الرهن العقاري.. حل يمكن أن يتحول إلى مشكلة!
هل سيحدث تنظيم الرهن العقاري في حال صدوره تضخما كبيرا في أسعار العقارات في السعودية؟ كان هذا السؤال المحوري الذي طرحناه في مستهل هذا الجزء من التحقيق الذي يستهدف استقراء توقعات السوق قبل حدوثها. كان هذا السؤال لب ما طرحنا على خمسة من أهم العاملين في القطاع العقاري في السعودية، فجاءت إجاباتهم قريبة لكنها مختلفة في معالجاتها فبينما قال إبراهيم بن سعيدان إنه لا يتوقع حدوث مثل هذه المخاوف. اعتبر أن النظام سيؤدي بلا شك إلى إتاحة الفرصة لشريحة جديدة في السوق، وهو ما يعني أن تكون الإيجابيات أعلى من السلبيات، وقال حمد الشويعر إن السوق العقارية ضمن منظومة الاقتصاد الحر، الذي لم يستجب لارتفاع الطلب في وقت معين، لكنه في النهاية سيخضع للقاعدة ذاتها وهو ما يعني أن تأثير النظام سيعود بالنفع لأنه عولج بعناية.
في الوقت ذاته، أشار عمر القاضي إلى الارتفاع في حال حدوثه سيكون وقتيا، في حين قال المهندس محمد الخليل إن نظام الرهن العقاري سيسهم في ترشيد التوازن بين العرض والطلب للمساكن، وسيسهم في حل أزمة السكن ويحد من ارتفاع الإيجارات، حيث سيحفز القطاع الخاص على تمويل وتطوير المشاريع السكنية بالتزامن مع إنشاء بنوك عقارية لتمويل المساكن للمواطنين بينما راهن عبد العزيز الدعيلج على دور الأمانات والبلديات في توفير مساحات كبيرة من الأراضي المطورة سواء عن طريقها أو عن طريق المطورين العقاريين لتفادي مثل هذا السيناريو, آراء عديدة ومقترحات ورؤى طرحها ضيوفنا .. إلى التفاصيل:
#2#
#3#
#4#
#5#
#6#
في البداية سألنا إبراهيم بن سعيدان رئيس مجلس إدارة شركة آل سعيدان للعقارات عن رأيه في نظام الرهن العقاري الذي يتوقع أن يقر قريبا، والتأثيرات المحتملة في السوق العقارية المحلية وتملك المنازل فقال إن مثل هذه التشريعات ستكون دافعاً قوياً لتمكين شريحة واسعة من المواطنين لشراء العقار للسكن، وسيكون له تأثيره في القطاع من ناحية حل المشكلات التي تواجهه وبث الثقة في السوق والمتعاملين فيه. وشدد على أن هذا التنظيم يكتسب أهمية بالغة لأن دور جهات التمويل العقاري الحالي دون الطموح بالنظر إلى حجم السوق العقارية. ورأى ابن سعيدان أن مثل هذه التطورات تسهم في إيجاد سوق ثانوية تساعد على توفير التمويل اللازم للعقار من خلال إتاحة الفرصة للمستثمرين لتكوين شركات تمويل عقاري جديدة، أو شركات تمويل متخصصة وهو المطلب الذي بات ضرورة ملحة لتلبية الطلب المتزايد على الوحدات السكنية في ظل النمو الكبير في عدد السكان وقلة المعروض من الوحدات السكنية.
قلنا لابن سعيدان .. برأيك ما أسباب تنامي أزمة السكن الحالية؟ فقال إن ذلك يعود بالدرجة الأولى إلى عدم اكتمال المنظومة العقارية، فضلا عن التركيز السكاني في المناطق الرئيسة، وضعف الوعي بآليات التمويل العقاري. وخلص إلى أن التمويل العقاري في حال صدور أنظمته وتشريعاته سيوجد قوى شرائية كبيرة تستطيع دخول سوق الشراء من ذلك التمويل.
الشويعر: غيابه
أضعف التمويل
حمد بن علي الشويعر رئيس اللجنة الوطنية العقارية في مجلس الغرف السعودية لم يختلف كثيرا عن ابن سعيدان حول ذات القضية, وزاد أن نظام الرهن العقاري يعتبر المحرك الرئيسي لعملية التمويل العقاري, معتبرا أن غياب هذا النظام أدى إلى ضعف التمويل من قبل البنوك وصعوبة الحصول عليه, فصدور هذا النظام سيسد الثغرة الحاصلة في إيجاد غطاء تشريعي لعملية التمويل العقاري ويؤسس إلى إيجاد آلية تحكم العلاقة بين المقرض والمقترض, ويعطي المؤسسات المالية من بنوك وشركات تمويل الغطاء القانوني الذي يحمي حقوق جميع الأطراف.
