دعوة للاندماج.. هل السوق بحاجة إلى مزيد من شركات التأمين؟
انقسم عدد من المهتمين بقطاع التأمين بين مؤيد ومعارض لفكرة الاندماج بين شركات التأمين التي أصبح عددا يتجاوز الـ 30 شركة تأمين تم الترخيص لها في مدة لم تتجاوز الثلاث سنوات، وفي بيئة عمل ناشئة ومجالات تقليدية لا تكاد تتجاوز التأمين على المركبات والتأمين الصحي.
وفيما يرى البعض أن الاندماج أصبح خيارا استراتيجيا وضروريا لشركات التأمين في المملكة، بهدف خلق كيانات تأمينية عملاقة قادرة على تنويع خدماتها التأمينية وطرح منتجات تأمينية جديدة بأسعار معقولة للمستهلك وفي مختلف المجالات، يرد الطرف الآخر بأن كبر حجم سوق التأمين السعودية يبرر الحاجة إلى هذا العدد الحالي من شركات التأمين.
هذا وينتظر أن يستقبل قطاع التأمين في السعودية خلال الفترة القليلة المقبلة دخول ثلاث شركات تأمين جديدة، كانت قد طرحت أسهمها للاكتتاب العام في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، ليرتفع بذلك عدد شركات التأمين التي تمارس نشاطها رسميا ومدرجة في سوق المال السعودية إلى 28 شركة.
ودعا الدكتورفهد حمود العنزي عضو مجلس الشورى والخبير في قضايا التأمين، شركات التأمين للدخول في مفاوضات اندماج فيما بينها، مقترحا على مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) أن تتبنى هذه الفكرة من خلال وضع برنامج اندماج تشجيعي لشركات التأمين.
وقال الدكتور العنزي إن المتابع لسوق التأمين السعودية يلحظ أن هناك تفاوتاً كبيراً بين شركات التأمين سواء من حيث الحجم أو الأداء أو الخبرة أو الإمكانيات البشرية أو المادية أو الإدارية. كما أن سوق التأمين السعودية تعد سوقاً ناشئة وهي بحاجة إلى من يرسم خريطتها بكل عناية فهي سوق يحتاج من يتعامل معها إلى أن يعرف مكوناتها وعناصرها والعوامل التي تؤثر فيها وتلك التي تنهض بها، كما أنها سوق بحاجة إلى من يشخصها تشخيصاً سليماً وتحتاج إلى من يضع لها الخطوة تلو الخطوة لتسير في الطريق الصحيح ولتصبح فيما بعد صناعة نعتز بها وبمكوناتها.
وأرجع العنزي دوافع دعوته لهذا الاندماج إلى عدة أسباب، قسمها إلى فئتين: وهي إما أسباب دافعة للاندماج أو أسباب محفزة أو مشجعة له، فبالنسبة للأسباب التي تدفع شركات التأمين دفعا نحو خيار الاندماج فيقف على رأسها العدد الكبير لشركات التأمين المرخصة في السوق أو تلك التي في طور الترخيص والذي يقارب لحد الآن ثلاثين شركة تأمين وهذا أدى إلى خلق منافسة غير متكافئة بين تلك الشركات. هذا إذا عرفنا أن هناك شركات قليلة تستحوذ على كعكة التأمين في المملكة وفي مجالات تقليدية معينة وأهمها مجالي التأمين على المركبات والتأمين الصحي.
وأضاف قائلا: «إنه لا توجد رؤية واضحة لشركات التأمين الوليدة في السوق أو أن لديها خططا طموحة أو حتى قدرة فنية لتقديم منتجات تأمينية جديدة وتنفرد بها، بحيث أصبح وضع بعض هذه الشركات يستوجب التدخل لإنقاذها من الانهيار والخروج من السوق».
