذي يرأسه أردوغان، تراقب أعضاء من النخبة الذين يشتبه في تورطهم مع مدبري الانقلاب في قضية Ergenekon، كما تسمى. وقد بدأت الضجة حين اكتشفت المدعي العام في إسطنبول، Aykut Cengiz Engin، أنه يتم تسجيل مكالماته الهاتفية. وكان يتم التنصت أيضا على نحو 55 قاضيا ومدعيا عاما آخرين بموجب أوامر من وزارة العدل. ويقول Deniz Baykal، زعيم حزب المعارضة العلماني الرئيسي، حزب الشعب الجمهوري: ''هذا أسوأ من ووترغيت''.
ويقول وزير العدل، Sadullah Ergin، إن المراقبة كانت قانونية وإنه ربما كان على حق. ولكن كما يقول Husnu Ondul، الناشط في مجال حقوق الإنسان، ''القوانين هي الخاطئة وقد تم إقرار معظمها من قبل حزب العدالة والتنمية.'' وبموجب هذه الصلاحيات القانونية الواسعة، كما يقول، ''من الممكن أن يتم التنصت على أي شخص بشكل منفصل ومتزامن من قبل الشرطة وأجهزة الاستخبارات الوطنية والدرك''.
وانتهز المدعي العام في تركيا، Abdurrahman Yalcinkaya، الذي قاد العام الماضي دعوى قضائية لحظر حزب العدالة والتنمية، هذه القضية ليهدد بفتح تحقيق لمعرفة ما إذا كانت عمليات التنصت هذه تنتهك الدستور. وإذا كانت كذلك، قد يزوده هذا بذريعة أخرى لمحاولة إغلاق حزب العدالة والتنمية.
ولا يتعلق هذا الخلاف بالعدالة، بل إنه مجرد تطور آخر في صراع القوى الطويل بين أردوغان وحزبه الإسلامي المعتدل، وبين الحرس القديم بقيادة الجنرالات الذي فقد كثيرا من مكانته. وقد تضررت مكانة الجيش بسبب العدد الكبير من الوثائق التي تم تسريبها والتي تتضمن خططا مفصلة لإثارة الفوضى وإسقاط الحكومة. ويرد حزب العدالة والتنمية بدوره بقوانين جديدة لتقليص صلاحيات الجيش. وقد تكون عمليات التنصت السرية مجرد سلاح آخر في هذه المعركة السياسية

الأكثر قراءة