دفعة قوية للسوق العقارية
توقع الشويعر أن تحدث نقلة نوعية لعملية التمويل العقاري سواء لشركات التطوير العقاري أو الأفراد, وكذلك سيؤثر في حركة السوق العقارية إيجاباً من ناحية البناء والتشييد, وسيعطي السوق دفعة ويزيد من حركة النشاط العقاري والأنشطة الاقتصادية الأخرى المرتبطة بهذا القطاع، وأن يضيف إلى السوق العقارية, وأن يكون محفزا ومنشطا لحركة التطوير العقاري. وقال إنه مع صدور بقية أنظمة منظومة التمويل العقاري ستؤسس وتسهم في نضج السوق العقارية, حيث سيصل القطاع العقاري إلى الاحترافية المتقدمة وتسد الفراغ الحاصل في البنية التشريعية لهذا القطاع ويمنحه القوة والانطلاقة ويجعله أكثر جاذبية, ويعطي المستثمر المحلي والأجنبي الأمان والاطمئنان.
لا يعد حلا سحريا
حول تأثير الأنظمة في حال إقرارها على عمليات تملك المساكن في السعودية، قال الشويعر إن اعتبار نظام الرهن العقاري المفتاح السحري لهذه القضية أمر غير دقيق، بل إن الحل يجب أن يتعاون فيها القطاع العام والخاص. وعلى الرغم من ذلك لم يشأ رئيس اللجنة العقارية في مجلس الغرف السعودية أن يتجاوز هذه الجزئية دون التأكيد على أن النظام سيتيح لشركات التمويل والبنوك إمكانية إقراض الشركات العقارية والمطور العقاري, ويعطي الفرصة للأفراد بالاقتراض لبناء مساكن خاصة ويسهم في تملك المساكن للأفراد بشكل جزئي.
الخليل: يقضي على قلق البنوك
المهندس محمد الخليل العضو المنتدب لشركة أكوان العقارية نائب اللجنة العقارية في الغرفة التجارية الصناعية في الرياض، كان له الرؤية ذاتها مع سابقيه، بيد أنه حاول التفصيل في قضية التمويل تحديدا فقال إن فرص إيجاد التمويل إلى مشتري المساكن محدودة جدا», وحينها – والحديث للخليل - كانت البنوك تقدم عروض الرهن العقاري في بعض الظروف, ومنها من كان «قلقا» من خطة التوسع وبانتظار الحصول على موافقة الحكومة على تلك العروض للرهن العقاري. وبين الخليل أنه يتوقع أن يفيد الرهن العقاري المواطنين وجميع شركات التطوير العقاري وبالأخص تلك التي تستهدف بناء مساكن خاصة لشريحتي الطبقة الوسطى وما دون ذلك السكان.
فرصة لذوي الدخل المحدود
قال الخليل إن الإسراع في تطبيق نظام الرهن العقار سينعكس إيجابا على حركة السوق عامة وعلى إتاحة الفرصة لذوي الدخل المتوسط والمحدود خاصة من خلال إتاحة الفرصة لتملك مساكن مستقلة لهم إلى جانب إعطاء الفرصة لشركات التمويل العقاري من خلال تسهيل القوانين والأنظمة المتعلقة بإنشاء مثل هذه الشركات التي ستسهم بدورها في تمويل المشاريع العقارية.
إدراج الرهون العقارية
خلص الخليل إلى أن الرهن العقاري سيسهم تباعا» في توفير المسكن لكل مواطن، حيث يعد توفير التمويل لتملك المسكن حجر الزاوية لإتاحة الفرصة لشراء العقار نظراً لأن نسبة كبيرة من سكان المملكة لا يستطيعون تملك المسكن من مواردهم الذاتية، وقال إن الرهن العقاري سيحقق المصلحة بالنسبة للمواطنين للحصول على السكن المناسب وفقا لميزانيتهم ولجهة التمويل لضمان حقوقها. وبين أنه عند إدراج الرهون العقارية في السوق الثانوية سيسهم ذلك في تداولها وبالتالي توسيع قاعدة المستثمرين وإيجاد قنوات استثمار جديدة ومأمونة.