وعودا للأسباب الدافعة للاندماج أيضا تابع العنزي حديثه: «إن سوق التأمين السعودية ما زالت سوقاً غير مهيأة من حيث الإمكانات البشرية والفنية والتنظيمية والوعي العام وأقصد بالمسائل التنظيمية تحديداً عدم وجود أنظمة تأمين إلزامية أو تحفيزية تخلق مجالات عمل لشركات التأمين مثل التأمين ضد المسؤوليات على اختلافها والتأمين الهندسي وما إلى ذلك، لذا فإن الاندماج يجب أن يكون لمعالجة النقص في الإمكانات البشرية والفنية اللازمة لعمل شركات التأمين».
أما فيما يخص الأسباب المحفزة لاندماج شركات التأمين فأهمها هو أن الاندماج سيؤدي إلى خلق كيانات تأمينية عملاقة قادرة على تنويع خدماتها التأمينية وطرح منتجات تأمينية جديدة بأسعار معقولة للمستهلك وفي مختلف المجالات، والاستفادة كذلك من الخبرات الفنية والبشرية والإمكانات المادية والتسويقية والإدارية للشركات التي رسخت أقدامها في السوق، وكذلك ضغط النفقات الباهظة التي تنفقها شركات التأمين لتكوين البنية التحتية والخدماتية لها. ومن فوائد الاندماج كذلك القضاء على المنافسة غير المتكافئة التي قد تضر بشركات التأمين وبالمستهلك على حد سواء.
في المقابل يرى الدكتور عمر زهير حافظ الرئيس التنفيذي للمجموعة المتحدة للتأمين التعاوني «أسيج»، أن كبر حجم سوق التأمين السعودية يبرر الحاجة إلى هذا العدد من شركات التأمين، على اعتبار أن معظم هذه الشركات كانت تمارس نشاطها في السوق منذ وقت طويل قبل صدور التنظيم، فقط أنها أصبحت حاليا تخضع للقوانين والأنظمة السعودية الجديدة في هذا المجال.
وفيما يعتقد حافظ أن السوق السعودية لا يزال لديها القدرة على استيعاب المزيد من شركات التأمين، إلا أنه لم يستبعد أن تواجه الشركات الجديدة خلال المرحلة المقبل بعض الصعوبات. لكنه لم يحدد نوع تلك الصعوبات بقوله: « من العصب الحكم عليها حاليا لأنه لا يزال أمامنا مزيد من الوقت كي تتضح الصورة كاملة عن هذا القطاع».
وذكر حافظ أنه بعد مضي ثلاث سنوات ستكون السوق أكثر نضوجاً، وقد تفرض المرحلة المقبلة على بعض الشركات اللجوء إلى الاندماج، بحيث تكون هناك كيانات تأمين كبرى لتغطية كافة مناطق المملكة، فمثلاً شركة في جدة، الرياض، والشرقية، ويكون الكيان واحداً مشتملاً على فروع.
وحول التأثر في أداء شركات التأمين بسبب الاختلاف بين نظام التأمين في المملكة كونه نظاما تعاونيا وبين لائحته التنفيذية، يقول حافظ إن هناك توقعات بأن الجهة المختصة سوف تقوم بإعادة النظر في اللائحة نتيجة لمطالبات كثير من شركات التأمين، وأضاف قائلا: «لا أعتقد أن لهذا الأمر أثرا في نشاط شركات التأمين عموماً لأن الشركات في النظام يجب أن تتَّزن وبالتالي فالنشاط المتمثل في التأمين الإلزامي لا يتأثر بهذه المسألة».
وأشار الرئيس التنفيذي للمجموعة المتحدة للتأمين التعاوني «أسيج» إلى أنه من المؤمل أن تفتح شركات التأمين فرصا للاستثمار وجذب حجم كبير من السيولة التي لا تجد لها ملجأ في بعض الأحوال إلا الدخول في شركات توظيف الأموال والمساهمات والحلم بالأرباح السريعة وكذلك يؤمَّل من هذه الشركات بث وعي التأمين التعاوني لكافة فئات المجتمع حتى تتم المعرفة بأحكامها وحتى لا يكون عقد التأمين عقد إذعان يقوم المؤمن بتوقيع العقد مع الشركة دون أن يكون عارفاً بأحكامها، وتلك من مهام ومسؤوليات مؤسسة النقد «ساما» وفقاً لأحكام النظام الجديد.