نتائج غير مشجعة للأداء الاقتصادي لحكومة ميركيل

نتائج غير مشجعة للأداء الاقتصادي لحكومة ميركيل

ما بين طرفة عين وارتدادها يغير الله من حال إلى حال ...
فقبل أسابيع قليلة أخذت مجلة "الايكونومست" الاقتصادية المتخصصة تمتدح قطاع الاقتصاد الشعبي في ألمانيا وتخلع عليه عبارات الثناء .
ولكن اليوم ومع ظهور نتائج المائة يوم الأولي من عهد الحكومة الألمانية الجديدة برئاسة أنجيلا ميركيل اختلف الحال تماما. لقد آن أوان الصحوة وخيبة الأمل اللتين عبرت عنهما هيئة تحرير " الايكونومست" نفسها بعد أن رسمت صورة ناقدة لحالة أكبر دولة في القارة الأوروبية من وجهة النظر الاقتصادية. والسؤال الآن : ماذا بعد؟! هل نستبشر خيراً إزاء حالة النهوض التي استمرت متماسكة رغم التقلبات الإحصائية التي أحاطت بالربع الأخير من العام المنصرم؟ أم عسانا نكتب عن النمو الاقتصادي البليد ودورات الازدهار تارة والركود تارة أخرى التي تولدها الظروف السياسية السائدة؟
إن ثمة رؤى متعددة مما يمكن للمرء أن يسعى لبلوغ استنتاجات مختلفة أيضاً. حيث من الممكن الجمع في الوقت نفسه بين تحسين القدرة التنافسية عالمياً من خلال مستوى أقل من الأجور نسبياً، وإبقاء البطالة على نفس المستوى التي هي عليه في أوساط العمال غير المهرة. وكذلك الجمع بين استمرار الجهود المبذولة لتقليص النفقات العامة و بين تواصل تلبية مطالب أنظمة الضمان الاجتماعي، وأيضاً يمكن الجمع بين زيادة الإنتاج من السلع القابلة للتبادل التجاري والركود في القطاعات الخدمية. إن قطاع الاقتصاد الشعبي في ألمانيا في النهاية ليس إما أبيض وإما أسود، وإنما هو أشبه ما يكون بقطعة سجاد ملونة بمجموعات متدرجة من اللون الرمادي.
وتعكس القطاعات المختلفة لسوق رأس المال هذا الواقع بالفعل ، فأسواق الأسهم ليست معنية إلا بذلك الجزء من الاقتصاد الذي يجري تداول أسهمه في البورصة، أي المنشآت الاقتصادية المشمولة بمقياس داكس و إم – داكس وهذه المنشآت تضم تلك التي تتمتع بمكانة عالمية عالية من حيث كمية الإنتاج وحجم المبيعات، كما تشمل حتى المؤسسات المتوسطة الحجم وغير المدرجة في الأسواق المالية. إن احتمالات حدوث نمو ولو متواضع نسبياً مع الاطمئنان لوعود البنك المركزي الأوروبي فيما يتعلق بالتضخم أضفى إيجابية على أسواق الأوراق المالية. ويبدو أن أسواق العقار في ألمانيا كانت هي الوحيدة التي أظهرت ردود فعل واضحة، في السنوات الماضية على ضعف الاقتصاد الكلي.
نقاشات حامية الوطيس اشتعلت من جديد بين أنصار جانب العرض وأنصار جانب الطلب حول ما هو مطلوب عمله من الآن فصاعداً. ومن يؤكد من هؤلاء على مسائل جانب العرض ينظر إليه على أنه شخص صاحب وجهة نظر بالية ، أما من يعطي الأولوية لجانب الطلب فينظر إليه على أنه من أصحاب الرؤى الحديثة. إن التناقض بين الطرفين يتبلور في الإجراءات المقترحة. ففي هذا الجانب ثقة في التوجيه على مستوى الاقتصاد الكلي: إن علينا أن نسمح بمزيد من ارتفاع الأجور، وإبقاء مستوى الفوائد البنكية على ما هو عليه الآن، ووضع حد لبرامج التوفير التي من شأن استمرارها تعريض البلاد للأذى مع التوصية بيع مخزون الذهب المدخر لدى البنك المركزي الاتحادي.
إن هذا الانقسام إلى مناصرين لجانب العرض ومناصرين آخرين لجانب الطلب هو بالذات مكمن الخطأ في بداية النقاش، حيث إن بالإمكان العمل من أجل سياسة سوقية مرنة مع تجاوز مؤقت لمعايير اتفاقية "ماستريخت"، وزيادة الأجور بما يتساوى ونمو الإنتاجية، مع انتهاج سياسة نقدية مرنة وفي الوقت نفسه التصدي للموضوعات الهيكلية كتدني الأجور وللتأمينات الاجتماعية وما إلى ذلك. إذ من المعروف أن من يدعو لرزمة غير مكتملة من الإجراءات سوف لن يحقق سوى نجاحات غير مكتملة.

الأكثر قراءة