الدعليج: خوف سابق
من القوة الشرائية
التساؤلات ذاتها نقلناها لعبد العزيز الدعيلج, الرئيس التنفيذي للشركة الأولى لتطوير العقارات, فقال: إن الرهن العقاري سيسهم دون شك في نمو القطاع الإسكاني وتسهيل حصول المواطنين من ذوي الدخول المتوسطة على مسكن (بحسب بعض الدراسات التي تشير إلى أن 70 في المائة من المواطنين لا يستطيعون الحصول على مسكن دون تمويل). وشدد على أن هذا الرقم الكبير كان يدفع المطورين العقاريين للخوف من عدم وجود قوة شرائية للمساكن التي ينوون إنشاءها أو ربما يدفعهم ذلك إلى تنفيذ مشاريع متوسطة لأن القوة الشرائية لأكثر من ثلثي المواطنين معطلة في ظل عدم وجود الرهن العقاري.
شركات تمويل وتأمين
توقع الدعليج أن يؤدي إطلاق المنظومة التمويلية إلى زيادة حجم الاستثمار في القطاع التمويلي ودخول شركات متخصصة في التمويل العقاري، واتجاه البنوك إلى الاهتمام بشكل جدي بإيجاد برامج تمويلية تلبي حاجة السوق الإسكانية وربما يدفعها ذلك إلى إنشاء شركات تابعة لها متخصصة في التمويل كما هو الحال في الوساطة المالية والتأمين، مبينا أن نظام الرهن العقاري سيخدم المطورين العقاريين من خلال وجود قوة شرائية عالية تتيحيها الأنظمة التمويلية للمواطنين وبالتالي زيادة أعداد المقبلين على تملك المنازل وتقلص أعداد المستأجرين وهذا الأمر برمته سيدفع الإنتاج في القطاع الإسكاني إلى التصاعد بوتيرة عالية لتضييق الهوة المتسعة بين المعروض والمطلوب.
تنظيم البيئة الداخلية
قال الدعيلج إن السوق العقارية شهدت قرارات تنظيمية في غاية الأهمية هدفت إلى تثبيت أركانها وزيادة حجم الاستثمار فيها، ومن تلك القرارات إقرار مجلس الشورى خمسة أنظمة عقارية وهي مشروع نظام الرهن العقاري ومشروع نظام التمويل العقاري ومشروع مراقبة شركات التمويل ومشروع نظام التأجير التمويلي ومشروع التنفيذ إضافة إلى إقرار مجلس الوزراء آلية عمل لجنة المساهمات العقارية لتصفيتها وتنظيم طرحها فيما بعد والرقابة عليها، كذلك إقرار مجلس الوزراء مجموعة من الضوابط المتعلقة ببيع الوحدات السكنية والتجارية والمكتبية والصناعية على الخريطة، معتبرا أن هذه القرارات تصب في مصلحة السوق العقارية وتنظيم بيئتها الداخلية.
القاضي: شريان
القطاع العقاري
اعتبر عمر القاضي العضو المنتدب لشركة إنجاز أن الرهن العقاري بمثابة الشريان الرئيسي للقطاع العقاري، لا سيما في ظل تغير نمط حياة المواطن السعودي خلال هذه الفترة وزيادة تكاليف الحياة عليه بشكل عام. وقال إن هذا النظام هو من الأنظمة الرئيسية لتنمية القطاع العقاري وقطاع البناء والأعمار في السعودية، وإن مثل هذا النظام معمول به في معظم أسواق العالم. وبدا القاضي متفائلا بالنظام، لأنه ــ برأيه - سوف يوفر التمويل لشريحة عريضة من المجتمع خصوصاً موظفي القطاع الخاص، لكنه لم يخف توقعاته بأن تشهد الأسعار ارتفاعا في بداية التطبيق لأن تأثيره سيكون على المدى القصير فقط.
التأثير المنتظر ..
هل تتضخم الأسعار؟
محورنا الثالث في هذا التحقيق كان عن المخاوف التي تنتاب كثيرا من المراقبين والاقتصاديين حتى الأشخاص العاديين جراء تضخم الأسعار المتوقع، وكيف يمكن الحد من إمكانية استغلال الدخلاء لحاجة الكثيرين إلىالمساكن، عدنا بذلك إلى ابن سعيدان فبين أنه لا يرى مثل هذه المخاوف، بل إنه يرى الصورة أزهى من ذلك خاصة من جانب التوقعات التي تذهب إلى أن يؤدي تطبيق الرهن العقاري إلى زيادة حصة القطاع العقاري من الناتج الإجمالي، حيث يمكن أن يوفر هذا القطاع فرصا وظيفية جديدة، ويحرك نشاط التطوير العقاري وما تتبعه من أنشطة مرتبطة به مثل قطاع المقاولات بكل ما يحتاج إليه من مواد وكوادر بشرية.
