المستثمرون المؤسسون يكتشفون أهمية أسواق المواد الخام

المستثمرون المؤسسون يكتشفون أهمية أسواق المواد الخام

المستثمرون المؤسسون يكتشفون أهمية أسواق المواد الخام

لعل التغير الذي شهدته الأسواق خلال الأسابيع القليلة الماضية في أسعار النفط و المعادن الأساسية يكون مؤشرا على عودة المناخ المناسب لقيام المزيد من المؤسسات الاستثمارية بإحراز تقدم في أسواق المواد الخام. ولا تزال المؤسسات الاستثمارية تفضل التوجه إلى الصناديق الاستثمارية وصناديق المعاشات التقاعدية، والتأمينية، والتي تعرف باستثماراتها الهزيلة نسبياً مقارنة بسوق المواد الخام. ولكن بعد أن تم أخيراً تغيير الشروط العامة في بعض الدول مثل ألمانيا لصالح توفير المزيد من الأمان فقد يكون من المتيسر لهؤلاء المستثمرين التقدّم الآن بثقة نحو أسواق المواد الخام على نحوٍ شامل.
و تفيد تقديرات مجموعة باركليز المالية الكبرى أن حجم الاستثمارات الإستراتيجية للمؤسسات الاستثمارية في أسواق المواد الخام قد ارتفعت منذ عام 1999 من 5 إلى 80 مليار دولار حالياً، ومن المتوقّع أيضاً أن يستثمر أصحاب الأموال حتى عام 2008 المزيد من الدولارات، تُقدّر بنحو 40 مليار دولار في هذه الأصناف من الموجودات. إلا أن مجموعة ( باركليز) أفادت أيضا و خلال مؤتمر استثماري عقد أخيرا أن نحو ما يعادل نصف المستثمرين لم يوجهوا أموالهم بعد في هذه المحفظة الاستثمارية الإستراتيجية. وعلى ما يبدو فإن نحو 40 في المائة من المستثمرين، الذين احتفظوا بنسبة 7.14 في المائة من المواد الخام ضمن سنداتهم، أشاروا إلى رغبتهم في استثمار المزيد من الأموال في صناديق استثمارات المواد الخام هذا العام. ويستدعي تدفق رؤوس الأموال و متطلبات المستثمرين ضرورة توافر منتجات أساسية مركبة في أسواق المواد الخام كما هو الحال في الأسواق التقليدية للأسهم و القروض. ويقول ( تورستن دي سانتوس) مدير المنتجات الأساسية من المواد الخام في مجموعة ( باركليز): "لم يعد المستثمرون يبدون رضاهم أكثر عن الاستثمارات السلبية، حيث يعتمدون بصورة سيئة على رفع أسعار المعادن، وشراء القوائم". "وأن السوق تطلب دوماً وجود منتجات أساسية و هي التي تُسمّى بـ "الجيل الثالث".
ويشير دي سانتوس إلى أن المستثمرين بدأوا يتخلفون عن الاستثمارات السلبية في أسواق المواد الخام، وأنهم يريدون الاستفادة بحيوية من علاقات الأسعار المتباينة، أو التقلّبات في السوق".
والملاحظ أن حجم الطلب ازداد على هذه التقنيات هذا العام، بالإضافة إلى نشوب طابع مترابط في علاقات الأسعار الذي تميّزت به أسواق المواد الخام خلال العام الماضي. ويتوقّع محللون في بنك "جولدمان زاكس" الاستثماري أن تدعم أسعار المواد الخام هذا العام المعدل التخزيني الشحيح، و اختناقات التزويد وارتفاع حجم الطلب، خاصةّ من قبل دول آسيا. إلا أنه من الممكن أن يتبع معدل الأسعار المرتفع عواقب مختلفة تبعاً لاختلاف المواد الخام واستخداماتها الصناعية. وحسب البنك الاستثماري فإن المعادن الأساسية لا تعتبر منتجات نهائية من الممكن أن تؤدي على المدى القصير إلى رد فعل على الطلب لدى ارتفاع معدل الأسعار. إن ارتفاع سعر البنزين يؤثّر في العلاقات الاقتصادية للسكّان ولكن ارتفاع أسعار قضبان النحاس مثلا لم يمنع أحدا من بناء المنازل".