حرية الاقتصاد
ستكبح الدخلاء
نقلنا هذه المخاوف إلى الشويعر فقال إن السوق العقارية ضمن منظومة أسواق قطاعات الاقتصاد السعودي وهي من الأسواق الحرة التي تخضع لقوانين وأنظمة الحكومة، وبالتالي فإن صدور الأنظمة ومنها نظام الرهن العقاري هدفه تنظيم السوق وحماية المتعاملين فيها لكي تصبح سوقا مهنية واحترافية وتتحول إلى صناعة عقارية لا مكان فيها للدخلاء. وقال الشويعر إن الخوف من تضخم السوق لا يزال مجرد مخاوف قد لا تحصل لأن السوق خاضعة للعرض والطلب وهذا العنصر هو المؤثر الفعلي لمؤشر الأسعار ووجود نظام الرهن وتزايد التمويل يعطي السوق العقارية التوازن النسبي بين العرض والطلب ويعود ذلك على مؤشر الأسعار بالاستقرار بل قد يكون في صالح العرض.
تحريك السيولة ..
وكبح التضخم
لكن المهندس محمد الخليل اعتبر في رد على السؤال ذاته الذي يدور حول المخاوف من تضخم الأسعار أن نظام الرهن العقاري سيسهم في ترشيد التوازن بين العرض والطلب للمساكن، وسيسهم في حل أزمة السكن ويحد من ارتفاع الإيجارات، حيث سيحفز القطاع الخاص على تمويل وتطوير المشاريع السكنية بالتزامن مع إنشاء بنوك عقارية لتمويل المساكن للمواطنين. وبين أن تطبيق نظام الرهن العقاري سيوسع الطلب على العقار السكني، ومن الضرورة تزامن إطلاق النظام مع المشاريع السكنية العملاقة, مما سيؤدي إلى استقرار الأسعار وتحقيق التوازن بين العرض والطلب مما سيعوق بدوره أي استغلال من قبل الدخلاء.
وقال الخليل: أعتقد أن النظام يعتبر المشجع الرئيسي للتطوير العقاري، خصوصا ما يتعلق بالمشاريع السكنية، وأعتبره الحافز الرئيسي لشركات التطوير العقاري لكي تقدم تسهيلات الرهن للمستفيد الأخير عبر بنوك التمويل العقاري، وذلك لدوره في تسهيل عملية التملك السكني.
وتوقع أن يؤدي النظام إلى انطلاق المشاريع السكنية خصوصا «الضخمة» والذي سيؤدي إلى تحريك عدة قطاعات من أهمها قطاع المقاولات بمختلف فروعه ونشاطاته، مما يؤدي إلى تحريك السيولة ويحد من التضخم.
البلديات .. مراهنة مهمة
راهن عبد العزيز الدعيلج على دور الأمانات والبلديات في توفير مساحات كبيرة من الأراضي المطورة سواء عن طريقها أو عن طريق المطورين العقاريين، وبين أن الخطوة التالية العمل على توفير المعروض لمعادلة الطلب المتوقع للحد من أي احتمالات لتضخم الأسعار، وقال: السؤال الأهم في هذا الجانب هو: هل لدى شركات التطوير القدرة الإنتاجية العالية لتغطية الطلب الكبير على الوحدات السكنية بعد إقرار نظام الرهن العقاري في وقت وجيز؟ وزاد: إذا كان لديها تلك القدرة والكفاءة العالية في توفير مساكن فإن الأسعار لن تتأثر إلا في حدود ضيقة.
لن يقوم على التكهنات
أخيرا نقلنا هذه المخاوف إلى القاضي فقال إنه يتوقع حدوث تضخم في الأسعار على المدى القصير, حيث سيرتفع عدد الراغبين في الشراء على حساب عدد الوحدات المتوافرة في السوق، ولاسيما أن الوحدات السكنية من ناحية العدد تعتبر قليلة في الوقت الحالي نظرا لاختلال معادلة العرض والطلب.
وحول ضرورة الحد من تأثير الدخلاء في هذه الصناعة قال: لا أعتقد أن هناك مشكلة كبيرة في هذا الجانب, حيث إن النظام من حيث المبدأ يطبق حالياً عن طريق البنوك السعودية ويتم تمويل الراغبين عن طريق المصارف. وشدد على أن النظام سيحمل بين طياته ما يضمن حماية الطرفين (المقرض والمقترض) ولن يكون قائماً على تكهنات بل تقييم من جهات ذات خبرة في مجال التقييم العقاري. وخلص إلى القول إنه لا يمكن – عمليا - منع الأسعار من الارتفاع جراء ارتفاع الطلب مقابل العرض، فعند ندرة العرض وكثرة الطلب يتوقع ارتفاعها وهذه نتيجة اقتصادية حتمية. لكنه طرح عدة حلول أو كوابح لذلك من بينها تشجيع شركات التطوير في مجال البناء، وتوفير خطط ومناطق تطويرية لمساعدتهم في هذا الجانب.