إضافة إلى ذلك فإن مرونة الطلب المتباينة على المعادن تشهد تأثيراً في الأسعار، حيث يستفيد معدن الألمنيوم مثلاً من محاولة قطاع الصناعة الاستغناء عنه بمعدني النحاس و الخارصين نظراً لارتفاع معدل أسعارهما العالمي. وبما أن المعدل التخزيني للمواد الخام وصل إلى حد متدنٍ جداً، مما أدى إلى تطوير معدلات نادرة من الأسعار في السوق، من الممكن أن تهبط سريعاً، مما قد يؤدي إلى خفض حجم الطلب بصورة مفاجئة، أو تقليص اختناق التزويد، غير أن ارتفاع معدل أسعار النفط على سبيل المثال، يقترن بطلب متزايد بصورة طردية، ومن الممكن أن يؤدي إلى البحث عن مسالك بديلة للطاقة من المواد الخام، مثل السكر، الذي يساعد على استخلاص الكحول الحيوي على سبيل المثال.
يمكن للمستثمرين الآن اعتناق توقعات جولدمان زاكس بسهولة، التي تشير إلى احتمال ارتفاع أسعار الألمنيوم، و الخارصين، ومتابعة التعديلات الكبرى فيما يتعلّق بالنحاس، والتي لم تنته بعد، وارتفاع معدن النيكل بصورة طفيفة فقط، ويمكن للمستثمرين أيضاً الاستفادة من المنتجات الإنشائية الحديثة، وخاصةً عندما ينطلق عنان العلاقات السعرية فيما يتعلّق بأهم منتجين، ألا وهما النفط و الذهب. وتستنتج مجموعة باركليز من هذا أن الأزمات السياسية في كلٍ من نيجيريا، إيران، والعراق، وكذلك النشاطات الاستثمارية الاستبدالية فيما يتعلّق بسعات المصافي الإنتاجية، من الممكن كلها أن تحافظ على أسعار النفط لتبقى على ما هي عليه الآن، إن لم تؤدِ إلى رفعها أكثر.
أما بالنسبة إلى معدن الذهب، فتبدو التوقعات على نحوٍ آخر، حيث ذكر مجلس الذهب العالمي أخيراً، أن الاستثمارات الاستراتيجية للمستثمرين الماليين في سوق الذهب ارتفعت العام الماضي نحو 26 في المائة، وخاصةّ خلال الربع الأخير من عام 2005. وحذرت مجموعة باركليز المالية من أن ارتفاع أسعار الذهب يرجع إلى ارتفاع حجم المضاربة بشدة في عمليات الشراء. وفي حالة قرر هؤلاء المستثمرون تغيير آرائهم الاستثمارية، فإنه من غير المتوقّع أي تعديلات في سوق الذهب عمّا قريب، إلا أن مجموعة باركليز تنصح بتقليص حجم المعاملات التجارية في سوق الذهب خلال الفترة القريبة المقبلة.
ويمكن للمستثمرين المؤسسين في الوقت الراهن شراء منتجات فردية مقتطعة، عن طريقها يمكنهم الاستفادة في فترات تطوّر الأسعار المندفع بحدة من كلتا المادتين الخام. وتعود سندات هذه المنتجات المُقارنة على المستثمرين عند الاستحقاق بالمقابل بما يعادل 100 في المائة من الأرباح، بالإضافة إلى الفرق المحقق في تطوّر الأسعار النسبي لكلتا المادتين الخام. وغيرها من المنتجات الجديدة التي تُدعى بسندات
" - "Call-Outer Bonds وهي سندات يمكن صرفها قبل أوان استحقاقها- التي تحظى بمواصفات مشابهة للسندات السابق ذكرها، وتعود بأرباح عند الاستحقاق بما يعادل 100 في المائة. ويعتمد المستثمر فيها على أمل أن تحافظ أسعار المادة الخام على المعدل نفسه، أو أن يرتفع على الأقل. فإذا كانت هذه الحال خلال عام، يحظى المستثمر بأرباح تُقدّر بنحو 10 في المائة. وإذا كانت هذه الحال عقب عامين من الزمان، يتم تمديد الفترة الزمنية المتفق عليها، وبالتالي يعود السند حينها بأرباح تُقدّر بنحو 20 في المائة.

الأكثر قراءة